“المستبعدون” العولمة النيوليبرالية للاستعمار الاستيطاني – مراجعة فاتنة نوفل
العنوان: “المستبعدون“ العولمة النيوليبرالية للاستعمار الاستيطاني
المؤلفون: إنريكو بارتولوميي، ديانا كارميناتي، ألفريدو تراداردي.
دار النشر: ديرايف اببرودي
بلد الاصدار: ايطاليا
لغة الكتاب: الايطالية
تاريخ الاصدار: أيلول 2017
عدد الصفحات: 227
اعداد: فاتنة نوفل
هذا الكتاب ملأ فراغا في المجال الأكاديمي الايطالي بتوفير الأدوات اللازمة لفهم الاستمرارية بين التجربة التاريخية للاستعمار الاستيطاني والمرحلة الحالية من الرأسمالية النيوليبرالية، محاولا الاجابة على بعض التساؤلات: لماذا من المهم اليوم تحليل الاستعمار الاستيطاني. لأن الاستعمار الاستيطاني، كشكل محدد من أشكال الهيمنة، يعرف الكثير من الترتيبات السياسية الحالية. مثل الشعوب الأصلية التي تعرضت لهجوم الاستعمار الاستيطاني، فإنهم طردوا من عملية الإنتاج ويُشار إليهم أيضاً على أنهم عديمي الفائدة لأنهم غير ضروريين.فنحن بحاجة إلى فهم كامل لهذا الواقع الجديد، للرد على القوة التي تتعرض للجميع. إنه يتتبع الحاجة إلى إقامة تحالفات بين المستبعدين من النظام السياسي الاستعماري ومن الدائرة الإنتاجية الرأسمالية لمشروع مشترك في المقاومة.
يشير التعبير “المصير الظاهر”، الذي صاغه الصحفي جون أو سوليفان في عام1845 ، إلى عملية لا مفر منها (مصير) واضح (وبرهان) لتوسع الولايات المتحدة في المناطق الغربية الغير متحضرة بعد، أصبح هذا التعبير مع مرور الوقت شعارا”لفكرة إدارة الإرتباط القائمة تاريخيا على التوسع القاري”. وصولا إلى العقيدة الوقائية والحرب على الإرهاب. التي تنص على الحق في التدخل الإقليمي غير المحدود دون اعتبار للمعايير الدولية إذا اعتبرت عائقا أمام المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة. واستخدام القوة إذا لزم الأمر أيضا.
في هذا الكتاب المكون من ثلاثة فصول والذي يستهل فيه المؤلف انريكو باترولوميي الحديث عن “المستبعدون أو المنبوذون”بمقولة ل “أندرو جوهونسون“: إذا حاول الهمجي المقاومة، فان حضارة الوصايا العشر في يد واحدة والسيف في ألاخرى ستقوم بالقضاء عليه على الفور”. هذا الكتاب يتناول عده مقالات وتحليلات تتناول الاستعمار الاستيطاني كظاهرة تاريخية خاصة يستقر فيها مجتمع من المستوطنين في مستقر ثابت في الأراضي المستعمرة ويهدف إلى أن يحل محل السكان الأصليين.
في الآونة الأخيرة، ومن الدراسات التي تم تتبعها بشأن الشعوب الأصلية، تطورت أدبيات غنية عن الاستعمار الاستيطاني كنوع متميز عن الاستعمار الكلاسيكي. ففي الاستعمار الكلاسيكي، القوة الاستعمارية تستولي على ألارض وتفرض السيطرة على الحكومة المحلية، من الأسواق والموارد، عادة عن طريق نقل المسؤولين فقط الذين يغطوا أعلى مستويات الإدارة ورجال الاعمال. الادارة المحلية والايدي العاملة تبقى على عاتق الشعوب المحتلة. أما في الاستعمار الاستيطاني، فان المستوطنين هم من يتنتقلون الى الاراضي التي تم احتلالها لإقامة مجتمع جديد، وليس كما في المقام الماضي لبناء نظام سياسي. السكان الأصليون يتم استبعادهم تماما، إلا في حالات متطرفة تحتاج لاستخدامهم كعمالة رخيصة، كما هو الحال في جنوب أفريقيا.
