القدس عاصمة فلسطين والعرب والمسلمين – د. غازي حسين
بمناسبة يوم القدس العالمي
القدس بشطريها المحتلين مدينة عربية اسلامية
اسس العرب القدس قبل ظهور اليهودية والمسيحية والاسلام .
حررها رجال الصحابة رضي الله عليهم من الغزاة الرومان .
وقال الله تعالى في كتابه العزيز ” سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله ” .
واصبحت القدس مدينة الاسراء والمعراج واولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين . وتضم فيها اول وأقدم كنيسة في العالم وهي كنيسة القيامة .
اسس العرب مدينة القدس وسموها يبوس نسبة الى اليبوسبيين العرب ، ثم اورو سالم نسبة لملكهم سالم ، حيث تعني اور بالكنعانية مدينة ومن الاسم العربي اورو سالم جاء فيما بعد اسمها جيروزاليم . وجاء الاسم “اورشليم” الذي يطلقه اليهود على المدينة من الآرامية “السريانية” اي العربية ، وبالتالي فان اورشليم كلمة عربية وليست عبرية خلافا لما يعتقده البعض .
وتؤكد كتب التاريخ وعلم الاثار ان العرب أسسوا القدس حوالي عام 3000 ق.م وانهم اول من استوطن فيها وسكنوا ارضها واقاموا ابنيتها وشيدوا معالمها .
تعاقبت على المدينة بعد تأسيسها على ايدي العرب امم وشعوب شتى الى ان فتحها العرب المسلمون وحرروها من الغزاة الرومان ، وطلباهلها الصلح والامان على ان يتولى الخليفة عمر بن الخطاب استلام مفاتيح المدينة ، ووصل القدس ووقع العهدة العمرية لبطريرك المدينة صفرونيوس الدمشقي ، وضمنها شرطا بناء على طلب البطريرك وهو الا يسكن اليهود في القدس ، المدينة المقدسة للعرب من مسلمين ومسيحيين . وشهد على العهدة العمرية خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعبد الرحمن بن عوف ومعاوية بن ابي سفيان . واصبحت مدينة عربية اسلامية للعرب من المسلمين والمسيحيين وللمسلمين في جميع انحاء العالم .
ودخلت القدس منذ ذلك الحين في نطاق الخلافة الاسلامية ، وتحت حكم الخلفاء الراشدين والامويين والعباسيين . واحتلها الفرنجة في الحروب الصليبية ، ودام احتلالهم حوالي مئتي سنة الى ان جاء البطل صلاح الدين الايوبي وحررها منهم عام 1187م . واستشهد في تحرير الاقصى 70 الفا من المسلمين وحكمها العثمانيون من عام 1517م حتى عام 1917 وشيد سليمان القانوني سور المدينة الحالي .
انشا المسلمون فيها مدارس لطلب العلم ، بلغ عددها 56 مدرسة للمسلمين من اهل المدينة ومن بلدان المشرق والمغرب . وبنوا العديد من المساجد والمآذن والقباب والاروقة والابواب والسبل في صحن الصخرة المشرفة التي صعد منها النبي محمد (صلعم) الى السموات العلا ، وبجوارها وفي الحرم وحوله . واصبحت المدينة غنية بالأبنية والنقوش والزخارف الاسلامية . وبنى الخليفة الاموي عبد الملك بن مروان مسجد قبة الصخرة ، ونقش اسمه على قبة الصخرة مع تاريخ البناء في سنة 72 هجري . واكمل ابنه الوليد بن عبد الملك بناء المسجد الاقصى . وحكم العرب والمسلمون القدس اطول فترة في تاريخ المدينة العربية الاسلامية ، وكانت اللغة العربية لغة القران الكريم هي السائدة والحضارة التي عرفتها القدس ترجع الى فترة الحكم الاسلامي فيها ، وكان سكان المدينة عربا لسانا وحضارة .
وشيد الدمشقيون قبة الصخرة المثمنة والمذهبة ، واستخدمت اموال سبع سنوات من خراج مصر لإقامتها .اما تخطيط المسجدالأقصى المبارك الذي نراه اليوم فهو هندسة عباسية بغدادية. ورمم الايوبيون حيطان الحرم الشريف وجهز الاتراك الكسوة بالقاشاني الملون على ارضية زرقاء ، وبنوا سور المدينة . ووضع صلاح الدين محراب الجامع الاموي في حلب بالمسجد الأقصى، مما يجسد مساهمة الأمة الاسلامية في بناء المسجد الاقصى ومسجد قبة الصخرة وساحة الحرم الشريف وفي المحافظة على تاريخها العربي الاسلامي العريق وطابعها الحضاري . فتاريخ القدس وطابعها الحضاري يثبت بجلاء انها مدينة عربية اسلامية وهي بمثابة الروح والقلب في جسد الامة ، وكان رؤساء بلدية القدس خلال المئة سنة الاخيرة قبل احتلال العصابات اليهودية للشطر الغربي من المدينة في 1948 عربا حتى ابان الانتداب البريطاني .
