العم حسين ديب حمد – أبو محمد – نضال حمد
كانت أياماً رائعة لن تعود ولن تعودوا كلكم لا أنت ولا الحاج أحمد ولا العم نمر شقيقكما الأصغر ولا كل الذين ابتلعتهم كارثة ومأساة مخيم اليرموك وسوريا…
وافته المنيه صباح يوم الجمعة ٢٠٢٠/٨/٧ بمدينة حماه في سوريا ودفن هناك بعيداً عن بلدته الصفصاف مسقط رأسه في الجليل الفلسطيني الأعلى، كما بعيداً عن مخيم اليرموك حيث قضى شبابه وجل حياته وحيث فقد نجله الشهيد ماهر – أبو الغضب – أبو جهاد – في مأساة مخيم اليرموك، التي حصدت أرواح مئات الناس من سكان المخيم وهجرت الآلاف ودمرت غالبية أحياء المخيم، الذي كان حتى سنة 2011 مدينة عامرة تعج بكل شيء وتضج بالحياة ليلا ونهار.
كان العم حسين أبو محمد كادحاً كدح وكد في حياته لأجل تربية أولاده والحياة بكرامة وعز. قضى حياته في العمل والكد في مخيم اليرموك الذي أحبه كحبه لأعالي الجليل وجبل الجرمق والصفصاف، حيث الطفولة وتعاليم الختايرة والمشايخ وكبار السن في عائلتنا وبلدتنا.
ودعناك عن بعيد يا أبا محمد ..
فأنت توفيت بعيدا عن الصفصاف في الوطن السليب وبعيداً عن مخيم اليرموك في دمشق. توفيت في حماة السورية بعدما تهجرت من مخيمك وتركت هناك شهيداً فلذة كبدك إبنك ماهر.
كُنا نحب أن نناديك بأبي الموت لقوتك وجرأتك وشجاعتك، ولروح الشباب التي توفرت فيك في ذلك الوقت من زمن ما بعد حصار بيروت 1982… زمن إقامتنا المؤقتة في مخيم اليرموك ودمشق.. تلك المدة التي عشناها معكم وفي كنفكم وبالقرب منكم، من الجسر الى دخلة حسن سلامة قرب فرن أبو فؤاد على شارع اليرموك بالقرب من شوارع فلسطين ولوبية وصفد والتضامن والتقدم والدوار والمدارس والاعاشة وصولاً الى الحجر الأسود…
عشنا معكم مكرمون معززون بعدما فقدنا إمكانية التواصل مع الأهل بعد غزو لبنان واحتلاله سنة 1982 فكنتم لنا في مخيم اليرموك خير أهل وأقارب. قضينا معكم أوقاتا جميلة لا يمكن أن ننساها .. كما لا يمكنني شخصياً أن أنسى السهرات الرائعة والأمسيات واللقاءات الكثيرة التي كانت تجمعنا في كل مرة أزور فيها المخيم وأزوركم في جادة حسن سلامة، حيث رائحة الخبر الطازج المنبعثة من فرن أبي فؤاد..
أذكر ذات يوم أنني حضرت من بولندا الى مطار الشام فجر أحد الأيام وكانت الساعة حوالي الرابعة والنصف أو الخامسة والنصف فجراً، فقلت بيني وبين نفسي لم أخبر أقاربي ولا أحد بأنني قادم، لذا لن أزعجهم في هذه الساعة من الفجر، وقررت الإنتظار بالقرب من الفرن إلى أن تصبح الساعة السادسة أو السابعة صباحاً فيصحى النائمون فأذهب لأنام. لكن لحسن حظي أنني يومها بشقيقك الأكبر المرحوم الحاج أحمد ديب حمد – أبو محمد – .. فقام بتوبيخي على عدم طرقي أي من أبواب بيوتكم الثلاثة منذ لحظة وصولي من المطار الى المخيم.
كانت أياماً رائعة لن تعود ولن تعودوا كلكم لا أنت ولا الحاج أحمد ولا العم نمر شقيقكما الأصغر ولا كل الذين ابتلعتهم كارثة ومأساة مخيم اليرموك وسوريا.
على عهد الصفصاف واليرموك وفلسطين يا عم حسين … وسلم على الحبايب في العالم الآخر.
كتبت في 7-8-2020 وتم تعديلها في 22-9-2022
نضال حمد