اللاجئون والتفرقة العنصرية
تم تهجير الشعب الفلسطيني للمرة الأولى سنة 1948 حين احتلت العصبات اليهودية المسلحة الارهابية الأوروبية والغربية وطنهم فلسطين، ولازالت تحتله لغاية هذا اليوم. وتواصل تهجير الفلسطينيين بشكل متواصل عبر الغزوات والاعتداءات والحروب والتدمير الممنهج والتصفية المنظمة.
بالرغم من كل الجرائم والمجازر والتصفيات إلا أن الغرب المنحاز كلياً ضد الفلسطينيين والى جانب المستوطنة اليهودية الصهيونية المُسماة (اسرائيل) يعتبر أن الصهاينة يدافعون عن أنفسهم ويكافحون ضد الارهاب. هذا يعني أن أصحاب الأرض الأصليين الذين يقاتلون الاحتلال الأجنبي لأجل تحرير بلدهم، إرهابيين، بينما الاحتلال شرعي ويدافع عن نفسه. هذا هو منطق القوي ضد الضعيف ومنطق الارهاب ضد السلام والأبرياء.
حين تهجر الفلسطينيون أول مرة سنة 1948 من كل فلسطين وأحدث مرة سنة 2021 في غزة لم يجدوا إلا القليل من المساعدات الدولية. وخلال تهجريهم في الاعتدادءات الاخيرة على غزة من 2008 ولغاية 2021 لم يحصلوا على أية مساعدة.. بالذات من الذين فتحوا قلوبهم وبيوتهم وأوطانهم ومدنهم وقراهم وبنوكهم وخزائنهم للاجئين الأوكران. هناك سياسة تفرقة عنصرية حتى بين الضحايا، ضحايا الحروب، فضحية عن ضحية بتفرق.
يأتي اللاجئون من أوكرانيا وهم على علم مسبق أن كل أبواب أوروبا مفتوحة لهم، سفرهم مجاني ومُسهل والى حيث يريدون في كل أوروبا، نومهم وطعامهم وشرابهم وحتى لباسهم وعلاجهم مجانية… وبطاقات الهواتف مؤمنة مع اتصالات وخدمة انترنت بالمجان على حساب الدولة أو شركات الهواتف الأوروبية. يحصلون على إقامة فورية لمدة ثلاث سنوات وعلى رقم وطني ومكان إامة وعمل والخ. يمكن القول أن لجوء عشرة نجوم أو لجوء فيب.
يحدث هذا بالفعل بينما آلاف اللاجئين من الدول الإسلامية والآسيوية والإفريقية والعربية ومن بينهم لاجئين فلسطينيين من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في غزة ولبنان وسوريا لازالوا منذ أشهر عالقين في الغابات، على حدود بولندا وروسيا البيضاء، في البرد والصقيع والجوع والعطش والمرض مع معاملة لا انسانية من قبل حرس الحدود البولندي في كثير من الأحيان بحسب ما قاله بعض هؤلاء اللاجئين.
كل أوروبا أعلنت سواء بشكل مباشر أو غير مباشر أنها لن تقبل بهم لاجئين وأنها تعيد النظر بسياسة منح اللجوء. أما بولندا فكانت أكثر عنصرية ووضوحاً حين قال بعض أركان حكمها وسياسييها وبرلمانييها أنهم لن يسمحوا بدخول أي لاجئين وبالأخص المسلمين منهم الى بولندا.
عندما قام الروس بغزو أوكرانيا وبدأت الحرب هناك وجدنا أن بولندا أكثر البلاد الاوروبية عداءً للاجئين، هي أكثر بلد متحمس لاستقبال اللاجئين الأوكرانيين… بالفعل دخل بولندا ملايين اللاجئين من أوكرانيا بتسهيلات كاملة من الدولة. شيء لا يصدق، فهذه السياسة فعلاً هي ليست سياسة حكومة بولندا التي نعرفها. فالبولنديون في غالبيتهم يكرهون الأوكرانيين كما يكرهون اليهود لمجرد أنهم يهود، ولا يكرهون الألمان بشكل كبير كما يكرهون الروس، وهذا شيء ملفت يدعو للبحث والتفكير. بولندا تكره روسيا ونكاية بها فتحت أبوابها للاجئي أوكرانيا وهذا ينطبق على بقية الدول الأوروبية لكن بتفاوت.
ترفض بولندا ومعها يرفض الاتحاد الاوروبي عدة مئات أو آلاف قليلة من اللاجئين الفارين من الحروب والويلات والظلم من بلدانهم، التي قام الغرب ومنهم الولايات المتحدة وحلف الناتو أي أوروبا بتدميرها وتخريبها وزرع الخلافات والحروب فيها. مع العلم أن اللاجئين على حدود بولندا ليسوا فقط من المسلمين بل هناك عدد لا بأس به من المسيحيين العرب والمشرقيين مثل اليزيديين ومن الأكراد والأفارقة وهناك عائلات وأطفال ونساء ومرضى وعجزة. كل هؤلاء لا يستحقون رحمة ولا شفقة حكام بولندا والاتحاد الاوروبي.
على كل حال حرب أوكرانيا فضحت وعرّت وكشفت فظاعة وزيف وخداع ونفاق وعنصرية كثير من حكام ودول أوروبا. أما دول أوروبا التي كانت شرقية أو اشتراكية فهذه دول تحكمها قوى سياسية يمينية متشددة وعنصرية ومعادية للمسلمين وللأجانب وللاجئين. ولا يمكن الوثوق بحكامها جلهم من المتصهينين والمتأمركين.
نضال حمد
3-4-2022