العرب والأحباش.. و”القومية المصرية”! – عبد اللطيف مهنا
بزعم تخلي العرب عن دعم مصر في مسألة سد النهضة، تتعالى أصوات مصرية مطالبة بتغيير مسمَّى الدولة الرسمي من “مصر العربية” إلى “المصرية”، وتدعوا لاعتماد “القومية المصرية” بديلاً “للقومية العربية”.
هذه الأصوات ليست جديدة، كانت قبل “سد النهضة”، لكنما به ارتفاعها يتذرَّع وبه يزداد، وتؤيدها نخباً، وحتى نواباً، هي حتى الآن إما متغربنة، أو متصهينةً، أو متفرعنةً، أو من تلك الحربائية التي تجيد تغيير لون جلدها وتبديل أيدولوجياتها مع تغيُّر البيئات وتبدُّل المراحل.. ذهبت إحداهن، أميرة أبو شهبة، شأواً عنصرياً كريهاً، فقالت إن “اعتماد العروبة كهوية موازية للقومية المصرية لا يليق بالدولة الوطنية ولا بعظمة مصر”!!!
لم يتخلى العرب يوماً، ولا هم بقادرين، عن مصرهم، وإنما تخلت “مصر كامب ديفيد” عن عروبتها، عن نفسها، عما تعنيه، بتخليها عن دورها القومي الريادي، حين أعطت الأمريكان “مئة في المئة من أوراق الحل”، أو طابو تصفية قضية قضاياهم، فألحقت بأمتها ما تلاه من مذبحة إرادةٍ سياسيةٍ مازالت متواصلة، وعليه، لم تتخلى أغلب الأنظمة العربية عن مصر، وفلسطين فحسب، بل وحتى عن نفسها.. وبتخلي “مصر كامب ديفد” وصلت مصر الراهن إلى ما هي عليه.. ومنه، التعاون مع الصهاينة في محاصرة الأشقاء في غزة، وجرأة الأحباش على تعطيشها!
.. هذه الدائرة الحضارية الواحدة من المحيط إلى الخليج، التي دشَّنت التاريخ، لم تكن يوماً، وعبر تاريخها، وبكامل جغرافيتها، وفي سائر حقبها، وكافة مراكزها، وبشتى مسمياتها، إلا واحدة، والعروبة خلاصتها وهويتها، ووحدها مستقبلها، بل ملاذها وخندقها الأخير.. واسألوا جمال حمدان، وتذكروا جمال عبد الناصر..