المجلس المركزي يوارب الباب – عبد الستار قاسم
كنا نلبس قبل اجتماع المركزي ثوبا ممزقا، ونلبس الآن ثوبا مرقعا جزئيا
هناك من توقع بداية مرحلة فلسطينية جديدة كنتاج لاجتماع المجلس والهالة الإعلامية التي صاحبته، لكن ما جرى هو تأسيس لمرحلة امتدادية لمرحلة ما قبل المجلس. مقررات المجلس لا تخرج الشعب الفلسطيني من مرحلة الانقسامات، ولا من مرحلة تدهور مكانة القضية الفلسطينية
قرأت مقررات المجلس المركزي التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية أكثر من مرة لأقف بدقة على مضموم البيان، وقد وجدت أن صياغته قد تركت الباب مواربا ولم تغلقه تماما أمام أعاصير أو تدخلات قد تهب عليه، وأبقت الأمور مفتوحة أمام الاجتهادات والتأويلات المختلفة التي تميز الساحة السياسية الفلسطينية.
قرر المجلس تعليق الاعتراف بالكيان الصهيونية حتى يعترف الكيان بدولة فلسطين، ويتراجع عن ضم القدس ويوقف الاستيطان، ولم يسحب المجلس اعترافه بالكيان بصورة قاطعة. ماذا يعني هذا في القاموس السياسي العالمي؟ هو يعني أننا نعترف بالكيان، واعترافنا معلق على حبل في أروقة الديبلوماسية العالمية. علما أن مسألة الاعتراف بالكيان كانت الورقة الأقوى التي نمسك بها أمام العالم، وألقينا بها في أوسلو في القمامة بدون ثمن. هذا غير مقبول، والمفروض أن هذه المسألة مرتبطة باستعادة الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني.
قرارات المجلس كانت واضحة بالنسبة للتنسيق الأمني، وسنرى كيف ستتوقف السلطة عن هذا التنسيق. هذا القرار يعني ضرورة إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين لأسباب سياسية تحت ستار انتهاك قوانين السلطة، ويعني إعادة الجمعيات الخيرية والمؤسسات المجتمعية لأصحابها خاصة تلك التابعة لحركة حماس.
قرارات المجلس ما زالت تبحث عن أسلوب لاستمرار المفاوضات مع الكيان. حتى الآن لم يقتنع المجلس أن المفاوضات مع الصهاينة عبثية، ولا يمكن أن تكون غير ذلك بغياب عناصر القوة الفلسطينية.
لم يعط المجلس أولوية لإعادة بناء المجتمع الفلسطيني، وهي أولوية لا تعلوها أولوية من حيث أن تماسك المجتمع وصلابته وروح العمل الجماعي والتعاون المتبادل والثقة المتبادلة بين الناس تشكل اللبنة القوية لمراكمة قوة الشعب.
الفترة الانتقالية انتهت منذ زمن بعيد، فهل يعني قرار المجلس أنه سينهي كل ارتباطاته المدنية مع الكيان الصهيوني، ويلغي مكتب المنسق الأمني الأمريكي بين السلطة والكيان؟
لم يلغ المجلس اتفاقية باريس الاقتصادية التي ألحقت كبير الضرر بالمنتجين الفلسطينيين. فقط طالب المجلس بالانفكاك من اتفاقية باريس الاقتصادية دون أن يوضح معنى هذا الانفكاك.
المجلس جدد موافقته على مبادرة بيروت العربية التي فتحت الأبواب واسعة أمام أنظمة العرب للتطبيع مع الصهاينة، بل للتحالف معهم كما نرى الآن. مبادرة بيروت غير صالحة والمفروض رفضها قطعيا.
هناك قرار يطالب العرب بقطع علاقاتهم مع أمريكا في حال نقلت سفارتها إلى القدس، لكن العرب لن يفعلوا ذلك.
وهناك قرارات لها علاقة بالساحة الدولية والساحة الإسلامية. جدواها قليلة وأغلب الدول لن تستجيب.
لم تكن قرارات المجلس على مستوى المسؤولية الوطنية، ولا تلبي التطلعات. والمجلس تحدث عن المقاومة الشعبية، لكنه لم يقل لنا ماذا تعني المقاومة الشعبية، ولم يوضح للناس النشاطات المطلوبة ضمن هذه المقاومة.