القائد المناضل الراحل شحادة عيسى غنامي – نضال حمد
كان مناضلا من الطراز الرفيع ومن أوائل مناضلي حركة القوميين العرب و”الجبهة الشعبية” في مخيم عين الحلوة.
لجأت عائلته الى لبنان واستقرت في المخيم بعدما احتل الصهيانة مدينة عكا والقرى والبلدات التابعة لقضائها ومنها بلدته سخنين، التي أصبحت الآن مدينة كبيرة. وهي بالمناسبة مع عرابة البطوف ودير حنا تعتبر مثلث أرض المَنْ ويوم الأرض الفلسطيني الذي تفجر غضباً على الصهاينة في الثلاثين من آذار سنة 1976.
في سخنين قضاء عكا ولد المناضل الكبير سنة 1946. وفي مدارس لبنان ومخيم عين الحلوة ومدينة صيدا أكمل تعليمه الابتدائي والمتوسط والثانوي.
العزيز سهيل غنام ابن اخت المناضل الشهيد شحادة غنامي، والمقيم في سلوفاكيا، سبق لي أن تشرفت بالتعرف عليه في مؤتمر فلسطيني بفيينا عاصمة النمسا .. سهيل أرسل لي يقول عن خاله:
“ساهم المرحوم في النضال الوطني في مخيم عين الحلوة في منتصف العقد السادس من القرن الماضي، اذ كان يقوم، هو واترابه، يقومون بتوزيع المنشورات السياسية ليلا على اهل المخيم وكتابة الشعارات على جدران بيوته. بعد ذلك، ومن خلال انتمائه للجبهة، مارس العمل الجماهيري واتقنه. اما بخصوص دراسته، فقد كان من المتفوقين، والتحق بمدرسة في طرابلس لبنان لانهاء السنة الاخيرة من الثانوية العامة، مما أهله لالتحاق بجامعة عين شمس في القاهرة، حيث درس الاقتصاد. لم ينه المرحوم دراسته الجامعية، لالتزامه بقرار الجبهة التفرغ للعمل التنظيمي.”.
سافر المرحوم شهادة غنامي الى جمهورية مصر العربية حيث التحق بالجامعة في كلية الحقوق سنة 1968_1969. وعن تلك المرحلة يتحدث الدكتور تيسير الخطيب ابن بلدة حطين ومخيمنا عين الحلوة والقوميين العرب وفيما بعد الجبهة، فيقول: ” كنا في القاهره سنة ٦٩/٦٨ وكنا نعيش سوياً في نفس الشقه في مصر الجديدة. فيما بعد فقدت أخباره ومنذ ذلك اليوم لم أعد أعرف عنه أي شيء. كنت اسأل عنه في زياراتي من اسبانيا الى لبنان. لكن لم يحالفني الحظ في العثور عليه”. ويتابع الدكتور تيسير فيضيف: ” وفي نفس الفتره كان يسكن بالقرب من شقتنا الرفيق صلاح صلاح .. كنا كلنا في مصر الجديده وعشنا سوياً انشقاق الجبهة الديمقراطية عن الشعبية. له الرحمه وما كنت يوماً قطعت الأمل من العثور عليه واللقاء”.
الدكتور تيسير بعد مشاهدته الصورة في المجموعة يبدو أنه شعر بأن الراحل شحادة هو صديقه ورفيقه الذي كان يقيم معه في نهاية الستينيات بمصر الجديدة، والذي انقطع الاتصال به من ذلك الوقت. فشحادة كان مناضلا ومقاتلا وقائدا في جبهة الشعب، جبهة الحكيم، وكان يعمل ويخدم القضية والجبهة والثورة في مدن ومناطق وساحات عديدة في مصر وليبيا وسوريا ولبنان والخ… وفي أماكن ومواقع مختلفة.
بعد أن أكدت بدوري للدكتور تيسير أن المعني هو الشهيد شحادة عيسى غنامي، أبدى حزنه وأسفه على رحيله وقال لي: ” الآن وبعد أن رأيت صورته في مجموعة ذاكرة مخيم عين الحلوة وأهل الصفصاف تأكدت أننا لن نلتقي أبداً وأن الأمل الذي لم ينقطع منذ سنة 1969 انتهى الآن.. ما عاد في أمل…”.
الرفيق شحادة غنامي من عائلة مناضلة وملتزمة بكامل تراب فلسطين. والتزم معظم شبابها في الجبهة أسوة بالرفيق شحادة أبو عيسى غنامي..
عندما كان شحادة في مصر الجديدة ويدرس في كلية الحقوق تم طرده من القاهره كما العديد من الفلسطينيين في سنة ١٩٦٩ لأسباب سياسية. يبدو أنها حصلت بعد قبول الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بمبادرة روجز الأمريكية، التي رفضتها الجبهة الشعبية وهاجمته على إثرها مما تسبب في توتر العلاقة وقطعها لفترة من الزمن بين الطرفين والزعيمين ناصر وحبش.
أجمع الصديقان خالد غنامي شقيق الراحل وسهيل ابن شقيقته على أن القائد ابو عيسى غنامي كان تسلم مهام عديدة في الجبهة، اهمها مسئولية التنظيم في منطقة صور، لغاية ما بعد الاجتياح. في العام ١٩٧٩ بطلب منه وافقت قيادة الجبهة على الحاقه بالقطاع العسكري. بقي الشهيد يمارس مهامه في اطار القطاع العسكري وافرعه المختلفة لغاية وفاته. وكان فقيدنا المناضل تلقى دورات نظرية وعسكرية عديدة، منها في لبنان وسوريا ومنها في الصين وكوبا والاتحاد السوفييتي والمانيا الشرقية. وفي معرض تأبين الشهيد شحادة غنامي، تأسف القائد ابو علي مصطفى بأنه لن يستطع الحديث عن مهام الشهيد في الجبهة لأن معظمها كانت من الطابع السريّ والحساس. جدير بالذكر أن القائد الشهيد ابو علي مصطفى كان كتب مقالة عن الشهيد ومناقبه ونشرت في مجلة الهدف.
قطنت عائلة الرفيق شحادة غنامي مخيم عين الحلوه على الشارع التحتاني قرب الجسر ونادي ومكتب ال ج. ش، على جنب الوادي في المنطقة، وخلف المقهى هناك وغير بعيد عن المسجد التحتاني، الذي يسمى الآن مسجد النور. وكان شحادة غنامي كما أسلفنا من قادة الجبهة المشهورين في بداية سنوات السبعينيات كما أنه عمل في ليبيا وأيضا خدم مع الجبهة في الجنوب اللبناني وفي منطقه صور وصيدا والخ.
انتخب الرفيق شحادة عيسى غنامي – أبو عيسى- عضوا في اللجنة المركزية العامة للجبهة وتسلم مسؤوليات عديدة في هيئاتها القيادية. وكان مثالاً للالتزام والعمل والتضحية. أصيب بمرض عضال وتوفي بعد معاناة معه في الخامس والعشرين من تموز – يوليو سنة 1997 في دمشق.
له المجد والخلود وعلينا الوفاء.
العاشر من حزيران 2022