العلاقات الاقتصادية المصرية الجزائرية – الدكتور عادل عامر
تتجه مصر والجزائر إلى توطيد العلاقات الاقتصادية والتجارية بينهما على نحو أكبر، في ظل ما تطرحه التهديدات على دول الشمال الأفريقي، وتحديداً التهديد الإرهابي الذي يواجه القطبين. وهذا ما أكدته نتائج اليوم الأول لاجتماع اللجنة المشتركة بين البلدين في القاهرة، أنه جرى “توقيع 17 مذكرة تفاهم بين البلدين في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية والنفط والغاز”.
أن مصر “ستستمر في كونها أكثر الدول استثماراً في الجزائر… و(أنه) اتُخذت قرارات لتسهيل التأشيرات، وزيادة خطوط الطيران بين البلدين… كما سيكون هناك تدفق للسياحة الجزائرية لمصر إن هناك تعاونا بين البلدين “لتزويد مصر بالغاز”.أن التعاون بين مصر والجزائر يمكن أن يتوسع بشكل أكبر بما يتناسب مع العلاقات التاريخية وعوامل اللغة والثقافة المشتركة، مضيفًا أن الهيئة ترحب بالتعاون مع أي مستثمر أجنبي يرغب فى استثمار أمواله في مصر من خلال عرض الفرص الخاصة بالاستثمارات في مختلف المحافظات وإمكانات التعاون في المشروعات الكبرى.
إن الارتقاء بمستوى علاقاتها مع مصر إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية، بما يساهم في تعزيز جهودهما في التصدي للأخطار التي تحيق بالمنطقة، ودفع عملية التنمية الاقتصادية في كلا البلدين”. إن “حركة التبادلات التجارية بين البلدين، تضاعفت خلال 3 سنوات لتصل إلى ما يقرب من 1.5 مليار دولار عام 2012، مقابل 750 مليون دولار عام 2009، وذلك نتيجة الرغبة الحقيقية من الجانبين في التغلب على كل ما يعترض زيادة حجم التبادل التجاري للوصول به إلى المستوى المنشود، الذي يتناسب مع الإمكانات الإنتاجية والتصديرية في البلدين”. أن “اللجنة ستبحث خلال اجتماعات هذه الدورة أيضاً زيادة حجم الاستثمارات المتبادلة والمشتركة بين مصر والجزائر، وأن الإحصائيات تؤكد أن مصر تحتل المركز الأول بين رؤوس الأموال المتدفقة من الخارج للجزائر
أن بلادها “تتطلع لزيادة تدفقات رؤوس الأموال الجزائرية للاستثمار في مصر، في ضوء ما يشهده الاقتصاد المصري من نمو واعد وما هو مطروح من مشروعات استثمارية كبرى”.ترتبط مصر والجزائر بعدة اتفاقيات تنظم العلاقات والتعاون بينهما في المجال التجاري والاقتصادي، ومن أهمها : اتفاق التجارة واتفاق التعاون الاقتصادي والفني الموقعين في أكتوبر 1991 ، واتفاق تشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة الموقع في مارس 1997، واتفاق تجنب الازدواج الضريبي الموقع في فبراير 2001 ، وبروتوكول التعاون في مجال الاستثمار الموقع في يناير 2005 . كما ترتبط البلدان بلجان قطاعية مشتركة في مختلف المجالات الاقتصادية . ولا توجد بيانات تفصيلة حديثة حول حجم استثمارات الشركات المصرية التي يبلغ عددها 50 شركة بالجزائر إلا أنه وفقًا للسفارة المصرية بالجزائر بلغ حجم الاستثمارات المصرية حوالي مليار ونصف المليار دولار خلال العام المالي 2011/2012، بحجم عمالة يبلغ 4 آلاف عامل. وبعد عام 2010 ومباراة كرة القدم بين مصر والجزائر في أم درمان، هبطت الاستثمارات المصرية هناك لتبلغ 400 مليون دولار فقط، بينما انخفض أيضا حجم الجالية المصرية المقيمة في الجزائر بشكل كبير جدا إلى نحو 4 آلاف مصري بعد أن كانوا 36 ألف مصري. وقبلها كانت تلك الاستثمارات تقدر بحوالي 6 مليارات دولار، مثلت حينها أكبر استثمار خارجي لمصر على مستوى العالم، وتوزعت بين قطاع الإنشاءات بقيمة تتجاوز 3,76 مليار دولار والاتصالات بالجزائر بقيمة 2.29 مليار دولار. وحتى أكتوبر 2012، تستثمر حوالي 50 شركة مصرية بالجزائر، وكانت قد شهدت الاستثمارات المشتركة أزمة بين شركة جيزي للاتصالات المحمولة المملوكة لأوراسكوم تليكوم المصرية والحكومة الجزائرية حول ضرائب تقدر بملياري دولار. لم يحن الوقت لتاخذ النخب الفكرية والأدبية والعلمية دورها في وقف التدهور الأخوي، وتصحيح التفاعلات الاجتماعية ووقف اقحام القطرية على انها مركزية صراع وصد تشويه الوعي. الم يحن الوقت لنساهم في رؤية عربية على شاكلة رؤيا الشيخ محمد بن راشد بن مكتوم، والتي جذبني فيها ان أحلام الغزال الاستيقاظ وهو قادر على الركض كاسرع من اسرع اسد ليبقى في سباق الحياة، وأما الاسد فهو يحلم ان يصحو اسرع من