العالم أعمى وأطرش في فلسطين ويرى ويسمع في أوكرانيا – نضال حمد
العالم عندما تقتضي الضرورة يرى كل شيء لكن بعيون أمريكية صهيونية. يراه كما تراه الإمبروطورية العدوانية الأمريكية حامية وراعية “اسرائيل” الصهيونية. إذا قالت الولايات المتحدة الأمريكية أن البلد الفلاني يجب أن يحاصر ويحارب ويعاقب ويعزل ويدمر، مثلما كانوا فعلوا بالعراق ومن ثم بسوريا، فإن كل دول العالم التابعة لها سوف تعمل بكلامها وتنفذ ما تريده سواء بإرادتها أو رغماً عنها.
الآن تريد ولايات أمريكا المتحدة من العالم كله أن يعزل روسيا ويحاصرها بعد غزوها لأوكرانيا، وكأن أمريكا التي كانت خلال السنوات الثلاثين الأخيرة غزت الكثير من البلدان وجوعت الكثير من الشعوب والأمم، وتدخلت فعلياً بشكل مباشر في نحو خمسين دولة بالعالم. كما وسبق لها أن استعبدت الزنوج وأبادت الهنود الحُمر وبعد ذلك في الستينيات هنود الهند أيام أنديرا غاندي، وارتكبت أبشع انواع الجرائم والقصف في فيتنام وافغانستان والعراق وسوريا وليبيا واليمن وأمريكا اللاتينية.. كما سبق لها ودخلت موسوعة جينيس للارهاب العالمي حين قذفت بالقنبلتين الذريتين على اليابان، واستخدمت اليورانيوم المخصب والنابال والقنابل الفراغية والفوسفورية في العراق وافغانستان وغيرها… وحاصرت وجَوعت كوبا والشعب الكوبي لأكثر من خمسين سنة… ورعت ودعمت وتبنت كل الديكتاتوريات في العالم. هل ولايات أمريكا المتحدة هي من يوزع الشهادات على الدول والشعوب والحكام، وهل هي من يحق له تصنيفهم هذا سيء وذاك جيد وهذا إرهابي وذاك مسالم؟؟؟.
اجتاحت الولايات المتحدة الأمريكية وغزت العراق وافغانستان بدون أي سبب عقلاني ومنطقي وشاركتها في ذلك الدول نفسها التي تتباكى الآن على اوكرانيا وتستقبل ملايين اللاجئين الأوكرانيين. كما أن الجيش الأوكراني نفسه شارك في غزو واحتلال العراق. دمرت وارتكبت المذابح والمجازر وقتلت وجرحت ملايين الناس هناك. للعلم لازال الأطفال في العراق حتى هذه اللحظة يولدون مشوهين خلقياً بسبب آثار اشعاعات سلاحها النووي واليورانيوم المخصب والأسلحة الفتاكة التي استخدمتها في العدوان على العراق والعراقين. لذا على الولايات المتحدة الأمريكية أن تنظر إلى نفسها في المرآة ومن ثم تتحدث عن الآخرين.
تصوروا إلى أين وصلنا خلال أيام معدودة؟
حتى أن دولاً تعتبر مسالمة ومحايدة مثل السويد وسويسرا وفنلندا، فجأة وبدون سابق إنذار تحربجت وتعسكرت وتبدلت رأساً على عقب. كأن الروس في طريقهم الى غزوها واحتلالها بعد غزو أوكرانيا.
كل الذين يتباكون على الشعب الأوكراني الآن هم أنفسهم أداروا ظهرهم للشعوب الأخرى ومنها الشعب الفلسطيني. 75 عاماً من النفاق الدولي والانحياز الى جانب الارهاب والاحتلال الصهيونيين ورعاية “اسرائيل” كطفل مدلل. هذه الدول التي أصابها الصرع والهلع بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، هي خزان الهجرات اليهودية الصهيونية للاستيطان في فلسطين المحتلة. فمعظم اليهود الصهاينة جاءوا منها ولازالوا يحملون جنسياتها الى جانب الجنسية “الاسرائيلية”، مثلما هو حال الرئيس الأوكراني “زاونسكي” وعدد كبير من الوزراء في حكومته بالإضافة لقائد جيشه، الذي يقاتل الروس الآن، وكثير من اليهود الصهاينة.
