اللجنة التنفيذية فتح وأخواتها في مرآة السلطة
نضال حمد
انتهت اعمال اجتماع لأعضاء من المجلس الوطني الفلسطيني المنتهي الصلاحية والفاقد للشرعية في مدينة رام الله الفلسطينية المحتلة بالضفة الغربية. وأسفر الاجتماع المذكور عن نتائج مرضية لفريق رئيس السلطة الفلسطينية والدائرين في فلكه. فأصبحت اللجنة التنفيذية كفتح وأخواتها في مرآة السلطة، إذ تم ادخال ستة أعضاء جدد لعضوية اللجنة الفاقدة بالأصل للشرعية منذ زمن طويل. وهؤلاء الأعضاء كلهم من فريق أوسلو السياسي وإن كان هناك بعض الخلافات بينهم على أمور أخرى غير الحياة مفاوضات … بالمناسبة فأن السيد صائب عريقات صاحب نظرية الحياة مفاوضات، مع أن تلك المفاوضات لم تجلب للفلسطينيين سوى مزيد من الكوارث، والويلات والاستيطان والحواجز وفقدان الحقوق حتى كبشر… صائب مفاوضات نال عضويته في التنفيذية كممثل لحركة فتح. ولا ندري إن كان حل مكان الرئيس الراحل ياسر عرفات أم الراحل فيصل الحسيني.
أما احمد مجدلاني الذي كنت التقيت وأجتمعت به مرة واحدة في بولندا، يوم كان لازال طالباً في بلغاريا وحيث كان يمثل يومها جبهة النضال وجبهة الانقاذ الوطني الفلسطيني المعارضة لياسر عرفات وفتح… أصبح أحمد مجدلاني بعد وفاة الدكتور سمير غوشة أميناً عاماً لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني جناح رام الله، وأحتل مكان رفيقه الراحل في عضوية اللجنة التنفيذية. مع كامل الاحترام لتضحيات كافة فصائل منظمة التحرير الفلسطينية إلا أن معظم تلك الفصائل كبيراتها وصغيراتها لم تعد مؤثرة على أرض الواقع. لكنها موجودة في تركيبة أهل أوسلو وتتقاضى ميزانية من المنظمة. بنفس الوقت تناصر رئيس السلطة وتؤيد كل ما يصدر عنه وكل ما يقوم به من أعمال سياسية وتفاوضية. ويبدو للمرء عندما ينظر لخريطة المنظمة وتركيبتها أن تلك الفصائل تعمل وكأنها في شركة استثمار، كل شيء تقدمه تتقاضى مقابله. أو أي شيء تتقاضاه يجب أن تدفع ثمنه.
المقعد الثالث في اللجنة ذهب لصالح رأفت من حزب فدا المنشق عن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بزعامة السيد نايف حواتمة، وقد قاد الانشقاق قبل سنوات طويلة السيد ياسر عبد ربه الذي احتفظ بدوره بعضويته في اللجنة التنفيذية. مع العلم أنه لا يمثل اي جناح سياسي فلسطيني، إذ تم فصله وطرده من حزب فدا المذكور قبل فترة طويلة. وفي انتخابات المجلس التشريعي التي فازت بها حماس بشكل كبير لم يكن لحزب فدا أي تأثير يذكر. وينطبق الأمر كذلك على تحالف الجبهة الديمقراطية وحزب الشعب (حنا عميرة أصبح ممثلاً عنه في اللجنة بدلاً عن المرحوم سليمان النجاب) ولم أعد أذكر من الطرف الثالث .. استطاع التحالف المذكور أن يحصل على مقعدين فقط لا غير في التشريعي. فتصوروا أن مثل هذا التحالف الذي حقق بالانتخابات التشريعية هذا الفوز، له في اللجنة التنفيذية ثلاثة أعضاء .. هذه اللجنة التي تعتبر أعلى هيئة قيادية فلسطينية ومرجعية للشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده. هذه هي إذن ديمقراطية القيادة في رام الله المحتلة..