ويتمتع المسجد الاقصى المبارك بمكانة عظيمة وقدسية كبيرة في نفوس ومشاعر المسلمين ، وحظي باهتمامهم ورعايتهم عبر العهود المختلفة ، وتعتبر ذكرى الاسراء والمعراج ذكرى اسلامية مباركة يحتفل بها المسلمون ويستذكرون فيها سيرة النبي محمد (صلعم) خاتم الأنبياءوالمرسلين في دعوته وعبادته وجهاده واخلاقه ومكانته عند ربه وعند المسلمين .واضافت رحلة الاسراء والمعراج الى القدس والمسجد الاقصى قدسية على قدسيتها واكدت ان معجزة الاسراء والمعراج قرار رباني يتعدى التاريخ والجغرافيا ، تربط بين المسجد الحرام في مكة المكرمة والمسجد الاقصى في القدس ، روحا وارضا وسماء وامة ، فالمسجد الاقصى قبلتنا الاولى وثاني بيت وضع في الارض بعد المسجد الحرام ، وثالث المساجد التي تشد اليها الرحال وثالث الحرمين الشريفين ، وذكرى الاسراء والمعراج هي من المناسبات التي توحد الامة الاسلامية ويستذكر المسلمون من خلالها دروس الماضي والعمل على توحيد ورص الصفوف لتحرير القدس وفلسطين ، وواجبهم الوطني والقومي والديني تجاه تحرير القدس والمقدسات العربية فيها ، الاسلامية منها والمسيحية .
لقد شاءت ارادة الله عز وجل اسراء هادي البشرية من مكة المكرمة الى المسجد الأقصى المبارك ومعراجه من الاقصى الى السموات العلا وتلقيه في تلك الرحلة ما فرضه الله على المسلمين وهي الصلوات الخمس ، الركن الثاني من اركان الاسلام ليبقى المسجد الأقصى حيا في اذهان وضمائر وقلوب جميع المسلمين في العالم .
ان اطماع الصهيونية في القدس مدينة العرب والمسلمين المدينة العربية بشطريها المحتلين تفرض على الفلسطينيين والعرب من مسلمين ومسيحيين والمسلمين في العالم اعتماد نهج المقاومة لتحرير القدس وانقاذها من اطماع دهاقنة الاستعمار الاستيطاني الصهيوني وتفكيك جميع البؤر والكنس والاحياء والمستعمرات اليهودية التي غرستها سلطات الاحتلال في المدينة المحتلة .
لقد خططت الصهيونية منذ تأسيسها الى تهويد القدس ، حيث كتب هرتسل في مذكراته يقول: ” اذا حصلنا يوما على القدس وكنت لا ازال حيا وقادرا على القيام بشيء فسوف ازيل كل شيء ليس مقدسا لدى اليهود فيها وسوف احرق الاثار التي مرت عليها قرونا . “
وتسخّر الصهيونية “الماسونية” وشهود يهوه والمسيحية الصهيونية والمحافظين الجدد والكنائس الانجيلية في امريكا والكونغرس الامريكي وبعض الرؤساء الامريكيين لتحقيق هذا الهدف الشيطاني . ووصلت الاطماع اليهودية في القدس حدا قال فيه بن غوريون مؤسس “اسرائيل” ان لا معنى لإسرائيل بدون القدس ولا معنى للقدس بدون الهيكل .” .
ويطالبون علنا بتدمير المسجد الاقصى وبناء الهيكل المزعوم على انقاضه ، على الرغم من عدم وجود اي اثر لليهود في مدينة القدس او في فلسطين على الاطلاق .
واكد قرار لجنة التحقيق الدولية التي شكلتها عصبة الامم المتحدة الصادر في كانون الاول عام 1930 حول ملكية ما يسمى بحائط المبكى ان :
اولا : للمسلمين وحدهم حق الملكية دون منازع في امتلاك حائط البراق (حائط المبكى) الحائط الغربي للمسجد الاقصى كجزء لا يتجزأ من منطقة الحرم الشريف .
ثانيا : تعود ملكية الساحة العامة امام الحائط الغربي (ساحة المغاربة) للمسلمين ايضا وكذلك حي المغاربة المجاور والمقابل له يعتبر وقفا ثابتا وفق الشريعة الاسلامية .