في الاستعمار الاستيطاني يؤكد لورنسو فيراشيني “ان منطق الطرد يتفوق على منطق الاستغلال للموارد والايدي العامله.” الاستعمار الاستيطاني يضع اهداف طرد السكان الاصليين وابدالهم بمجتمعات جديده لها حصريه السيادة. وهنا يؤكد باتريك وولف ان الاستعمار الاستيطاني مبصوم بمنطق الطرد والذي يتمثل بالتخلص الجسدي والاستيعاب البيولوجي والثقافي والادماج.
يعمل مجتمع الاستعمار الاستيطاني وفقا لمنطق تفوق الجنس الابيض والذي خلق نماذج طبقية نتج عنها ثلاث فئات رئيسية هي: مجموعة المستوطنين المؤسسين، التي تخلق نظامًا مؤسسيا يفصلها عن الجماعات التابعة.
(وهي حالة المستوطنين الإنجليز الذين أسسوا المستوطنات الأولى في أمريكا الشمالية أو اليهود الأوروبيين الأمريكيين في “إسرائيل”). الفئة الثانية: تتكون من مجموعات مهاجرة بعد الموجة الأولى من الاستعمار: فهي رسمياً جزء من النظام الاستعماري، ولكنها في وضع التابع للمؤسسين. (على سبيل المثال الاوروبيون الجنوبيون في الولايات المتحده واليهود من اصل عربي في “إسرائيل”). أخيراً، الفئة الثالثة: والتي تشمل السكان الأصليين الذين تم اقتلاعهم ونزع ملكيتهم وبشكل عام “ألاجنبي”. (المهاجرين غير النظاميين، على سبيل المثال)، المستبعدون تمامًا من مجتمع الاستيطان الاستعماري، الذي يميل إلى عزلهم في مساحات محددة بشكل جيد) السكان الأصليين في استراليا، شعب الماوري في نيوزيلندا، شعب الاسكيمو في كندا والعرب الفلسطينيين في “اسرائيل”).
من أجل ترشيد تجريد السكان الأصليين وإبادتهم، استخدم المستوطنون الأوروبيون سلسلة من الأساطير، والتي تشكل أساس الشرعية التاريخية والأخلاقية للاستيطان الاستعماري لتبرير احتلال الأراضي التي كانت مأهولة بالفعل، كان من الضروري تصوريها كمنطقة خالية من السكان. في الواقع، يُظهر التحليل المقارن لمستعمرات الاستيطان كيف لجأوا إلى أسطورة الأرض العذراء الشاغرة غير المأهولة (التي لا يسكنها الأوروبيون) أو الغير مزروعة (أي لا تخضع لطريقة زراعة أوروبية. المفهوم التجريدي لـ “الأرض الفارغة”.
لإعطاء أساس قانوني للاستيلاء على الأراضي وضع الأمريكي جون وينثروب، ” نظرية الخلاء”، والتي بموجبها فان الأراضي الغير ماهوله بالسكان بشكل دائم ولا تخضع للزراعة يجب اعتبارها “أراضي شاغرة “ويمكن شراؤها بشكل مشروع من قبل المستوطنين الأوروبيين. من ناحية أخرى، وبما ان السكان الأصليون لا يعرفون القانون المدني الأوروبي فلا يستطيعون المطالبة بأي سيادة على أراضيهم. حتى الأوروبيون الذين يهبطون على سواحل أستراليا أعلنوا “أن الأرض مشاعا لا تنتمي إلى أي شخص”. سمحت هذه العقيدة لبريطانيا بأن تطالب بالسيادة على القارة الأسترالية برمتها، وهو إملاء غير مؤهل قانونياً، على الرغم من حقيقة أنها كانت مأهولة بالسكان الأصليين منذ آلاف السنين. وبالمثل، قام الزعماء الصهاينة بتشجيع فكرة أن فلسطين كانت “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”. كما يذكرنا نور ماسالا، وبهذا الشعار، فان”الصهاينة لا يريدون أن يقولوا أنه لم يكن هناك شعب في فلسطين، ولكن لم يكن هناك شعب يستحق الاخذ بعين الاعتبار مقارنة بأفكار التفوق، ثم الهيمنة”. فالاعتقاد المشترك في الاستعمار الاستيطاني بأن السكان الأصليين هم من البدو الرحل، غير القادرين على جني الارباح وبالتالي لا يمكنهم المطالبة بحقوق الملكية لهم من المستوطنين الأوروبيين. وفقا للقانون الدولي الأوروبي.
