العمة فتحية على حمد – أم أيمن – بسمة الصفصاف – نضال حمد
العمة فتحية العلي بسمة الصفصاف عادت الى فلسطين في السابع عشر من نيسان 2021.
ها هن الخالات والعمات والنسوة اللواتي عرفناهن وأحببنانهن منذ الطفولة وحتى الرجولة يمضين الى البعيد، البعيد في العالم الذي نجهله ولا نعرفه ولا هن يعرفنه. يذهبن الى عالمٍ آخرٍ حيث كل شيء مختلف عن عالمنا. برحيلهن نحس بالفراق، بالحزن وبالفراغ الذي تركهن خلفهن. من النساء اللواتي تركن ذكريات في حياتي الشخصية، العمة أم أيمن، الحاجة فتحية العلي حمد، التي كانت دائمة الابتسامة. هكذا أتذكرها دائماً وهكذا عرفتها منذ طفولتي في مخيمنا عين الحلوة. التقيت بها آخر مرة سنة 2019 في مخيم عين الحلوة فأدهشتني لأنها مازالت كما هي، نفس العمة البشوشة التي خافظت حافظت على تلك البسمة الصفصافية التي لا زلت أتذكرها من زمن طفولتي.
قبل سنوات حين علمت العمة أم أيمن أنني في زيارة للأهل في مخيم عين الحلوة جاءت مع بناتها وحفيداتها لزيارتي. سعدت باللقاء معهن ومعها بالذات. فهي جزء من ذاكرتي الطفولية، من أيام بداياتي في المخيم. وهي جزء من عائلتنا الكبيرة، حمداوية الأب والأم، وهي بنفس الوقت صديقة لوالدتي. لطالما تبادلتا الزيارات في أيام شقاوتي وطفولتي وصباي وولدنتي.
الحاجة فتيحة العلي هي أم الشهيد الشبل أشرف أحمد حمد الذي استشهد دفاعاً عن المخيمات الفلسطينية في لبنان وشرق صيدا سنة 1987. كما وتشبه وفاته وفاة جده الشهيد الذي أعدمته العصابات اليهودية الصهيونية وهو جريح في بلدة الصفصاف يوم 28-10-1948 في فلسطين المحتلة. فيما أشرف تم إعدامه بعد إعتقاله في المعركة وهو جريح، من قبل العصابات المذهبية المسلحة، التي كانت تحاصر وتقصف المخيمات الفلسطينية في لبنان، في تلك الفترة البشعة والسوداء من الزمن الفلسطيني بالتوقيت اللبناني.
فتحية العلي أم أيمن، هي شقيقة الحاجة فاطمة علي حمد – التي بقيت في فلسطين بعد النكبة في بلدة مجد الكروم حيث بيتها وزوجها وأطفالها. توفيت الحاجة فاطمة في العام الفائت 2020 تاركة خلفها عائلة جليلية مناضلة وكبيرة، جيش فلسطيني من الأبناء والبنات والأحفاد، تاركة خلفها الحنين والشوق للاجتماع واللقاء بأهلها اللاجئين المشردين في كل الدنيا. الحاجة فاطمة هي والدة القائد الأسير المُحَرَر منير منصور – أبو علي – في فلسطين ال 48، أحد قادة الحركة الوطنية الأسيرة، والحركة الشعبية والوطنية الفلسطينية وحركة “كفاح” في فلسطين الطبيعية التاريخية المحتلة منذ سنة 1948.
شقيقها هو الفنان والرسام الفلسطيني المقيم في فلورسنة بايطاليا، الأخ محمد علي حمد، الذي سافر قبل عشرات السنين من مخيم شاتيلا في بيروت الى إقليم توسكانا الايطالي، حيث في فلورنسة وفي أكاديميتها في كلية الفنون الجميلة، الشهيرة عالمياً، درس الرسم على أيدي أكبر الأساتذة الأيطاليين. له عشرات اللوحات المنوعة ومنها مجموعة عن النساء الفلسطينيات. تعرفت الى محمد سنة 1983 في ايطاليا حيث سافرت لتلقي العلاج بعد إصابتي في مجزرة صبرا وشاتيلا سنة 1982. جاءني وقتها من فلورنسة الى بولونيا مُحملا بالهدايا واللُطف والحنين للأهل وللمخيمات. في نيسان سنة 2014 قمت بزيارته في منزله حيث صادف يومها وجودي في ايطاليا لتوقيع كتابي “فجر العصافير الطليقة” المترجم للغة الايطالية، في عدد من المدن الايطالية بدأتها بإمبيريا ثم تورينو وميلانو وبولونيا وأنهيتها في روما.
والدها العم علي حمد “أبو حسين” ووالدتها العمة ندى محمد حمد “أم حسين”، توفيا في مخيم شاتيلا. لقد كان منزلهما مزاراً ودار ضيافة لكل آل حمد وأهل الصفصاف وسكان المخيم. كانا طيبين وكريمين وشهمين رحمهما الله. مثلهما مثل جيرانهم الأكارم والأشراف دار العم الراحل جميل حمد – أبو اسماعيل “جميل الزين”. وزوجته العمة الطيبة الراحلة أم اسماعيل حمد. أما رزج العمة فتحية فهو العم الراحل أبو أيمن – أحمد حمد الذي كان يلقب -أحمد حيجان- وهو ابن لشهيد سقط كما أسلفنا دفاعا عن فلسطين وفي مجزرة بلدة الصفصاف التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في 28-10-1948.
بفقدان العمة أم أيمن تنقص وتقل نسبة الكبار والكبيرات في السن من بلدتنا الصفصاف. وسوف نفتدها ونفتقد طلتها ومحبتها لأقاربها ولعائلتها ولأهل بلدتها. رحم الله أم أيمن وأبو أيمن وشهيدهما أشرف ونحن على عهد الصفصاف والشهداء أوفياء للدماء.
نضال حمد في 20-4-2021