75 سنة من التفرج على مأساة الشعب الفلسطيني ونكبته وضياع وطنه وتشرده وحياته المريرة والصعبة والقاسية في المخيمات. تلك المخيمات التي كانت ولازالت تقصفها طائرات وصواريخ “اسرائيل”، الممولة من مليارات دافعي الضرائب الغربيين والأوروبيين، وبالذات من دافعي الضرائب في ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
75 سنة ودول أوروبا وبالذات الشرقية وفرنسا تصدرن الى فلسطين المحتلة ولأجل كيان الاحتلال “الاسرائيلي” قطعان الارهابيين اليهود، الصهاينة، للاستيطان في بيوتنا ووطننا فلسطين. يهود صهاينة عنصريون، مجرمون، استعماريون، متعصبون ومتشددون دينياً وصهيونياً، يهاجرون ويجيئون الى فلسطين المحتلة من أمريكا وإفريقيا وآسيا وأوروبا بدعوى أن فلسطين هي أرضهم ووطن اليهود وأن “اسرائيل” هي أرض الميعاد ولا مكان فيها لغير اليهود ولا لسكانها الأصليين الذي يريد الصهاينة رميهم في البحر.
أيها المستوطنون والمستعمرون الصهاينة لا يوجد “اسرائيل” ولا توجد أرض ميعاد، هناك في أرض كنعان توجد فقط فلسطين وهي أرض لشعبٍ عربيٍ فلسطينيٍ، يريد الحرية والحياة بسلام. شعب يقاتل ويناضل ويمارس الكفاح بلا هوادة لأجل التحرير وسوف ينتصر… وبعد ذلك لن يكون لكم مكان في بلادنا فإما هناك تدفنون أو تعودون الى بلدانكم الأصلية من حيث جئتم وجاء أهاليكم وكل أشباهكم من الصهاينة المستوطنين.
أوكرانيا خزان الاستيطان اليهودي المتجدد…
أحدث دفعة جديدة من يهود أوكرانيا غادرت قبل أيام مطارات عواصم جارة لاوكرانيا باتجاه فلسطين المحتلة. كما سوف تغادر أوكرانيا خلال هذه الحرب آلاف العائلات اليهودية التي ستعمل الوكالة اليهودية الصهيونية على إرسالها للإستيطان في فلسطين المحتلة. ربما أن بعض اليهود في أوكرانيا وخاصة الذين يعيشون في منطقة “لفيف” والحدود مع بولندا، قد لا يقبلون بالهجرة الى “اسرائيل” لأنهم يعتبرونها بلداً غير آمن وغير مستقر ومستقبلها موضع شك كبير. أضافة الى أنهم يعيشون بسلام وأمان وفي إزدهار في “لفيف” ومحيطها وجوارها. فتلك المنطقة لم تتعرض للغزو والقصف والغارات الروسية وربما لن تتعرض لذلك. فلماذا يذهبون الى الشيطان الصهيوني الذي حول جنة الأرض الى جهنم في الشرق الأوسط.
كما ترون فإن كل شيء في أوروبا يصب في خدمة ومصلحة “اسرائيل” سواء في وقت السلم أو في وقت الحرب. بعض الغاز الروسي سوف يعوض بالغاز الفلسطيني الذي تسرقه “اسرائيل” من أرضنا المحتلة. مكسب اقتصادي مالي هام جداً لخزينة الصهاينة. أما موافقة الرئيس بوتين على وساطة بينيت رئيس وزراء الصهاينة بينه وبين رئيس أوكرانيا وبناء على طلب المستوطن الصهيوني زاونسكي رئيس أوكرانيا، ستظهر “اسرائيل” راعية للسلام فيما إذا تحقق وقف إطلاق نار وانفراجة في الحرب، عندها ستظهر “اسرائيل” كأكبر حمامة سلام في العالم. مع العلم أنها أكثر دولة إرهاب وعدوان واحتلال وإجرام في العالم.