في الفصل الأول: عرّف لورنزو فيراشيني الاستعمار الاستيطاني بأنه هيمنة خارجية بمكونين أساسيين: نزوح السكان الأصليين والعلاقة غير المتكافئة بين المُستَعمِرين والمُستعمَرون، لذلك ليست جميع حالات النزوح والهيمنة هي نتيجه للاستعمار. الاستعمار و الاستعمار الاستيطاني يريدان أمورا مختلفة لكنها متشابكة بشكل جوهري ووثيق وهناك عناصر مشتركة في معظم البيانات. هناك توافق للمجموعات المختلفة على ما يعنيه التخلص من السكان الأصليين بالإزالة الجسدية أو باجبارهم على إلغاء الثقافة لامتصاصها، استيعابهم وادماجهم. “انت تعمل عندي بينما انا انتظر أن تختفي”.
قضية الإبادة الجماعية ليست غائبة عن المناقشات التي دارت حول الاستعمار الاستيطاني. الأرض هي الحياة أو على الأقل ضرورية للحياة. الاستعمار الاستيطاني في أستراليا وفي أمريكا الشمالية كان في الأصل ابادة جماعية في الزمان والمكان كما يمكن أيضا أن تكون الإبادة الجماعية في غياب الاستعمار. وقد استخدم الاستعمار والاستعمار لاستيطاني الذي مارسه الأوروبيين، منظومة معاداة السامية، الخوف من الإسلام، الخوف من كراهية السود، وهي مفاهيم أقدم بكثير من مصطلح العرق الذي جاء متأخرا في القرن الثامن عشر.
في الفصل الثاني: نبه باتريك وولف الى تعريف اخر للاستعمار وهو ان “الغزو هو بنيان وليس حدث”؟ لأنه ناجم عن اتحاد لمجموعة من المستعمرات السابقة، تأسست الولايات المتحدة، وتطورت قوة الهيمنة العالمية دون منازع “.
ما يؤكده التعريف الوارد في إعلان الأمم المتحدة عام 2007 بشأن حقوق الشعوب الأصلية: وهو أن هذه الشعوب في خطر دائم.
في العولمة الجارية في عصرنا الحالي، يمكن التعرف بوضوح على أنماط الهيمنة، التي تعمل على إعادة هيكلة ديناميكيات الاستعمار الاستيطاني التاريخية. من الممكن رؤية الشواهد، على سبيل المثال، في “التأثيرات السيادية” لرأس المال الممول، الذي اكتسب قدرة غير مسبوقة على مهاجمة السياسات”من الاعلى”، من ناحية أخرى غالباً ما يشار إلى هذه العمليات كمثال على “تراكم بدائي” يعزز من طابعها العنيف الذي حل مكان” القيود الصامتة على العلاقات الاقتصادية”. فالاستعمار الاستيطاني كطريقة للهيمنة لإنتاج أشكال اجتماعية محددة مع السكان الاصليين على علاقة وثيقة مع سياسة “أنه ينبغي جعل الشعوب الأصلية تختفي”. الاستعمار الاستيطاني، المبني على اساس التنقل، يعني في نهاية المطاف تغييرا في المناخ، فالانتقال من بلد إلى آخر وبالعكس، هو نسخة من “الإمبريالية البيئية “، وما يترتب عليها من التحول العميق في المناظر الطبيعية وعلم البيئة والذي يتبعه المزيد من الغزو الاستعماري في مرحلة “اللااستقرار”. ما ينتج عنه لاجئين، وهو ما يمنح الآخرين حرية الحركة كقوة تأسيسية، وهؤلاء هم المستعمرون في الماضي، الذين يملكون السلطة السيادية.
