انطون سعادة آمن ان الشعب السوري حقيقة انسانية خالدة
بقلم فؤاد شريدي- استراليا :
ايها السوريون .. لم آتكم بالخوارق
والمعجزات.. انما بالحقيقة الراهنة
التي هي انتم..
انطون سعادة
اطل الخريف على بلاد الشام .. ناثرا اوراقه الصفراء … التي تراقصها الريح لتطاير في الفضاء.. ثم تهوي على الارض لتشكل لوحة حزينة …
بلاد الشام تسمية غامضة في رمزيتها … وضبابية في توصيفها ..
بلاد الشام هي بلد واحد .. قسموه الى بلدان … بلاد الشام هي في العمق وفي الجوهر سوريا الطبيعية ..سوريا الطبيعية لم تكن مجرد حلم راود مخيلة انطون سعادة .. انطون سعادة آمن ان الشعب السوري .. حقيقة انسانية خالدة .. وان سوريا تشكل متحدا جغرافيا متكاملا للشعب السوري العظيم الذي قدم للبشرية الحرف والشراع … ووضع البذرة الاولى للحضارة الانسانية …
انطون سعادة .. جاء ليزيح التراب عن وجهها.. جاء لينفض غبار الغزاة عن كاهلها .. سوريا الطبيعية اوجدها الله وحدة جغرافية تتعانق فيها الجبال والسهول .. والتلال والاودية.. والبحر والشطآن.. لتشكل متحدا انسانيا .. ولوحة جمالية رائعة ..تتحقق فيها انسانية الانسان
هذه السوريا الطبيعيةانهال عليها فأس الغزاة البريطانيين والفرنسيين ليحولوها الى كيانات بموجب معاهدة آثمة سموها سايكس -ـ بيكو ..
لقد جلس سايكس الانكليزي ـ وبيكو الفرنسي في احدى غرف البرلمان البريطاني لكتابة بنود هذه المعاهدة .. وتحولت سوريا الطبيعية الى كيانات .. كيان اسمه فلسطين وكيان اسمه لبنان وكيان اسمه الاردن وكيان اسمه العراق..وكيان اسمه الشام .. والكيان الشامي صار الجزءالذي يحمل اسم كامل الوطن سوريا
انطون سعادة يكاد يكون المفكر الوحيد في سوريا والعالم العربي الذي دق ناقوس الخطر الصهيوني ..وادرك ان معاهدة سايكس ـبيكو تهدف الى تمزيق الامة ولكي تكون الجسر الذي يمكن الصهيانية للعبور عليه لاغتصاب فلسطين ..
انطون سعادة استشرف حقيقة الخطر الصهيوني قبل سقوط فلسطين .. وادرك ان هذا الخطر لا يتهدد فلسطين وحدها بل كامل تراب سوريا الطبيعية من اقاصي الفرات الى اقاصي النيل .. والصهاينةيجاهرون بهذه الحقيقة ويرفعون هذا الشعار على جدران الكينست .. (حدودك يا اسرائيل من الفرات الى النيل ) ولو كان لدى الصهاينة جيشا يستطيع السيطرة على اكبر من مساحة فلسطين لما وجدنا اليوم كيانا اسمه لبنان او العراق او الاردن او الشام.. بل ستصبح كامل الجغرافية السورية (اسرائيل الكبرى )
الكيانات التي اوجدتها معاهدة سايكس- بيكو هي كيانات مأزومة .. منقسمة على نفسها .. وهي عبارة عن مربعات طائفية والافراد داخل هذه المربعات ولاءهم للطائفة يتقدم على ولاءهم للوطن الكيان الذي يعيشون فيه
من البديهي عندما يصبح الافراد في دولة ولاءهم للطائفة او القبيلة او العائلة يتلاشى هذا الوطن وتتناهشه الذئاب المتعطشة للدم .. ويذوب كما يذوب مكعب من السكر في فنجان شاي .
انطون سعادة قدم مشروعا انقاذيا لامته وشعبه .. حاول اخراجنا من المربعات الطائفية لنصبح الى الله اقرب .. ومن الكيانات التي تحولت الى سجون .. وحولتنا الى سجناء .. نتقاتل ونتصارع على السماء .. وصراعنا الطائفي على السماء قد يفقدنا الارض والسماء معا .. وهذا ما قاله انطون سعادة لشعبه .
هذا الكلام ليس بكاء على الاطلال … وليس قصيدة نثر نتلوها في في جنازات الضحايا الذين يسقطون في مدن وقرى الشام والعراق ولبنان وفلسطين .
لقد انتزع العدو الصهيوني منا فلسطين .. وما زال يتهدد وجودنا برمته،، لاننا لم نواجهه كامة موحدة بل امة مشلعة ممزقة ومقسمة الى طوائف وكيانات .. وليس لدينا رؤية موحدة ..
الاعلام المشبوه يصور لنا ان ما يجري في سوريا الشام وفي العراق بان هناك ثورة غايتها الاصلاح.. لا تصدقوهم .. اي ثورة هذه التي تتلقى تمويلها وتسليحها من اميركا والعدو الاسرائيلي والرجعية العربية التي تتفرج على المجزة التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق شعبنا في فلسطين ويحاول تهويد المجسد الاقصى ؟؟؟
لقد توهم قتلة انطون سعادة انهم قتلوا حلمه ومشروعه الانقاذي النهضوي..
وقبل ان يخترق الرصاص صدره.. قال لهم ( انا اموت اما حزبي فباق .اما ابناء عقيدتي سينتصرون وسيجيء انتصارهم انتقاما لموتي )
ومن وهج دمه ولدت اجيال تعشق الموت والشهادة ومن لا يصدق فليقرأ دم شهداء نسور الزوبعة على ارض الشام وفي جنوب لبنان
عندما انتصرت المقاومة في جنوب لبنان وفي غزة شعرت اميركا والرجعية العربية بالخطر على الكيان الصهيوني .. فسارعوا الى ايجاد داعش وجبهة النصرة …
..
ولكن سوريا صمدت والعراق صمد وغزة صمدت .. علي صخرة هذا الصمود الاسطوري ستتحطم كل المشاريع التدميرية التي تعدها اميركا والعدو الصهيوني والقوى الرجعية العربية
هذا الدم الذي يسيل في باحة المجسد الاقصى وشوارع دمشق وشوارع بغداد سيرسم ملامح الانتصار لمشروع انطون سعادة..
وسيرحل خريف الموت.. وسيولد ربيع الحياة لأمة حية عظيمة اسمها سوريا
سيدني استراليا – فؤاد شريدي