القدس وسياسة الأسرلة والتهويد – بقلم: أكرم عبيد
في ظل الحرب الكونية المعلنة على محور المقاومة والصمود
بقلم : أكرم عبيد
لقد خططت الحركة الصهيونية منذ تأسيسها لتهويدالأماكن الإسلامية والمسيحية في القدس وكتب (تيودور هرتزل) مؤسس الصهيونية فيمذكراته يقول: ” إذا حصلنا يوماً على القدس وكنت لا أزال حياً وقادراً على القيامبأي شيء فسوف أزيل كل شيء ليس مقدساً لدى اليهود فيها وسوف أحرق الآثار التي مرت عليها قرون”. ويزعم قادة الحركة الصهيونية والحاخامات:”إنالمسجد الأقصى القائمعلى قدس الأقداس في الهيكل إنما هو لليهود .
ووصلت الأطماع اليهودية الهمجيةحداً من الوقاحة شجعت كبير المجرمين الصهاينة «بن غوريون» مؤسس الكيان الصهيوني على القول بأنه” لا معنى لإسرائيل من دون القدسولا معنى للقدس من دون الهيكل ”
وطالب «بن غوريون» بعد احتلال مدينة القدس الشرقية في معهد رافي في 20/6/1967 في كلمة ألقاها في المعهد المذكوربهدم سور القدس التاريخي .
لذلك ومنذ اليومالأول للاحتلال قامت سلطات الاحتلال الصهيوني بالعديد من الحفريات وبناء الأنفاق حول المسجد الأقصى وتحتهحتى بلدة سلوان للبحث عن أي أثر يمت إلى الهيكل المزعوم بصلة وبدأتقوات الاحتلال باتخاذ العديد من الإجراءات كمقدمة لتهويد القدس المحتلة مع العلم أنهلم يملك اليهود متراً واحداً في القدس الشرقية قبل نكسة حزيران عام 1967 . ولم يتجاوز عددهم بضع مئات كما أشار الكاتب اليهودي (هودكينز1998).
أما اليوم فأصبحوا يملكون بقوة الاحتلال وسياسة التطهير العرقي87٪ من مساحةالمدينة المحتلة .
لهذا السبب تعمدت سلطات الإحتلال الصهيوني بعد الاحتلال عام 1967 مصادرة وتهويد المزيد من الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية بشكل عام وفي القدس الشرقية بشكل خاصبسب توسيع وبناء المزيد من المستعمرات وجدار الفصل والعزل العنصري في الضفة الغربية المحتلة والتي بلغ عددها حتى أليوم حوالي /144مستعمرة قابلة للزيادة / وعدد سكانها /480000 / مستوطن حسب ألإحصاءات ألأخيرة لجهاز الإحصاء ألمركزي ألفلسطيني للعام 2007 .
* توسيع الحدود الإدارية للقدس الكبرى .
وقد ترافقت هذه الإجراءات مع جملة من القوانين والإجراءات لضم المدينة المحتلة وتهويدها بالكامل سياسياُ وإدارياُ وفي مقدمتها تعديل القانون الصهيوني المسمى قانون الإدارة والنظام الصادر عام / 1948/والذي يعتبر امتداد طبيعي لقانون الإحتلال البريطاني بخصوص البلديات بعد إضافة مادة صهيونية جديدة عليه لتسهيل ضم أي قطعة أرض ارض عربية محتلة للكيان الصهيوني المصطنع كمقدمة لتوحيد شطري القدس بعد احتلالها ووضعها تحت إدارة الإحتلال وضم مساحات جديدة من الأراضي الفلسطينية المصادرة للبلدية الصهيونية المزعومة لتوسيع صلاحياتها وخاصة بعد ضم مناطق واسعة تحيط بالمدينة وتمتد منسور باهر جنوباُ إلى مطار قلنديا في الشمال وهذا ما يثبت أن تعديل القانون الصهيوني ضاعف مساحة المدينة ثلاثة أضعاف ما كانت عليه قبل نكسة حزيران عام 1967.
