الهجوم على الجبهة الشعبية ..لماذا ؟ – خالد بركات
بالأمس قرر السيد أسامة القواسمي أحد المتحدّثين بإسم حركة فتح ان يهاجم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بسبب بيانها الرّافض للقاءات مع الصهاينة وتحذيرها قيادة السلطة من مغبة الإستمرار في مثل هذه اللقاءات العلانيّة منها و السرّية ، التي تجري أمام – أو من وراء – ظهر الشعب الفلسطيني. واعتبرت الجبهة ان هذه اللقاءات تقوض جهود حركة المقاطعة الدّولية لعزل الإحتلال وهي لقاءات عبثية ولا قيمة لها ، بل وضارة جدًا.
واليوم تطالعنا وكالة معا الإخبارية ( مُقربة من حركة فتح ) باعادة نشر ” افتتاحية الحياة الجديدة ” الجريدة الرّّسمية للسلطة الفلسطينية التي جاءت هجوما جديدًا على الجبهة الشعبية للسبب والغرض نفسه.
لا بأس . يبدو ان رئيس وحزب واجهزة السلطة الفلسطينية ضاقوا ذرعًا بالجبهة ومواقفها وهذا موقف وشعور متبادل على أي حال. لكن ..لماذا لا نبحث في صلب الموضوع ؟ لماذا تريد ابواق السلطة حرف النقاش عن مساره وجوهره الحقيقي ؟
أصدرت الجبهة الشعبية بيانا قبل عدة ايام استندت فيه الى تقرير نشرته منظمة ” بايكوم ” الصهيونية في بريطانيا وهي منظمة معروفة وتشبه الى حد كبير ” إيباك ” في الولايات المتحدة ولو انها اقل قدرة وتاثيرًا . وتناقلت بعض الصحف البريطانية ، ومنها ” ذا ايفنينغ ستاندرد ” وغيرها خبر هذا التقرير ، ومفاده ان لقاءات سرّية جرت بين فلسطينيين واسرائيليين في لندن أواخر العام 2016 ، وكان هدف هذا اللقاء – المسار البديل – هو ازالة اية عثرات تقف في طريق المفاوضات!
ولا أظن ان شعبنا الفلسطيني فوجئ من الخبر او حتى اهتم به أصلا ، عداك على ان المستهدف من نشر التقرير المذكور ليس الفلسطينيين والعرب بل الرأي العام الدولي في بريطانيا تحديدا وللقول له : هناك لقاءات وجهود تبذل للاستمرار في عملية السلام فلماذا تقاطعوننا طالما اننا وممثلي الشعب الفلسطيني علاقتنا تمام؟
وبصراحة اكبر ، لم يكترث شعبنا للامر لان المفاوضات واللقاءات والنشاطات التطبيعية اصبحت عادة سرّية وعلنية ويومية ادمنتها سلطة اوسلو حتى وصلت الى حدود بات يعرفها كل الناس.
ولا أحد يحسب او يعّد عدد اللقاءات المباشرة والغير مباشرة التي اجراها ابو مازن وفريقه مع الصهاينة . وهناك لجنة مشبوهة جرى تشكيلها لتسويق التطبيع كثقافة وسياسة يومية ( شطارة) اسمها ” لجنة التواصل مع المجتمع الاسرائيلي ” يترأسها محمد المدني عضو اللجنة المركزية لحركة فتح.وسبق ان طالبت اللجنة الوطنية للمقاطعة وكل قوى المقاومة الفلسطينية حل هذه اللجنة المشبوهة.
كان الأجدر بحركة فتح ان ترد على تقرير ” بايكوم ” لا على بيان الجبهة الشعبية. وكان الاجدر بها ايضا ان تنفي مشاركة مقربين من السلطة في هذه اللقاءات التي جرت ( ليس لاننا نصدق الصهاينة لكن لان السلطة تكذب ولم تصدق ولا مرة واحدة ) . كان الاؤلى لحركة فتح ان تردع نفسها ورئيسها من الاستمرار في طريق العبث ، لا ان تحاول ” تعليم ” الجبهة الشعبية درسا في الاخلاق الوطنية.
هجوم اعلام حركة فتح على الجبهة الشعبية ليس سببه بيان اصدرته الجبهة حول لقاءات سرية جرت في لندن ، بل الخلافات بين الجبهة وبين القيادة المتنفذة في م ت ف أعمق وأكبر وصلت الى حدود اللاعودة. فالجبهة تستعد لخطوات سياسية جادة ومرحلة جديدة حسمتها اللجنة المركزية العامة في دورتها الاخيرة وسوف نترجمها ، وقريبا جدًا.