النظام المغربي مصاب بإسهال تطبيعي – نضال حمد
استسلام وتطبيع اتفاقية “ابراهام” يأتيان بثمارهما في الدول العربية المطبعة. فالحكم المغربي المصاب منذ ذلك الوقت بإسهال تطبيعي غير طبيعي هو خير مثال على ذلك… للأسف فإنه نظام مطبع ولا يخجل من تطبيعه مع العدو ويمارس الخداع والإدعاء أنه يقف مع فلسطين ويحرص على القدس والمقدسات. لكن دائماً علينا أن لا نخلط بين النظام والشعب فالنظام شيء والشعب المغربي شيء آخر، وهذا شيء معروف للمهتمين، إذ منذ عشرات السنين يمارس هذا النظام سياسة تطبيعية سرية وعلانية حسب الظروف والتحولات في البلتد العربية والمنطقة. أما الشعب المغربي فهو من كل قلبه مع فلسطين وقد ساهم في تقديم الشهداء لأجل تحريرها من سنة 1948 وحتى يومنا هذا. وأنا أعرف كثير من المغاربة الذين يعتبرون فلسطين قضيتهم المقدسة.
لقد وصلنا الى نقطة في العالم العربي المستباح والنظام الرسمي العربي المخوزق مثل الجبن السويسري، حيث صار بإمكان المنظمات الصهيونية المعادية، التي تعمل تحت مسميات ثقافية ودينية ورياضية وأجنبية ومحلية أن تجهر بالتطبيع، وأن تتجرأ على التواجد في قلب العواصم والمدن العربية، حيث تمارس دورها المرسوم لها بتخريب عقول الشباب العربي وصهينة تلك المجتمعات، وحثها على استيعاب العدو والتطبيع معه وقبوله والتسليم بوجوده. كل هذا يتم ويحدث بتشجيع ودعم من الأنظمة الحاكمة في الدول العربية المطبعة كلها.
نفس الشيء يحصل في المغرب حيث تم مؤخراً افتتاح أول كنيس يهودي في العالم العربي بحرم جامعي، وذلك في جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بالقرب من مراكش بجوار مسجد جديد. هذه الجريمة السياسية والقومية من بركات ونتائج الاتفاقية الاستسلامية التي وقعها النظام المغربي مع العدو.
ذكرتني هذه القصة المغربية باللوحة التذكارية التخليدية للرعابي اليهودي الصهيوني مناحيم بيغن، المعلقة في بهو جامعة وارسو البولندية حيث كان الارهابي الفاشي اليهودي البولندي طالباً في كلية الحقوق بالجامعة وقائداً صهيونياً مهروفاً في بولندا وشرق اوروبا، هذا قبل أن يذهب مع الصهاينة الاوروبيين لاحتلال فلسطين وقتل وتشريد سكانها وتصفيتهم عرقياً مع اخوته صهاينة يهود المغرب والدول العربية الأخرى. أتمنى من كل قلبي أن لا نشاهد قريباً لوحة مشابهة لقائد يهودي صهيوني مغربي مثل ديفيد ليفي أو الجنرال غادي إيزنكوت وأيرييه درعي والخ… في بهو جامعة مغربية ما… وفي ظل تطبيع النظام المغربي هذا شيء وارد وممكن فمن بين ستة ملايين يهودي في كيان “اسرائيل” الاحتلالي يوجد مليون يهودي مغربي.
جاء في صحيفة جيروزاليم بوست “الإسرائيلية” أنه (في سابقة لم تحصل بالعالم العربي، افتتحت المغرب كنيساً يهودياً في جامعة محمد السادس بالقرب من مراكش).
جدير بالذكر أن جمعية تدعى “ميمونة” وربما هي جمعية صهيونية مغربية لمجموعة من المتصهينين المغاربة والعرب والمسلمين هي التي أسست الجميعة. التي تدعي أنها منظمة مغربية غير ربحية قام بتأسيسها “مسلمون”… أنظروا الوضاعة والخسة في التعريف، مسلمون يؤسسون جمعية في المغرب ودول عربية أخرى (الإمارات) تهدف إلى تعزيز التراث اليهودي في البلاد.. كما ساهم الاتحاد السفاردي الأمريكي، الذي له مكاتب في المملكة المغربية والإمارات العربية المتحدة في تمويل المشروع والجمعية.
لكي يعطى للحدث هالة ودعاية وأهمية تؤثر على العقل العربي الشعبي وعلى وعي الجماهير العربية التي ترفض التعامل والتطبيع مع الصهاينة والاستسلام لهم وللادارة الأمريكية المعادية.. حضر حفل الافتتاح الحاخام إيلي أبادي كبير الحاخامات في المجلس اليهودي لدولة الإمارات العربية المتحدة، وماجدة هارون رئيسة الجالية اليهودية المصرية، وجاكي كادوش، رئيس الجالية اليهودية بمراكش-الصويرة. وكان من بين الضيوف أيضاً ممثلون عن جمعية ميمونة وقادة مغاربة يهود وغير يهود. يعني حضرها كل المتصهينين العرب لأنهم يعتبرون أنفسهم جزءاً من مشروع التطبيع الصهيوني ونحن نعتبرهم جزءاً من المشروع الصهيوني المعادي.
لم يخف اليهود الصهاينة سعادتهم بالحدث إذ عقب على ذلك الحاخام عبادي لموقع ميديا لاين: (إن افتتاح كنيس في الجامعة بالمغرب أمر مهم للغاية، إذ إنه يعترف بالجالية اليهودية واليهودية كجزء لا يتجزأ من السكان المغربيين والمؤسسات الأكاديمية)…
قال المدعوالمهدي بودرة وهو رئيس جمعية “ميمونة” ومؤسسها لوسائل الاعلام” (الكنيس بُني في حرم جامعي في العالم العربي لأول مرة على الإطلاق، حيث جرى تشييده أيضاً بجوار مسجد جديد مباشرةً، “مع وجود جدار بينهما فقط”، كمثال على التعايش المغربي).
هذا وجاء في وسائل الاعلام نقلاً عن “بودرة” أن الرجل يعتقد (بأن الثقافة اليهودية تلعب دوراً رئيسياً في تاريخ المغرب وهويته وأن الكنيس اليهودي يحظى بمباركة الملك الكاملة. وأشار إلى أن “اليهودية المغربية هي حقاً جزء من المجتمع المغربي لمدة 2000 سنة. المغرب أرض يهودية أيضاً ونحن نحتفل بالتنوع المغربي تقليدياً”)…
يا “بودرة” الله لا يكثر من أمثالك وأمثال قادة الحكم في المملكة المغربية لأنه بوجودكم سوف تصبح أرض المغرب عما قريب أرضاً توراتية وصهيونية وسوف تُستباح وربما تُحتل كما تم احتلال فلسطين تحت نفس الشعارات سنة 1948.
نضال حمد – موقع الصفصاف – وقفة – 4-11-2022