في هذا الخصوص يجب أن نذكر بأنه لا أحد من دول النفاق الغربي وقف في وجه الصهاينة. ولا أحد قال لهم أنهم محتلون وقتلة ومجرمون ومستعمرون سرقوا واحتلوا وطن الشعب الفلسطيني… وأنه يرفض تهجير يهود بلاده الى فلسطين المحتلة للاستيطان فيها مكان السكان الفلسطينيين الأصليين. بإعتقادي أن غالبية الحكام الأوروبيين أصلاً سعداء بمغادرة اليهود بلدانهم نحو فلسطين المحتلة، وإن لم يعبروا عن ذلك علانية. أما “اسرائيل” فهي أكثرهم سعادة لأن معظم دول أوروبا تنفذ وتدعم سياساتها الاستيطانية بالعنصرين البشري والمادي، مثلما فعلت أوروبا على مر التاريخ الصهيوني الحديث.
نكاية بروسيا
نكاية بالغزو الروسي وخوفاً منه خلال 24 ساعة كان الغرب كله ومعه كل أذناب الولايات المتحدة الأمريكية في العالم يقفون الى جانب أوكرانيا ورئيسها المستوطن الصهيوني “الاسرائيلي”. تصوروا أنهم فعلوا ذلك في وقت قياسي أيضاً يصلح لدخول موسوعة جينيس للنفاق. أما نحن فمنذ 75 سنة كنا ولازلنا نطالبهم بالعدالة والمساعدة دونما فائدة تذكر. فدم الشعب الفلسطيني مباح بينما دماء الشعب الأوكراني غير مباحة. ووطننا مستباح ومحتل من قبل يهودهم الصهاينة بينما ممنوع على الروس وغيرهم أن يغزوا أو يحتلوا أوطان الأوروبيين بسبب أو دونما سبب. آلاف المجازر والاعتداءات “الاسرائيلية” في فلسطين ولبنان ومصر وسوريا والاردن وغارات عديدة على العراق وتونس والسودان وسوريا وغيرها، ولا إدانة من أي بلد اوروبي ولا وسائل اعلام اوروبية تتحدث عن ذلك وإن تكلمت تقلب الحقائق رأساً على عقب، فيصبح الجلاد ضحية والضيحة جلاداً. وهذا يقودنا الى قناعة أنه يحق لليهودي الصهيوني “الاسرائيلي” ما لا يحق لغيره. فهو كان ولازال وربما سيبقى فوق القانون.
هذا فيما يخص فلسطين وحدها.
أما ارهاب وجرائم الولايات المتحدة الأمريكية واداراتها المتعاقبة وجرائم حلف الناتو ضد الانسانية في العراق، وقتل نحو مليونين من العراقيين، وتدمير البلد بعدما كان أكثر بلدان العرب تقدماً وتطوراً وتقسيمه الى كانتونات طائفية ومذهبية وإثنية… وسرقة ثرواته ونفطه وحتى آثاره. تلك الجرائم التي ارتكبت بدون أي سبب مقنع أو دليل مادي ضد النظام العراقي في حينه، كانت ببساطة من أجل السيطرة الأمريكية الغربية المطلقة على الشرق العربي ومن أجل حماية “اسرائيل” على المدى البعيد. وأرادت الولايات المتحدة الأمريكية أن يكون العراق عبرة لكل دول العالم الثالث والرابع والأول والثاني في تعاملها مع من يقول لها لا. ولا تنسوا أيها القراء أن وحدات من جيوش أوكرانيا وجاراتها من الدول الأوروبية شاركت في احتلال وتدمير العراق وقتل العراقيين.
ايات المتحدة الأمريكية واداراتها المتعاقبة وجرائم حلف الناتو ضد الانسانية في العراق، وقتل نحو مليونين من العراقيين، وتدمير البلد بعدما كان أكثر بلدان العرب تقدماً وتطوراً وتقسيمه الى كانتونات طائفية ومذهبية وإثنية… وسرقة ثرواته ونفطه وحتى آثاره. تلك الجرائم التي ارتكبت بدون أي سبب مقنع أو دليل مادي ضد النظام العراقي في حينه، كانت ببساطة من أجل السيطرة الأمريكية الغربية المطلقة على الشرق العربي ومن أجل حماية “اسرائيل” على المدى البعيد. وأرادت الولايات المتحدة الأمريكية أن يكون العراق عبرة لكل دول العالم الثالث والرابع والأول والثاني في تعاملها مع من يقول لها لا. ولا تنسوا أيها القراء أن وحدات من جيوش أوكرانيا وجاراتها من الدول الأوروبية شاركت في احتلال وتدمير العراق وقتل العراقيين.
نضال حمد
9 آذار – مارس 2022