انهيارالإمبراطورية الأمريكية – د . غازي حسين
برزت الولايات المتحدة في العالم كقوة عظمى وحيدة بعد انهياراتحاد السوفيتي والمعسكرالاشتراكي إلّا أنَّ وضْعها أخذ يتجه نحو الانهياربعد أنْ ورطتها اللوبيات اليهودية في الحروب الصليبية على الإسلام في أفغانستان والعراق وسورية وليبيا وحرب تموزعام 2006 في لبنان والمواجهة مع إيران .
فأوصلتها حروبها العداونية إلى حافة الإفلاس المالي والاقتصادي , والأخلاقي مما يؤشرإلى أفول شمس الإمبراطورية الأمريكية التي دخلت في مرحلة الانحدارالحتمي الآيل إلى انهيارها كما انهارت الإمبراطوريات الأخرى في العالم. وهرع محمد بن سلمان ومحمد بن زايد وامير قطر وقدموا اموالا خيالية لرئيس الصفقات ترامب لانقاذ\ امريكا من الافلاس على حساب شعوبهم وامتهم .
أخذت الولايات المتحدة على عاتقها تحمُّل العبء الإمبريالي كله ضمن استراتيجتها الكونية الشاملة وعبء الاستعمارالاستيطاني اليهودي في فلسطين … وفقدان البصر والبصيرة في دعم اخطر واوحش استعماراستيطاني في تاريخ البشرية.
وتبنت تخطيط اليهودية العالمية للهيمنة على البلدان العربية الإسلامية من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد أوالكبير .
وظهربجلاء أنَّه ليس باستطاعتها إدارة شؤون العالم بأسره , ودخلت بداية المرحلة , أوالطريق الذي سيقودها إلى السقوط , والانهيار, أوالتقوقع على نفسها داخل الولايات المتحدة , وذلك لمصلحة الشعب الأمريكي وشعوب العالم أجمع لأنَّها العدواللدود لجميع الشعوب في العالم .
وتظهر نظرية ابن خلدون والفيلسوف البريطاني أرنولد توينبي حول ولادة الإمبراطوريات ثم صعودها وزوالها بأجلى مظاهرها في الإمبراطورية الأمريكية الآيلة إلى السقوط والانهيار بسبب عدائها لجميع الشعوب والامم في العالم.
كان جورج بوش الابن يتصرف في بداية القرن الحالي , وكأنَّه الإمبراطور المتوَّج على جميع الرؤساء والملوك والأمراء في العالم . وكان يتصرف وكأنَّ الولايات المتحدة تستطيع أن تفعل ماتريده وتدوس بالأقدام على المواثيق والعهود الدولية ومبادئ القانون الدولي وحق الشعوب والأمم في الحياة وتقريرالمصيروالدفاع عن نفسها ومصالحها في مواجهة الإمبريالية الأمريكية “وإسرائيل” .
فاشتركت الولايات المتحدة في جميع الحروب العدوانية التي أشعلتها “إسرائيل” ودمَّرت أفغانستان والعراق ولبنان وفلسطين وسوريا والصومال والسودان وليبيا تحقيقاً لمخططات وأجندات يهودية وإسرائيلية تبنَّتها الإدارات الأمريكية وبقية الدول الغربية.
وتبدو اليوم بعد عقود من الغطرسة والحروب الاستباقية والدفاع عن احتلال”إسرائيل” لفلسطين والأراضي العربية وقد تغيَّرت قوتها الاقتصادية ,وفقدت قيمتها الروحيَّة والأخلاقيَّة والحضارية وصدقيتها ومصداقيتها .وأصبحت أكثردولة مكروهة من جميع الشعوب في العالم وبشكل خاص الشعوب العربية والإسلامية .
وأخذ الأمريكيون يشعرون بعدم الثقة بعد أنْ أشعلت إدارة الجمهوريين الحرب على أفغانستان والعراق وتسبَّبت بالأزمة المالية الحادة عام 2007 وساهم أوباما في تدميرليبيا وسورية ومحاصرة إيران وتهديدها باستخدام القوة بالتعاون مع آل سعود وثاني ونهيان.
وأدَّت الأزمات التي تعصف بالولايات المتحدة بسبب الحروب على الإسلام وحربي أفغانستان والعراق إلى انقسام كبيرفي أوساط الشعب الأمريكي نفسه بين المحافظين الجدد ومعظمهم من اليهود الليبراليين .
وأدَّت الخسائرالبشرية والاقتصادية التي سببتها إدارة الجمهوريين إلى ظهورزيف جوهرالقيم الأمريكية أمام جميع شعوب العالم باستثناء الشعب الإسرائيلي الشعب الوحيد الاستعماري والعنصري في العالم .وأصبحت غالبية الأمريكيين يعتقدون بأنَّ العقود القادمة ستكون آسيوية بسبب الأزمات الحادة التي تعانيها الولايات المتحدة لأنَّها جعلت اليهود يتحكَّمون في قراراتها وبسبب صعود قوى جديدة كالصين والهند وروسيا وتضاؤل إمكانياتها وضعف مكانتها بشكل مستمروفقدان مصداقيتها والحورب التي تشعلها البلان العربية والاسلامية وبقية بلدان العالم.