اذن، ما العمل؟: إن البقاء في الارض والمقاومة هما سلاح الشعوب التي تعرضت للاستعمار والاستعمار الاستيطاني، وهوما يضمن عدم النصر للمستعمر. فالتدفق الغير مسبوق من اللاجئين إلى أوروبا هو دليل على أن سكان العالم لن يقبلوا الهيمنة دون مقاومة.
وتحت عنوان “ما وراء الصراع” يلخص تروديل في 2005 فكر الاستعمار:” لم نشهد حربًا تختفي تمامًا” فوفق تروديل ان أدبيات العالم في العلوم الاجتماعية تميل إلى أن تفصل بشكل مصطنع ما بين، الاستعمار، الحرب، الرأسمالية، تدمير البيئة، فهي مندمجه في مركب واحد، تشكل هيكل حياة لكل واحد منا.
وبالتالي اللغة المتماثلة “للنزاع” بين “طرفين” لا تتوافق إلى حد كبير مع الواقع المرتبط بالاستعمار الاستيطاني.
تحت عنوان” منطق الاستعمار الاستيطاني وألانظمة النيوليبيرالية” كتب دافيد للويد وباتريك وولف: نحن نعيش في عصر يشهد تحول الدولة ومؤسساتها الحكومية الى ما يسمى الحرب العالمية على الإرهاب، وتستخدم لإضفاء الشرعية على زيادة منظومة تطوير تكنولوجيات المراقبة واستخدامها ضد المواطنين، تزامنا مع نظام التقشف العالمي:. زيادة الإنفاق الحكومي على التسلح والأجهزة الأمنية التي تنتجها الشركات الخاصة تترافق مع تقليص في التعليم، الصحة والرعاية، وخصخصة الخدمات العامة التي تقدمها الدولة، من السلع الأولية مثل الطاقة والمياه.
هذا التراكم الجديد ولد ضرورة ولادة الحاجة إلى شكل جديد من الدولة. ففي هذه المنظومة الحكومية، في مرحلة ما زالت ناشئة يمكننا تعريفها على أنها نيوليبرالية، فإن دور الدولة ينحصر في العمل كوسيط للتوزيع السريع في أيدي الشركات متعددة الجنسيات والتي كانت ذات يوم أصولاً عامة. تلك الاصول التي كانت مشتركة بين جميع الأجيال هي الآن راس مال ومورد للاستملاك والاستغلال. في أماكن مختلفة، كان التحول عنيفًا وشاملًا في طموحاته، وتطلب إنشاء أنظمة فاشية أو “استبدادية”، وفقًا لتعبير وزارة الخارجية الأمريكية.
كانت تشيلي تحت حكم سالفادور الليند الدولة الأولى التي خضعت لهذا النوع من إعادة الهيكلة بشكل جزئي في بعض الأحيان وكلي في أحيان أخرى، فالمطلوب لفرض وضع النيوليبرالية الناشئة للحكومة: الانقلاب العنيف، القضاء على المعارضين السياسيين، التخصيص السريع للاقتصاد، قمع النقابات العمالية، والحركات الاجتماعية والديمقراطية الأخرى، وتنظيم نظام الشرطة الدائمة بحجة الحفاظ على النظام العام. وهذا ما يعرفه ناعومي كلاين ب”عقيدة الصدمة” واقترح أن الديكتاتوريات اليمينية في أمريكا اللاتينية هي “المختبرات” للمؤسسات القانونية والسياسية الناشئة التي تدعو إليها الليبرالية الجديدة. فلاحقا تصبح تدخلات كالانقلابات العسكرية أقل أهمية، فالأزمات الاقتصادية هي في حد ذاتها ذريعة كافية لفرض “الإصلاحات” الرأسمالية التي تم اختبارها في المختبرات العالمية في جنوب العالم.
في الفصل الثالث: وتحت عنوان الاستعمارالاستيطاني الصهيوني نموذجا، نستشهد عدة مرات بالاستعمار الاستيطاني كأداة أساسية لتحليل الصهيونية. ففي المقدمة، يمكن للمرء أن يقرأ: “وصل المستعمرون إلى أمريكا وأستراليا مع حمولتهم من أدوات الموت الحديثة، فوجدوا الآخر وكان دفاعًا غيرمتساوٍ. ففهموا على الفور أن السكان الأصليين لن يعترفوا بتفوق حضارتهم، ثم اقترح أحدهم التخلص من السكان الأصليين والاستيلاء على مواردهم”.
