الموت يُغيب الفلسطيني، الصفدي، البولندي، محمود عبد القادر القاضي – نضال حمد
وفاة محمود عبد القادر القاضي – أبو سعيد- أحد أقدم الفلسطينيين في بولندا وأكبرهم سناً – نضال حمد
في مثل هذه الأيام من العام السابق ٢٠٢٠ التقيت به في مدينة “ميشلينتسه” الجبلية البولندية، الواقعة على الطريق بين مدينتي “كراكوف” و”زاكوباني” السياحيتين المعروفتين، حصل اللقاء المذكور في المركز الثقافي لبلدية المدينة. حيث كنت والفنانة البولندية دومينيكا روجانسكا مع معرضنا للصور واللوحات عن المخيمات الفلسطينية في لبنان، وصلنا الى هناك على هامش معرض عن فلسطين، ولتوقيع كتابين لي كانا صدرا باللغة البولندية. كانت الدعوة موجهة لنا من رئيس البلدية والمركز نفسه ومديرته الفنانة نتاليا نوفيسكا. تم افتتاح المعرض كما وجرت الندوة الحوارية وتم توقيع الكتابين يوم السابع من شباط – فبراير 2020.
في المعرض المذكور حضر السيد الموقر، الرجل الطاعن في السن، المربي الفاضل، الأستاذ محمود عبد القادر القاضي – أبو سعيد-، وكانت برفقته زوجته، السيدة البولندية التي تتكلم اللغة العربية بشكل جيد وبلهجة صفدية، جليلية، فلسطينية. كما كان برفقته اثنين من أحفاده الصغار. الراحل القاضي خريج جامعات بولندا حيث درس فيها نهاية الستينيات وتخرج في منتصف السبعينيات من القرن الفائت.
في لحظات التوقف والاستراحة خلال الندوة والمعرض جرت أحاديث قصيرة بيني وبين السيد أبو سعيد القاضي، فتبين من حديث الى آخر أنني سبق والتقيت به في مدينة لودز البولندية سنة 1985. حيث كانت هناك معاهد تعليم اللغة البولندية للأجانب. إلتقينا في مقهى “تياترالني” أو بالعربية مقهى ” المسرح” وهو مسرح كبير يسمى أيضا المسرح الكبير “تياتير فيِّلكي” وهو من أشهر المسارح في عموم بولندا وليس فقط في مدينة “وودج” أو “لودز” البولندية. كان يومها السيد القاضي قادماً من الجزائر حيث حصل على وظيفة وعمل بعد الدراسة والتخرج. إذا لم تخنِ الذاكرة فقد كان في زيارة لنجله الذي كان بدأ للتو الدراسة في بولندا.
علمت من الصديق البرفسور والشاعر الفلسطيني البولندي يوسف شحادة، استاذ الأدب العربي في جامعة ياغيلونسكي البولندية العريقة في كراكوف أن الاستاذ القاضي كان معلماً في مدرسة سبينة الثانوية في سوريا. وقد درس هو نفسه على يديه مادة الرياضيات. في هذا الصدد قال يوسف: “لقد عمل مدرسا في سورية، ودرسني مادة الرياضيات في المدرسة الثانوية (الصف العاشر) عام 1981-1982 في سبينة قرب دمشق”.
سعدت خلال المعرض بوجوده ومعه زوجته والأحفاد وسألني يومها من اي بلد أنا في فلسطين فقلت له من الصفصاف قضاء صفد, انبسط وبانت بسمته وابلغني أنه هو أيضا من صفد. ثم سألني إن كنت أعرف نجله الذي يملك مطعماً صغيراً في مدينة كراكوف البولندية. فأجبته أنني التقيت به مرة واحدة بالصدفة حين كنت مع الصديق عمر فارس، الذي بدوره دعاني لتناول الفلافل في مطعم نجله. بما معناه أنني عملياً لا أعرفه. السيد القاضي خلال حديثنا أبلغني أيضاً أن له إبناً ثانياً يسكن على ما يبدو خارج بولندا.
في ختام أعمال المعرض شكرته على حضوره هو وزوجته وأحفاده وتمنيت له دوام الصحة ومديد العمر خاصة أنها كانت تلك أيام بداية انتشار وباء كورونا في بولندا. وشكرت أيضا الصديق العزيز الفلسطيني البولندي الآخر بلال كاسوحة، الذي عرفني عليه والذي كان له الدور الأساسي في اقامة المعرض في مدينة ميشلينيتسه. كما واحتفطت بمجموعة من الصور لهم جميعهم كنت التقطتها بنفسي في المعرض.
رحم الله الأخ أبو سعيد القاضي فهذه هي حال اللاجئ الفلسطيني حين يموت لا يمكنه العودة حتى ميتاً الى فلسطين المحتلة فيدفن حيث يموت في العالمين العربي والغربي. فيما اللصوص المجرمين الذي احتلوا وسرقوا فلسطين، ويمنعون الفلسطيني من العودة الى وطنه أو دفنه في أرضه، لديهم قانون يقول أنه من حق أي يهودي في العالم أن يدفن في (اسرائيل) أي في فلسطيننا المحتلة.
– توفي يم السبت الموافق 6 شباط 2021 ودفن يوم 12-2-2021
نضال حمد 12-02-2021