العضوان المتبقيان فازا بالانتخابات حيث حصل أبو علاء – أحمد قريع عضو اللجنة المركزية السابق لفتح وأحد أبرز رموز السياسة الأوسلوية فلسطينياً على 235 صوتاً .. بينما نالت حنان عشراوي 182 صوتاً. الخطير في الأمر أن قريع ترشح عن المقعد المحسوب للمستقلين… طبعاً من النادر أن تجد مستقلين في المجلس الوطني الفلسطيني لأنهم كانوا ومازالوا في جيب فتح. هكذا على الأقل عُرف عنهم خلال السنوات الطويلة من العمل الوطني الفلسطيني. قريع بترشحه عن هذا المقعد الذي كان يجب أن لا يُسمح له بالترشح عنه لأنه ينتمي لفصيل سياسي يهيمن على المجلس، خرق ومعه رئيس اللجنة ورئيس المجلس ونوابه وكل أعضاء المجلس المشاركين في جلسة رام الله، خرقوا قانون مجلسهم … وحرموا الشخصيات المستقلة (نوعاً ما )من الترشح عن هذا المقعد.
رئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة والسلطة أبو مازن قال في كلمته الختامية: ” الآن نستطيع أن نقول إن الشرعية الفلسطينية بخير وأن النصاب القانوني بخير وإن منظمة التحرير الفلسطينية بخير، وخسئ الخاسؤون الذين ينتظرون خراب هذه المنظمة“.
وتابع:
” دخلنا في عملية انتخابية حرة ونزيهة أدت إلى نجاح الأخ أبو علاء والأخت حنان عشراوي، وهذه بالتأكيد إضافة نوعية للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية“.
وأضاف موجهاً كلامه لشخصيتين وطنيتين معروفتين:
“بطبيعة الحال نقول للأخ عبد الله حوراني والأخ حسن خريشة هذه هي الديمقراطية وبالتالي علينا أن نتقبل النتائج بكل صدر رحب” .
لا نعرف لماذا شاركت بعض الشخصيات صاحبة المواقف الوطنية الجيدة في أعمال المجلس.. فبتلك المشاركة بدت ليست أفضل حالاً من الفصائل المجبرة على المشاركة كي لا يقطع عنها رئيس اللجنة الميزانية التي تتلقاها كل شهر من الصندوق القومي الفلسطيني وليس من جيب أحد.
لا ندري عن أي ديمقراطية تحدث رئيس السلطة .. فأعضاء المجلس بغالبيتهم العظمى من فتح والمحسوبين عليها سواء من الفصائليين أو من المستقلين على حد سواء. فهو خير العارفين أنه لم يكن هناك أي فرصة لأي شخص من خارج تلك الدائرة أن ينجح لا في انتخابات ولا في غيرها. لذا يتعجب المرء من قيام بعض هؤلاء بترشيح أنفسهم وهم على علم مسبق بأن اجتماع المجلس نسخة عن مؤتمر فتح. كل شيء فيه مرسوم ومفهوم ومعد سلفاً. إذ يكفي أنه عقد بمن حضر من الأعضاء. حتى أن الفقرة (ج) من قانون المجلس الذي على أساسه عقد الاجتماع لا تنطبق على هذه الدعوة. لقد فند ذلك واحد من الذين وضعوا هذا القانون، وهو الدكتور أنيس القاسم في مقالة هامة له نشرت قبل أيام. نقتطف منها التالي :
“”حتى في الإطار الضيق الذي حدد لجدول الأعمال، فقد ازداد الأمر تضييقا، تزداد معه التساؤلات، باستناد الدعوة على حكم استثنائي من أحكام النظام الأساسي لمنظمة التحرير لمعالجة الوضع القائم وهو الفقرة (ج) من المادة 14 من النظام الأساسي، مع الإستبعاد الكامل لبقية فقرات هذه المادة التي تعالج حالة الشغور في عضوية اللجنة التنفيذية.