من كان يتخيل أن تجربة من هذا النوع في القرن العشرين قد تكون مستنسخة في منطقة مليئة بالتاريخ، مهد الديانات التوحيدية الثلاثة، على أساس، أنها من الوعود الواردة في (الكتاب المقدس)؟ فما هوالطريق الذي يتعين القيام به لتحقيق هذه “المفارقة التاريخية المختلة”، المتمثلة في ممارسة العنف اليومية والمنتظمة، لدرجة أن الضحايا تحولوا إلى جلادين؟
يخلص المؤلف الى ان الاستعمارالاستيطاني لا ينتمي إلى الماضي، إنه ليس ظاهرة خلفنا، إنه نموذج ضروري لتحليل القضية الفلسطينية، وبشكل أعم، العولمة النيوليبرالية، وبالتالي إقامة علاقة وثيقة جدا بين القضية الفلسطينية وما حدث حتى في الماضي البعيد، وما يحدث اليوم في العالم.
يتجلى ذلك مع فكر لورنزو فيراشيني، بطبيعة دولة “إسرائيل” كمشروع، “فإسرائيل” تعلن استقلالها في حين أن بقية العالم يبدأ في إنهاء الاستعمار؛ فالفلسطينيين في تلك الأرض، ورغم موجات مختلفة من التطهير العرقي لعام 1948 وعام 1967 واخضاعهم لنظام الفصل العنصري. وجميع اشكال العنف، التدمير، المصادرة وسرقة الأرض لتحقيق مجتمع “إسرائيلي” استعماري جديد. فان المقاومة المضنية التي أبداها السكان الفلسطينيون الأصليون ضد الغزو العسكري النهائي لفلسطين جعلت المشروع الصهيوني غير مستقر وغير كامل.
ان السياسة الدولية البديهية القائلة بأن “إسرائيل”/فلسطين هي واحدة من”بؤر الأزمات” التي لا نهاية لها في العالم، كان لها الأثر في خفض الديناميكية بأكملها إلى جملة واحدة: الصراع”(الإسرائيلي)-الفلسطيني”. وغالبية الصحفيين والباحثين والشخصيات الحكومية الذين يتحدثون أو يكتبون عنها يميلون إلى استخدام هذا التعبير بشكل غريزي، مما يدل بشكل لا لبس فيه على كيفية تحقيق “وضع المنطق العام لكن مصطلح”الصراع (الإسرائيلي) الفلسطيني” غير دقيق ومضلل، لسبب بسيط هو أن “مايحدث في (إسرائيل)/ فلسطين ليس صراعاً و إن دعم هذه الأطروحة لا يعني إنكار وجود طرفين أو أكثر متورطين في نزاع طويل الأمد وعنيف في كثير من الأحيان حول الأراضي والسيادة في فلسطين. فبهذه الحالة، يؤدي استخدام كلمة “صراع” إلى الاعتقاد بأن العلاقات بين “إسرائيل” والفلسطينيين هي، إلى حد ما، تلك الموجودة بين “طرفين” بأدوارمتساوية في سياق معين. هذا الافتراض غير صحيح لأن هناك اختلالاً كبيرا في قدرة”الطرفين” على إلحاق العنف و أيضاً زائف على أعمق مستوى، لأنه يخفي حقيقة أن مشروع.الاستعمار الاستيطاني في “إسرائيل”/فلسطين والذي يجري تنفيذه، والذي أعطى الحياة لسلسلة كاملة من الهياكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية لتشكل أساس العلاقات الحالية بين “إسرائيل” والفلسطينيين، فهذه البنى تشير إلى القائمين على دراسة مقارنة حول الاستعمار الاستيطاني. فبدلاً من الصراع، ما يتحقق في إسرائيل/فلسطين هو الصهيونية. وقد شرحت بطريقة واضحة في عمل باتريك وولف، الذي يكشف عن نواياها الأساسية: وهو تحول هيكلي جذري، طويل الأجل ونهائي، من الأراضي المعنية.
فالماضي هو الحاضر.