المناضل التاريخي محمد فياض الهريش كما عرفه الأستاذ أبو ناصر العينا
– إعداد نضال حمد وموقع الصفصاف
بعد أن كتبت خلال الأيام القريبة الماضية عن الأستاذ أبو ناصر العينا – خالد غنوم – طلبت من الأخ والصديق أبوخالد العينا أن يوصل مقالتي الى الأستاذ أبو ناصر. كما أملت منه أن يبلغه سلامي الحار وتحياتي القلبية الصادقة. أيضاً أخبرته برغبتي الشديدة أن يقرأ الأستاذ خالد غنوم العينا ما كتبته عنه. أو أن يقوم هو بإيصال المقالة وقراءتها له أو تلاوتها على مسامعه، ومن ثم أخذ رأيه بها والعودة لي ومعه ملاحظات الأستاذ، هذا إن أمكن ذلك.
بالفعل ذهب أخي أبو خالد العينا إلى الأستاذ أبو ناصر وقرأها على مسامعه فأثارت ربما ذكريات الطفولة والصبا والشباب والبدايات ومن ثم التعليم في المدرسة بالمخيم لدى الأستاذ، وأدت في نهاية المطاف الى ذرفه الدموع والبكاء متأثراً بمحبة ووفاء طلبته وتلاميذه. أما أنا العبد الفقير الذي كنت واحداً من تلاميذه ولازلت واحداً منكم يا أعضاء مجموعة ذاكرة مخيم عين الحلوة وأهل الصفصاف. عندما قرأت كلمات الأخ أبو خالد عن تأثر وبكاء الأستاذ خالد غنوم، أغروروت عيناي بالدمع وعادت بي الذاكرة عشرات السنين الى مدرسة المخيم في عين الحلوة.
سلمت يا أستاذ ابو ناصر ودامت الأفراح سبباً للدموع، دموع الفخر والفرح، فخرك وفرحك بأن هناك من تلاميذ وطلبة المخيم ومدارسه، من يتذكر دورك ودور رفاقك الأساتذة في صقلنا وتربيتنا وتعليمنا وتثقيفنا وتنويرنا وطنياً ونضاليا واجتماعيا وعلمياً.
دموعك يا أستاذ أبو ناصر أسعدتني لأنها دموع الذين عملوا وخدموا شعبهم ومخيمهم ولازالوا يفعلون. دموع العودة والتحرير والنصر إن شاء الله.
بعد أن قرأ أستاذنا خالد العينا مقالتي عنه، أرسل لي بعض الملاحظات ومنها قصته مع السجان الصهيوني عند اعتقاله في صيدا ونقله الى معسكر أنصار سنة 1982. قال أن الصهاينة إعتقلوه من خلال جاسوس أو عميل أوشى به، وكان الضابط الصهيوني يقوم خلال الاعتقال بكتابة معلومات عنه توضح تهمته ونوعية عمله ومكانته والخ.. كان يكتبها على قميص الأستاذ من الخلف. إنتبه الأستاذ أبو ناصر بفطنته إلى ذلك فقام فيما بعد بخلع قميصه ورميه في المكان الذي كان يتم فيه تجميع المعتقلين. هذا التصرف ربما كان سبباً في بقائه بالمعتقل في أنصار فقط لمدة 5 شهور وبعدها أطلق سراحه. فيما أصدقاؤه من المعلمين والأساتذة والكادر السياسي الفلسطيني بقيوا لسنوات في المعتقل.
أيضاً وصلني رده على سؤالي الذي طلبت فيه المزيد من الإضاءة على اسم المناضل الكبير محمد فياض الهريش، من بلدة الرأس الأحمر ومن كوادر حركة القوميين العرب في منتصف الخمسينيات من القرن الفائت. فكتب لي أستاذنا العزيز أبو ناصر، أن المناضل محمد فياض الهريش كان عمره في سنة 1955 بين 25 و30 سنة وهو من بلدة الرأس الأحمر الجليلية الفلسطينية المحتلة، جارة الصفصاف وطيطبا. كما أخبرني بأن الهريش رجل متعلم وبقي في المدرسة لغاية نيله شهادة البريفيه.