والفقرة (ج) هذه هي استثناء من القاعدة، كما سنوضح فيما بعد، ومن المعروف لرجال القانون جميعا أن الإستثناء لا يُلجأُ إليه إلا إذا استحال تطبيق القاعدة العامة، والقاعدة العامة في ملء الشواغر وفقا للنظام الأساسي لمنظمة التحرير قد وردت في الفقرتين (أ) و (ب) من المادة 14 ذاتها. والهدف من وراء الإعتماد حصرا على هذا الإستثناء ينكشف عند تحليل هذه الفقرة وبقية فقرات المادة 14.
5. لمتابعة البحث فإننا ننقل للقارئ الذي قد لا يكون لديه نسخة من النظام الأساسي لمنظمة التحرير المادة 14 التي عالجت نصوصها حالة شغور عضوية اللجنة التنفيذية. تنص هذه المادة على ما يلي: “تؤلف اللجنة التنفيذية من أربعة عشر عضوا بمن فيهم رئيس مجلس ادارة الصندوق القومي الفلسطيني. واذا شغرت العضوية في اللجنة التنفيذية بين فترات انعقاد المجلس الوطني لأي سبب من الأسباب تملأ الحالات الشاغرة كما يلي:
(أ) اذا كانت الحالات الشاغرة تقل عن الثلث يؤجل ملؤها الى أول انعقاد للمجلس الوطني.
(ب) اذا كانت الحالات الشاغرة تساوي ثلث أعضاء اللجنة التنفيذية، أو أكثر يتم ملؤها من قبل المجلس الوطني في جلسة خاصة يدعى لها خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوما“.
ثم جاءت الفقرة (ج) التي استند اليها في الدعوة كمصدر قانوني لتنفيذ جدول الأعمال والإلتزام به. تنص هذه الفقرة على ما يلي: “في حالة القوة القاهرة التي يتعذر معها دعوة المجلس الوطني إلى اجتماع غير عادي يتم ملء الشواغر لأي من الحالتين السابقتين من قبل اللجنة التنفيذية ومكتب المجلس ومن يستطيع الحضور من أعضاء المجلس وذلك في مجلس مشترك يتم لهذا الغرض ويكون اختيار الأعضاء الجدد بأغلبية اصوات الحاضرين“.
6. وأول ما تجب ملاحظته هو أن المجلس الوطني وحده هو المختص بملء الشواغر مهما بلغت. وهذا وارد في الفقرتين (أ) و (ب). فاذا كانت الشواغر تقل عن الثلث فإن ملأ الشواغر ينتظر حتى أول انعقاد للمجلس الوطني، ولا ضرورة لدعوة المجلس لاجتماع خاص لاستكمال العضوية. ولا ضرر من هذا الإنتظار حيث أنه يفترض أن النظام الأساسي سيحترمه رئيس المجلس واللجنة التنفيذية بدعوة المجلس للإنعقاد في دوراته السنوية التي نص عليها النظام في المادة 8 منه.
وفي هذه الحالة يقوم المجلس بملء الشواغر. غير أن هذا النص لم يحترم، اذ أن المجلس الوطني لم يُدْعَ للإجتماع في دوراته السنوية بحيث يملأ الشواغر عندما وقعت، وعندما كانت تقل عن الثلث. والمجلس الوطني عندما يجتمع يجب أن يكون اجتماعه صحيحا بتوفر النصاب القانوني لصحة الإجتماع، وهو حضور ثلثي الأعضاء، وأن تكون قراراته صحيحة باتخاذها بأغلبية أصوات الحاضرين (المادة 12 من النظام الأساسي لمنظمة التحرير). “”
بعد هذه الملاحظات القانونية الواضحة جداً، تعتبر جلسة المجلس في رام الله غير شرعية و لا ندري كيف يمكن لهؤلاء الأشخاص أعضاء اللجنة التنفيذية أن يدعوا تمثيل الشعب الفلسطيني الذي لم ينتخب أي منهم.
نضال حمد
01/09/2009