ومن أهم الإجراءات الصهيونية لتهويد الأرض وتقليص الوجود الفلسطيني في المدينة المقدسة وتغليب الوجود اليهودي وخاصة بعد تجميد طلبات لم الشمل للأسر الفلسطينية المقدسية بحيث يصل العدد في العام / 2020 / إلى مليون ونصف مغتصب صهيوني بالإضافة لاتخاذ القرارات التي تحرم أبناء القدس من التواصل مع أبناء الوطن والأقارب في الضفة الغربية المحتلة إلا بإذن مسبق وخاصة بعد صدورا لقوانين التي تشرع معاملة أبناء القدس الشرقية مثل أبناء القدس الغربية المحتلة عام 1948
وكذلك تعمدت سلطات الإحتلال تجميد البناء للعرب في حدود القدس بعد رفض بلدية الإحتلال منح السكان العرب تراخيص البناء بينما منحت القطعان الصهيونية تراخيص البناء والإمكانيات المادية والمعنوية كما فرضت على السكان العرب عدم بناء أكثر من طابقين في المنزل حتى تضيق عليهم وتفرض الهجرة القسرية على معظم أبناء المدينة للبحث عن مسكن خارج حدودها وقد سنت بعض القوانين التي تحرم الشباب من السكن في مدينتهم وخاصة إذا تزوج من فتاة غير مقدسية وهذا ما يحد من النمو الطبيعي للعرب في مدينتهم المغتصبة بينما القطعان الصهيونية المستوردة تتدفق على المدينة المحتلة بالآلاف في ظل صمت عربي ودولي مقيت وتعمدت البلدية الصهيونية تعديل تصميم هيكلية المدينة عام / 1968
وقد تجسدت هذه السياسة العنصرية من خلال سحب هويات بعض السكان العرب وطردهم من مدينتهم وحرمانهم من الإقامة فيها وقد اتخذت لهذه الغاية الإجرامية جملة من الإجراءات ألا شرعية وفي مقدمتها
قيام سلطات الإحتلال بإجراء إحصاء بعد نكسة حزيران عام 1967في القدس الشرقية واعتبار أن كل من شملهم الإحصاء فقط هم سكان المدينة ومن يحق لهم الإقامة فيها وبموجب هذا الإحصاء تم حرمان حوالي / 30000/مواطن عربي من أبناء المدينة المقدسة حق الإقامة فيها لوجودهم خارج المدينة بسبب الحرب كما صادرت سلطات الإحتلال حوالي / 10000/ هوية من أبناء المدينة بسبب وجودهم خارج المدينة للدراسة أو العمل و كذلك حرمان / 10000/ مواطن ممن لم يستطيعوا إثبات وجودهم وإقامتهم بموجب وثائق ملكية لعقار أو إيصالات ضرائب وتحديد مكان العمل ودراسة الأولاد وهذا ما افقدهم الحق بالإقامة في مدينتهم
ثانياُ : حرمان كل مواطن فلسطيني من أبناء القدس يحمل جنسية أخرى من حق الإقامة بالمدينة وخاصة ممن تثبت إقامتهم خارج الكيان الصهيوني مدة سبع سنوات بموجب تعديل قانون الدخول للكيان المصطنع والصادر عام 1974 بعد إضافة بعض الأنظمة والقوانين لتعديل هذا القانون لتحقيق هذا الهدف الصهيوني
ثالثاُ: فرض المزيد من الضرائب الكبيرة على أبناء المدينة من الفلسطينيين بينما أعفت القطعان الاستيطانية المستوردة للمدينة المقدسة مدة خمس سنوات وبعد ذلك تفرض عليهم ضرائب رمزية .
وقد انعكست هذه السياسات والإجراءات العنصرية على أبناء المدينة المقدسة بشكل مباشر في جميع المجالات الحياتية وفي مقدمتها زيادة البطالة بين الشباب العربي وخاصة الأسرى المحررين من سجون الإحتلال بعدما فرضت عليهم إحضار وثيقة حسن سلوك كشرط أساسي لتوظيفهم وقد تجسدت هذه الظاهرة بعد انتفاضة الأقصى .
* مبررات واهية لتحقيق الأهداف الاجرامية الصهيونية .
وانطلاقاً من هذه القاعدة تعمدت سلطات الاحتلال تكثيف عمليات التهويدوالاستيطان في مدينة القدس المحتلة لتحقيق هدفين أساسيين هما:
إفراغها من أهلهاالمقدسيين وتغليب عدد اليهود لتصبح نسبة العرب في المدينة بحلول العام 2020 نحو 12٪، لتكريس القدس عاصمة موحدة ” للدولة اليهودية “
أما الهدف الثاني فهو عزل القدس عنمحيطها الجغرافي والبشري في الضفة الغربية من خلال إحاطتها بأسوار وأحزمة منالمستوطنات من الجهات الشرقية والشمالية والجنوبية وتوسيع القدس ما أمكن في هذهالاتجاهات الثلاثة عن طريق ضم مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية إلى الكتلالاستيطانية الكبرى المحيطة بالقدس للحيلولة دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات تواصل بشري وجغرافيتكون القدس الشرقية عاصمة لها .
لذلك تنتهج سلطات الكيان الصهيوني اليوم ثلاثة طرق لتحقيق اهدافها:
الأول: تقليص عددالمصلين في المسجد الأقصى والقادمين لزيارتهفبعد أن كان يرتاده عشرات الآلاف أيامالجمع ومئات الآلاف في شهر رمضان والأعياد بات هذا العدد لا يتعدى الـ 15 ألفاًحيث منعت سلطات الاحتلال الأهالي من الضفة الغربية وقطاع غزة من الوصول إليه والصلاةفيه.
والهدف الثاني: عبر سيطرة سلطات الاحتلال هذه الأيام على كل ما يتعلقبالمسجد في اعتداء سافر على كافة صلاحيات الأوقاف الإسلامية من حيث إدارة الدخولإلى المسجد والخروج منه، ومن حيث خدمته وصيانته أو من حيث الإشراف على علاقاتالمؤسسة الوقفية واهتماماته .
والهدف الثالث: تحرصسلطات الاحتلال أن يظل التواجد اليهودي متواصلاً في ساحات المسجد وعلى أبوابه بدءاًبعناصر الشرطة والأمن الصهيوني والشخصيات اليهودية الرسمية وانتهاء بالمستوطنينوالحاخامات وبشكل استفزازي وسافر بحيث يحصل يومياً تطور وتقدم في التواجدالصهيوني وبأسلوب يزاحم الوجود الفلسطيني بقصد الوصول لفرضألأمر الواقع لتقسيمزماني للمسجد بين الفلسطينيين والصهاينة كما حصل في الحرم الإبراهيمي في الخليل بعدما نضجت الظروف الذاتية والموضوعية في ظل ما يسمى الربيع العربي المزعوم .
ويمكننا أن نجمل أهداف هذه الهجمة الاستيطانية في عدة نقاط منهاقطع الطريق أمام الحلول المجتزأة الهزيلة ومنها ما يسمى حل الدولتين الهادف إلىالتخلي عن فلسطيني 48 وإسقاط حق العودة ومن ثم إيهام الشعب الفلسطيني أنه قد فات الأوان على استرجاع مدينة القدس بعدما تهودت بالفعل وأصبح المقدسيين أقلية بسيطة مما “سيجبر” سلطة معازل أوسلو الوظيفية على القبول برام الله أو أبوديس عاصمة لهذه الدولة الموعودة .
*القدس في خطر من يقرع الجرس .
إن هذه الممارسات الإجرامية الصهيونية ينطبق عليها نظرية عالم الاجتماع اليهودي سالمون (2002) والمعروفة بـ “الخوف من الفضاء”. حيث أن الممارسات الإسرائيلية تقوم وبشكل إستراتيجي وممنهج إلى محو الهوية الفلسطينية وليس تقسيم الأراضي الفلسطينية فقط .
لذلك فإن القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية وأهلها باتت اليوم في خطر شديد بفعل حصارالمخططات الاستيطانية الصهيونية لها والتي لم تعد تقتصر على محيط المدينة بلامتدت لتشمل أيضاً الأحياء العربية والأماكن التاريخية والتراثية للمدينة المقدسةحيث وصلت أيادي المستوطنين وأدواتهم إلى المسجد الأقصى الذييتعرض بشكل يومي بين للتدنيس من قبل هؤلاء المستوطنين بحمايةقوات الاحتلال الصهيوني.
وقد حرص مجرمي الحرب الصهاينة بدعم ومساندة القوى الغربية والإدارات الأمريكية المتصهينة المتعاقبة على تحقيق أهدافها الاستعمارية الصهيونية القديمة الجديدة بعد رفض القرارات الدولية الصادرة عن مؤسسات الأمم المتحدة والتي تعتبر القدس أرضا محتلة والتي بلغت حوالي / 19 / قرار دولي عجزت الأمم المتحدة خلالها تنفيذ ولو قرار واحد وخاصةُ بعدما أصدرت سلطات الإحتلال العسكرية الصهيونية حوالي / 21 / قرار لتهويد القدس المحتلة وترجمت معظمها على ارض الواقع غير مكترثة بالأمم المتحدة وقراراتها كما كان يحلم كبير المجرمين الصهاينة تيودور هرتزل .