في سنوات الخمسينيات أو قبلها لا أدري بالضبط أنهى المناضل الهريش البريفيه… وكان منخرطاً في العمل كمهني أو كسائق سيارة أجرة. كما كان ينتمي إلى حركة القوميين العرب، وهو في ذلك الوقت كان من الحزبين في الحركة القوية والمنتشرة بقوة في المخيمات الفلسطينية وبين اللاجئين الفلسطينيين، كما في عموم الوطن العربي من مخيم عين الحلوة في لبنان إلى عدن في اليمن.
قال لي أبو ناصر العينا بأن محمد فاضل الهريش كان من الحركيين أمثال منير الخطيب الذي بدوره تجمعه أو جمعته صداقة مع الإعلامي الفلسطيني الزميل أبو خالد – عبد الباري عطوان. بالمناسبة جمعتني علاقة صداقة قوية مع أبي خالد عبد الباري، وكنت نشرت مقالاتي على مدار عشر سنوات في جريدته “القدس العربي” هذا قبل أن يبيعها لقطر وتتحول الى بوق يثير الإشمئزاز مثل فضائية الجزيرة. نشرت في القدس العربي مقالاتي وتقاريري وكان هذا قبل أن نفترق سنة 2012 بسبب خلافنا على الموقف من الهجمة العالمية العدوانية على سوريا. في وقت لاحق تراجع عبد الباري عن مواقفه المضادة لسوريا وصار معها ضد المعتدين عليها. وأنا سعيد له لأن فعل ذلك.
أضاف الأستاذ أبو ناصر العينا أن الهريش كان من القوميين الحركيين مثل منيب الخطيب والخياط فاروق الخطيب والخياط عبد ياسين والأستاذ عصام أيوب والمرحوم الأستاذ سليم دمعون… وغيرهم من أهالي بلدة لوبية”. طبعاً كانت الحركة منتشرة بين صفوف جميع سكان المخيم تقريباً وفي كل عشائر وعائلات وبلدات الفلسطينيين اللاجئين في مخيم عين الحلوة وبلدة لوبية إحداهن وهي من البلدات الفلسطينية الكبيرة والمؤثرة.
أبلغني الأستاذ خالد غنوم العينا بأن محمد فياض كان مسؤلاً عن فِرَق الفتيان في “جمعية شبان فلسطين الأحرار” التي كان الأستاذ خالد العينا وهو من بلدة علما الجليلية المحتلة أحد أعضاءها. ففي تلك الحركة كانت هناك مجموعات من الصبية والفتية والطلبة بين عامي 1954 و 1955…حيث كان المناضل محمد فياض الهريش يجمع الفِرَق أسبوعيا في المخيم بهدف التعبئة والتوعية والنهوض الثوري في حركة القوميين العرب… فيما بعد غادر الهريش المخيم وسافر إلى الخليج ومن ثم إلى أميركا. يبدو أن الاستاذ أبو ناصر العينا لم يعد يعرف أو يتابع الأخبار عنه لأنه لم يخبرنا ماذ حل به بعد الوصول الى أمريكا. ربما بحكم السن قد توفي.
أود أن أشكر الأستاذ أبو ناصر العينا على هذه المعلومات القيّمة عن المناضل الهريش وعن تلك الحقبة من الزمن الفلسطيني بالنكهة المخيمية النضالية. في الختام أتمنى من كل من لديه معلومات أو صور للمرحوم هريش أو للآخرين الذين وردت أسماءهم كأعضاء في حركة القوميين العرب من أهل لوبية وغير لوبية، أن يرسلونها لي، مع جزيل الشكر والامتنان.
إعداد نضال حمد وموقع الصفصاف
01-3-2022
