انحياز الغرب – نضال حمد
“اسرائيل” الارهابية حاملة الحصانة العالمية ممنوع محاسبتها، فهي محيمة بفيتو أمريكي ودعم أوروبي وغربي.
في شهر أيار الفائت سنة 2021 قامت قوات الاحتلال “الاسرائيلي” بشن هجوم تدميري على قطاع غزة استمر ثلاثين يوماً. تم خلاله استخدام جميع أنواع الاسلحة الحديثة في تدمير مدينة غزة مرة جديدة خلال أقل من 15 سنة.
تم ذلك أونلاين من خلال نقل حيّ ومباشر للاعتداءات والمجازر الصهيونية في القطاع. خلال ذلك الوقت لم تقم كما جرت العادة منذ 75 سنة أي دولة اوروبية أو غربية بإدانة الارهاب الصهيوني. أعلى سقف لتصريحاتهم كانت المواقف التي طالبت الطرفين بضبط النفس ووقف اطلاق النار والقصف المتبادل.
موقف غربي حقير ومنحط يضع الضحية والجلاد في نفس السلة. كما ويساوي بين اسلحة “اسرائيل” الفتاكة والأحدث في العالم وبين صواريخ الفلسطينيين المصنعة محلياً في قطاع غزة المحاصر. قمة العار والزيف والانحياز الاوروبيين والغربيين إذا ما نظرنا الى أنه خلال سنين قليلة دمر الصهاينة غزة عدة مرات. تم التدمير بكافة أنواع الأسلحة ودونما تمييز بين مدني وعسكري، كما جرت العادة في اعتداءات “اسرائيل” على الفلسطينيين والعرب… يبدو أن ثوب الضحية الأوروبي مُفصل فقط ليلبسه اليهود الصهاينة ولا يسمح للفلسطينيين أن يظهروا كضحية مع أنهم الضحية منذ سنة 1948.
في غزة 2021 كما في غزة 2008 و2012 و2014 وعلى مدار 50 سنة من الاعتداءات الصهيونية، تم تدمير المباني والمدارس والعيادات الطبية والبيوت السكنية والمحلات التجارية، كذلك دمرت الأبراج السكنية ومكاتب الصحافة والمستشفيات والاسعافات والاطفائية. شاهدنا القصف المتعمد للمدنيين وللصحافيين وللاسعافات في بث مباشر من الفضائيات العربية لأن المحطات الغربية والأمريكية والأوروبية لا تبث جرائم اليهود الصهاينة المُحتَلين والمُعتَدين.
شاهدنا المجازر بحق عائلات فلسطينية كاملة أبيدت وأطفال بالمئات قتلوا وجرحوا وبُترت أطرافهم وسُبلت أعينهم. شاهدنا تقريباً كل شيء أونلاين كيف قصفت المساكن والمنازل والعمارات السكنية ودمرت بلا رحمة… صور وتسجيلات ونقل وبث مباشرين لكل العالم، هدم البيوت وتدميرها فوق رؤوس المدنيين الفلسطينيين من أطفال ونساء و رجال. مئات الأطفال القتلى خلال شهر من الارهاب الصهيوني.. آلاف القتلى والجرحى الذين لم تظهرهم وأخفت صورهم وسائل الاعلام الأوروبية، التي كانت تظهر فقط إصابات قليلة للمدنيين الصهاينة، وهي نفس وسائل الاعلام التي تبث غزو روسيا وحرب أوكرانيا 24 ساعة متواصة. وهي نفسها التي تجهد للبحث بل تُنقب عن ضحايا مدنيين وخاصة من الأطفال في أوكرانيا لبث صورهم.
إزدوجية معايير عنصرية وممارسة ارهاب اعلامي غربي على كل شيء يفضح “اسرائيل” ويظهر الضحايا الفلسطينيين.. إنه إنحياز سيء وجبان ووقح الى جانب المجرمين الصهاينة.
ماذا لو كانت غزة في أوكرانيا والمعتدون هم الصهاينة وليس الروس؟
المدافعون عن غزة والمناضلون لأجل تحريرهم فلسطين المحتلة يقدمهم الاعلام الغربي كإرهابيين فيما المدافعون عن ماريوبول ومنهم مرتزقة وفاشيين ونازيين، يقدمون كمناضلين لأجل الحرية. يقال أن 90% منهم من كتائب “آزوف” اليمينية المتشددة والتي تحمل أفكاراً نازية وفاشية. قرأت قبل سنوات تقارير وبعدة لغات وفي عدة مواقع ومجلات تحدثت عن أن “اسرائيل” أشرفت على تدريبهم منذ سنين طويلة تحضيراً لمرحلة السيطرة الصهيونية على أوكرانيا. أما زيلينسكي فليس أكثر من موظف تحركه الجهات الخارجية الناتوية والأمريكية.
كثيراً ما وجهت هذا السؤال لنفسي وللآخرين: لماذا لا يتحدث الروس عن علاقة الصهاينة بالقيادة الأوكرانية وبميلشيا آزوف؟ مع العلم أنهم هم من قضى على الرئيس الموالي لموسكو في أوكرانيا. والصهاينة هم من جائوا بالرئيس اليهودي الأوكراني الحالي وبالرئيس اليهودي الأوكراني الذي سبقه.
ترى ما هو سر العلاقات الحميمة والممتازة بين الروس و”اسرائيل”، مع أن المعركة على أوكرانا في المستقبل ستكون بينهما؟
الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الاوروبي ودول الغرب والأمم المتحدة اعتبروا كل الأعمال الروسية في اوكرانيا جرائم حرب ومجازر وغزو وعدوان واحتلال، فيما هم أنفسهم اعتبروا ولازالوا يعتبرون كل الجرائم والعدوانات والغزوات الصهيونية والابادة والتدمير المتعمد في غزة خصيصاً وفي فلسطين عموماً دفاعًا “اسرائيليًا” عن النفس!
هذا بكل بساطة اسمه الكيل بمكيالين والانحياز بلا خجل أو تأنيب ضمير… واسمه أيضاً السياسة الغربية الأوروبية الامريكية المعادية والعنصرية والاستعمارية، المنحازة بشدة والتي تقلب الحقائق وتشوهها وتزيفها لأجل مصلحة “اسرائيل”.. والسياسة العدوانية ذات الوجهين القبيحين والبشعين.
نضال حمد
31-3-2022