ابطأ غزال ليبقى حيا،وان يكون حلما للمثقفين العرب في أحياء العقل العربي وخلق ثقافة معاصرة بديلا للاحباط الذي اصاب المجتمعات العربية وتركها يائسة ولا تملك سوى احلاما رثة بعد التحولات الكبرى التي أصابت العالم ودول عالمنا العربي بقيت بلا بديل فكري. اليس مطلوبا من المثقفين ان يبثوا روحا وأمالا وحوافز ودوافع، ورسم فلسفة لمستقبل عصري للعالم العربي في رؤيا نهضوية ليس استحواذية، وبناء مجتمع يرغب في العمل والإنتاج والتقدم، كنموذج حياتي وأخلاقي واقتصادي وتنموي وعلمي، وصولا إلى العقل إلى النور إلى البصيرة، وعدم ابقاء الوضع العربي جالسا على رأسه واستخدامه في الفكر التنويري. وهنا التمعن ليس من اجل التحليل فقط ، بل أيجاد مفاتيح وحلول تخرجنا من أزماتنا المستفحلة. هنيئا للمثقفين في الجزائر تاج الانتصار العربي، وهنيئا للمثقفين المصريين صانعي الفكر. ن مصر حريصة على الارتقاء بمستوى التعاون الثنائي بين البلدين وعلى تطوير علاقاتها الثنائية مع الجزائر كعلاقات إستراتيجية تأخذ في الاعتبار ضمن أمور أخرى، وأهمية العمل سويا على تحقيق السلم والأمن الإقليمي حفاظًا على المصالح المشتركة وتحقيقًا لطموحات الشعبين الشقيقين. يحكم العلاقات المصرية والجزائرية ارث تاريخي من الدعم والمساندة المتبادلة ، فقد ساندت مصر الجزائر في ثورته العظيمة في مواجهة الاستعمار الفرنسي عام 1954، وقد تعرضت مصر لعدوان ثلاثي فرنسي إسرائيلي بريطاني عام 1956 بسبب موقفها المساند لثورته.
ولم ينس الشعب الجزائري أبدًا أن مساندة مصر لثورته تواصلت بعد العدوان إلى أن حصل على استقلال الذي دفع فيه ثمنا باهظا من دماء أبنائه تجاوز المليون شهيد ، لذا لم يكن غريبا أن يُستقبل عبد الناصر في الجزائر، حين زارها عقب الاستقلال، استقبالًا لم تشهد له مثيلًا في تاريخها. وفي المقابل لم ينس الشعب المصري أبدًا للرئيس هواري بومدين وقفته العظيمة الداعمة لمصر سياسيًا وماديًا عقب هزيمة 67، وهو الدعم الذي استمر بعد رحيل عبد الناصر وتواصل حتى حرب 1973 التي شاركت فيها قوات جزائرية. وشكلت العلاقة الثنائية المتينة بين مصر والجزائر أساسًا صلبًا اعتمدت عليه جامعة الدول العربية في بناء علاقة استراتيجية بين العرب والأفارقة، وقد بدت هذه العلاقة واعدة جدًا في السنوات التي أعقبت حرب أكتوبر عام 1973، وراحت تتطور إيجابيًا إلى أن أثمرت أول مؤتمر عربي إفريقي عام 1977.
التاريخ المتبادل
قامت مصر خلال الخمسينات والستينات بتبني قضية الجزائر وتدعيمها حيث أكد كريستيان بينو (وزير خارجية فرنسا وقتئذ) أن التمرد في الجزائر لا تحركه سوى المساعدات المصرية، فإذا توقفت هذه المساعدات فإن الأمور كلها سوف تهدأ لوجود مليون مستوطن فرنسي في الجزائر، ولأن فرنسا اعتبرت الجزائر جزءًا لا يتجزأ من فرنسا. مما ترتب عليه اشتراك فرنسا في العدوان الثلاثي على مصر. وقد دعمت مصر ثورة الجزائر بالسلاح والخبراء فكانت مصر الداعم الأول والأهم لها الأمر الذي دفع بن جوريون (أول رئيس وزراء لإسرائيل) إلى قول: على أصدقائنا المخلصين في باريس أن يقدّروا أن «عبد الناصر» الذي يهددنا في النقب، وفي عمق إسرائيل، هو نفسه العدو الذي يواجههم في الجزائر.
رد الجميل
وفى المقابل في عام 1973 طلب الرئيس الجزائري السابق هواري بومدين من الاتحاد السوفيتي شراء طائرات وأسلحة لإرسالها إلى المصريين عقب وصول معلومات من جزائري في أوروبا قبل حرب أكتوبر بأن إسرائيل تنوي الهجوم على مصر، وباشر الرئيس الجزائري اتصالاته مع السوفيت لكنهم طلبوا مبالغ ضخمة فما كان من الرئيس الجزائري إلا أن أعطاهم شيكا فارغا وقال لهم أكتبوا المبلغ الذي تريدونه، وهكذا تم شراء الطائرات والعتاد اللازم ومن ثم إرساله إلى مصر. وكانت الجزائر ثاني دولة من حيث الدعم خلال حرب 1973 فشاركت على الجبهة المصرية بفيلقها المدرع الثامن للمشاة الميكانيكية بمشاركة 2115 جندي و812 صف ضباط و192 ضابط جزائري.
الاقتصاد والاستثمار
تعد مصر المستثمر الأول فى الجزائر خارج قطاع النفط والغاز بإجمالى إستثمارات تبلغ قيمتها حوالى 4.2 مليار دولار .
ويوجد بالجزائر حوالى 32 شركة مصرية تعمل فى مجالات : الاتصالات و الإنشاءات والأشغال العمومية والصناعة والخدمات و الزراعة.
كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية