“العصبوية مرض مزمن يسيطر على كثير من الفلسطينيين الفصائليين”
كلما تقدمت في العمر وتمرست أكثر في العمل عرفت وأيقنت أنه لا فرق كبير بين غالبية أعضاء الفصائل الفلسطينية بيسارها ويمينها من ناحية التعصب الفصائلي. لقد قتلت العصبوية الفصائلية الانتماء للوطن وجعلته في المركز الثاني وربما الثالث بعد وضع الزعيم والتنظيم أو الفصيل أو الحركة أو الحزب في المركزين الأول والثاني.
كنت حتى وقت قريب أؤمن بأن هناك فرق بين بعض الفصائليين وبين أعضاء تنظيمات أخرى. لكن يبدو أن هذه كانت مجرد أوهام. فعند الاختبار الحقيقي لبعض الناس الذين كنت أظنهم من طينة أخرى غير طينة الآخرين، تبين لي أنني كنت واهما وعلى خطأ. فكثيرين منهم حقيقة لا يختلفون عن غيرهم ويقدسون فصيلهم ولا يقبلون النقد في كثير من الأحيان.
أقول هذا عن تجربة ومعرفة متسلحاً بالوقائع. أقوله أيضا وتغمرني الآن مشاعر غير سارة ومريرة بسبب ذلك. لأن العصبوية قاتلة ومدمرة ولا تقود إلا للهاوية.
أليست العصبوية الفصائلية هي التي طغت على التجربة الفلسطينية وقادتنا الى التجربة الاوسلوية؟
أليست العصبوية التنظيمية والحزبية هي سبب من أهم أسباب فشلنا؟ بالتأكيد هي كذلك.
من السذاجة أن لا يتعلم الانسان من تجاربه مع الآخرين خاصة الانسان المجرب والملتزم والثابت على المبادئ والقيم والأخلاق والانتماء لفلسطين، لقضيته ولأمته ولانسانيته.
لقد مررت في حياتي بتجارب كثيرة وهامة خاصة أثناء العمل مع الفلسطينيين في أوروبا بالذات. تلك التجارب الفلسطينية الأوروبية خاصة علمتني الكثير وجعلتني أفكر مائة مرة قبل أن أخطو أي خطوة. فالمثل الشعبي يقول “لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين”.