اليوم الذكرى السادسة لرحيل والدي أبو جمال حمد
في مثل هذا اليوم من سنة ٢٠١٨ غادر والدي عالمنا بعد حياة حافلة بالكد والعمل والتعب لأجل أن يسعد أطفاله ويعلمهم ويجعلهم من جيل صالح ومتعلم يستطيع المساعدة على طريق العودة الى الصفصاف وصفد والجليل وكل فلسطين. كان يحب بلدته ووطنه وارضه على طريقته. وكان يحبنا أيضا حباً جماً على طريقته. وكنا ولازلنا نحبه بعد وفاته حباً جماً كما أحببناه في الحياة.
في منزلنا بمخيم عين الحلوة لفظ أبي أنفاسه الأخيرة ليرحل تاركاً خلفه سيرة كادح وشجاع وصادق وعصامي. لم يتمكن من العودة الى بلدته في الجليل الأاعلى بفلسطين المحتلة، لأننا لم نتمكن من تحريرها لا يوم كان حياً ولا الآن حيث تدور الابادة في غزة والاستئصال والتصفية في الضفة الغربية، والاعتداءات بالجملة على لبنان وسوريا. كان ابي يقول لي كل الأنظمة العربية تقريباً أنظمة ليست للتحرير وهي بحاحة للتغيير. منذ ذلك الوقت لم يطرأ أي شيء ايجابي على تلك الأنظمة بل ازدادت سوءاً وخسة ولا عروبة. كان أبي يكن الود والاحترام لليمنيين وها هم أهل اليمن يبدعون في ترجمة الولاء للأمة الواحدة وفي فهم الانتماء لبيت المقدس وأكناف بيت المقدس.
مات أبي يوم الرابع عشر من هذا الشهر سنة ٢٠١٨ ولم أتمكن من وداعه وإلقاء النظرة الأخيرة على جثمانه، لكن وداعي له كان بالفعل يوم غادرت مخيم عين الحلوة في آخر مرة شاهدته فيها هناك، بقي هو الوداع الذي علق في عيني وذاكرتي.
الوالد حرص في كل مرة ودعته فيها اثناء السفر والعودة الى اوروبا على القول هذه آخر مرة نلتقي فيها وربما لا تجدني هنا في السفرة القادمة… وكنت مقتنعاً بكلامه ورغم ذلك كنت أقول له: لا يا أبي، لا تخف سوف أجدك هنا على هذا السرير الذي لم تعد تغادره منذ سنوات، سأجدك تنتظرني وفي فمك أو بيدك سيجارة “الهيشة” التبغ العربي، التي كانت تزعجني لأنني منذ تركت التدخين لم أعد أطيق رائحة دخان السجائر.
عدت الى المخيم في ١٥ كانون الأول ٢٠١٨ ودخلت منزلنا لكنها كانت المرة الأولى خلال سفراتي في العشرين سنة الأخيرة التي لم اجد فيها والدي كعادته ينتظرني في باحة الدار أو على السرير في الغرفة.
العام الفائت في بداية شهر نوفمبر – تشرين الثاني٢٠٢٣ ويوم جنازة أمي التي لحقت بوالدي تعرفت للمرة الأولى على مكان ضريح أبي في جبانة صيدا ومخيم عين الحلوة بمنطقة سيروب. هناك يرقد الآن أبي وهناك ترقد أيضاً أمي وكثيرون وكثيرات من عائلتي وأقربائي ومعارفي… وهناك يوجد شيء مني، من روحي وحبي وريحة طفولتي … توجد أشياء كثيرة من حكايتي وحياتي.
موقع الصفصاف – وقفة عز
نضال حمد
١٤ كانون الأول ٢٠٢٤