جاء قرار لجنة التحقيق الدولية واكد بشكل قاطع لا جدال فيه ان ما يسميه اليهود بحائط المبكى وقف إسلامي لا علاقة له بالهيكل المزعوم ، فحائط البراق (اي حائط المبكى) وقف اسلامي وكذلك ساحة المغاربة التي غيرت دولة الاحتلال معالمها خلافا لقرارات مجلس الامن الدولي الذي اعتبر جميع اجراءات التهويد غير شرعية وغير قانونية وباطلة ولاغية وما بني على باطل فهو باطل مهما طال الزمن .
تذرعت الصهيونية والكيان الصهيوني بالأكاذيب والخرافات والاطماع التي دونها كتبة التوراة والتلمود عن “ارض الميعاد والقدس” وبحق ديني مزعوم لا قيمة قانونية له على الاطلاق . فالدين او العاطفة الانسانية الناتجة عن استغلال “الهولوكوست” (المحرقة) لا تشكل مصدرا من مصادر القانون الدولي و لا حقا من الحقوق .
فالوجود الصهيوني في القدس لا يستند الى اي اساس قانوني وانما قام على استخدام القوة واشعال الحروب والاحتلال ومصادرة الاراضي والممتلكات العربية وتهويدها . وبالتالي استغل الكيان الصهيوني المزاعم والاطماع التوراتية و التلمودية لأغراضالاستعمار الاستيطاني ، اي لأغراض دنيوية سياسية واقتصادية على الرغم من عدم وجود اي اثر ديني لليهود في فلسطين والقدس على الاطلاق .
لقد فرّخت الصهيونية وفرّخ الشعب الاسرائيلي بعد حرب حزيران العدوانية 1967حركات استيطانية ارهابية وعنصرية خطيرة ، تؤمن بوجوب تهويد القدس بشطريها المحتلين وتدمير المسجد الأقصى (القائم بحسب زعمهم على قدس الاقداس) ، واقامة الهيكل المزعوم على انقاضه . ويرون انهم بذلك ينفذون اوامر يهوه ويخدمون السياسة الاسرائيلية ويحققون مآربهم ومصالحهم الدينية والدنيوية في الارض والمقدسات العربية .
وتأتي حركة “امناء الهيكل” و “التنظيم السري اليهودي” الذي وضع خطة لتدمير المسجد الاقصى ومسجد قبة الصخرة في طليعة هذه الحركات الارهابية والاستعمارية. واكدت الاحداث والجرائم التي قامت بها هذه الحركات والتنظيمات الخطيرة ضلوع الحكومات الاسرائيلية في جرائمها وممارساتها لتهويد القدس وتدمير المسجد الاقصى واقامة الهيكل المزعوم على انقاضه .
ان الصمت العربي والاسلامي على تهويد القدس بشطريها المحتلين بما فيها البلدة القديمة ومنزل الحاج امين الحسيني وحي الشيخ جراح والمناطق المحيطة بالمسجد الأقصى حتى سلوان امر غريب ومريب ومشبوه . ساعد دولة الاحتلال على تحقيق جميع مخططاتها لتهويد مدينة الا سراء والمعراج .
وترسخ الاهتمام الاسلامي بهوية القدس العربية اكثر من اي وقت مضى مع مجيء الثورة الاسلامية في ايران وقرار الخميني جعل اخر يوم جمعة في شهر رمضان المبارك ” اليوم العالمي للتضامن مع القدس” .
ان فلسطين بما فيها القدس عاصمة فلسطين وعاصمة العرب والمسلمين هي ارض عربية اسلامية ، وما طرأ عليها من حروب عدوانية واحتلال واستعمار استيطاني وترحيل للمقدسيين وتهويد ومصادرة للأرض والعقارات والحقوق والثروات غير شرعي ولاغ وباطل مهما طال الزمن .
ان القدس بما فيها المسجد الاقصى ومسجد قبة الصخرة وكنيسة القيامة تتعرض حاليا الى مخاطر حقيقية لتهويدها وتغيير طابعها العربي الاسلامي كما حدث في المسجد الإبراهيمي في الخليل ومسجد بلال بن رباح في بيت لم وقبر الشيخ يوسف في نابلس وخاصة بعد الوثائق التي تسربت من مكتب صائب عريقات وكشفت عن التنازلات الخطيرة التي قدمها المفاوض الفلسطيني بتغطية من الرئيس المخلوع حسني مبارك وجامعة الدول العربية ومن اسمتهم بمحور المعتدلين العرب.
فالجامعة العربية و ملوك السعودية وهاشم ونظام كمب ديفيد في عهد مبارك والسلطة الفلسطينية التي وقعت اتفاق الاذعان في اوسلو ،تتحمل مسؤولية تهويد القدس بشطريها المحتلين ومسؤولية ما آل اليه الوضع في مينة الاسراء والمعراج ومحاولات العدو الصهيوني تهويد المسجد الاقصى واقامة الهيكل المزعوم على انقاضه .