وأدَّى صعود الصين ومخططات الولايات المتحدة المعادية لروسيا ومحاربتها للعروبة والإسلام وفلسطين والقدس وانحيازها الأعمى للعدوالإسرائيلي , وتداعيات حروبها العدوانية على أفغانستان والعراق وسورية والحروب على الإرهاب والأزمة الاقتصادية التي سبَّبتها عام 2007 والتنسيق الروسي – الصيني في الأزمة السورية وصعود نجم روسيا في الشرق الوسط وإفلاس البنوك والعديد من الشركات إلى دخول الإمبراطورية الأمريكية في مرحلة بداية السقوط والانهيار خلال عدة عقود من الزمن فالولايات المتحدة سيكون مصيرها كمصير الإمبراطورات التي زالت في الماضي ومنها الإمبراطورية الرومانية .
ويأتي التدخُّل الأمريكي في المنطقة من باب الحرص على أمن إسرائيل والدفاع عن احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية وتهويد القدس وضم الضفة الغربية ودعمها عسكرياً , واقتصادياً ودبلوماسياً داخل الأمم المتحدة وخارجها ليزيد من العداء والكراهية للولايات المتحدة الأمريكية .
وتعتبرالإدارة الأمريكية أنّ تدفّق النفط العربي إليها وإلى بقية الدول الغربية بالأسعاروالكميات التي تخدم الاقتصاد الأمريكي , وكذلك بقاء واستمرارالودائع والاستثمارات في الأسواق الأمريكية , والأوربية والتي تصل إلى حوالي تريليون دولارمن الأهداف الاستراتيجية الأساسية لها في منطقة الخليج.
أدَّى نهج إدارة بوش الابن القائم على إشعال الحروب الاستباقية والحروب الصليبية ضد العروبة والإسلام لحل المشاكل الدولية , وخدمة المصالح الأمريكية, والتفرّد الأمريكي في صياغة منظومة العلاقات الدولية وهيمنة القطب الواحد على النظام العالمي واقامة اسرائيل العظمى الاقتصادية من خلال مشروع الشرق الاوسط الجديد إلى بدء تفكيرالحزب الديمقراطي بقطيعة سياسية وعسكرية مع نهج إدارة بوش وبروزالتعددية وصعود دورروسيا الاتحادية والصين في النظام العالمي الجديد والذي أخذ يتبلورفي خضمِّ الأزمة السورية.
وحاولت إدارة أوباما انتقال الاستراتيجية الأمريكية من مرحلة الحروب الاستباقية والتحوُّل إلى الحروب الذكيَّة ومنها استخدام الطائرات بدون طياروتغييرالأساليب لاستيعاب الحراك الشعبي وتوجيهه لخدمة استراتيجتها في المنطقة مع الإبقاء على جوهرالاستراتيجية الأمريكية القائمة على الحفاظ على المصالح الأمريكية والإسرائيلية والتهديدات باستخدام القوة بالتحالف والتنسيق والتعاون مع الدولتين الاستعماريتين بريطانية وفرنسا والملوك والأمراء وبعض رؤساء العرب ومنهم الرئيس المخلوع حسني مبارك واشعال الربيع العربي لتدمير وتفتيت بلدان الشرق الاوسط.
رفع أوباما أمن إسرائيل إلى مستوى القداسة الدينية , واعترف بأنَّ القدس بشطريها المحتليين العاصمة الموحدة للكيان الصهيوني وبيهودية الدولة . وجاء الاهوج والخطير ترامب واعترف بالقدس المحتلة عاصمة للعدوالاسرائيل
وتراجع عن مطلبه بوقف الاستيطان في القدس وبقية الضفة الغربية المحتلة. ويسخِّرأساليب الترهيب والترغيب والخداع لحمل المفاوض الفلسطيني على توقيع اتفاق الحل النهائي عن طريق المفاوضات برعاية الصهيوني المتشدد كوشنير لتصفية قضية فلسطين وإنجاح المشروع الصهيوني وإنهاء الصراع العربي – الصهيوني .
وتعمل الولايات المتحدة بالتعاون مع آل سعود وثاني ونهيان ومجموعات إرهابية متطرفة من وهابيين وسلفيين ومن تنظيم القاعدة على الإطاحة بالأنظمة التي لاتروق لها ولإسرائيل وتفكيك الدول العربية الكبيرة من خلال إشعال النعرات الطائفية والمذهبية والعرقية لتفتيتها وإعادة تركيبها لإقامة مشروع الشرق الأوسط الكبير, وصياغة سايكس- بيكوجديد على أساس طائفي وديني وعرقي أسوأ بكثيرمن اتفاقية سايكس – بيكو التي وقعتها فرنسا وبريطانية الاستعماريتين.
ويبالغ حكام الخليج العرب والملوك والرؤساء الذين وقَّعوا اتفاقات الإذعان في كامب ديفيد وأوسلوووادي عربة في فعالية الدورالأمريكي في الوقت الذي تنتشرفيه نظرية تراجع دورالزعامة الأمريكية في العلاقات الدولية وهي وسيط غير نزيه في المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين والحليف الاستراتيجي للعدو الصهيوني وعدو جميع الشعوب في العالم.
ويأتي التدخل الأمريكي في المنطقة باستخدام القوة العسكرية ووجود القوات الأمريكية في سورية والعراق وعرقلة الحل السياسي في سورية من باب الحرص على أمن إسرائيل ومخططاتها لتصفية قضية فلسطين والمحافظة على المصالح الأمريكية في الخليج.
فالأوضاع العربية الراهنة لايمكن أن تكون مدخلاً لإرساء العلاقات العربية – الأمريكية على أسس سليمة , وللوصول إلى تسوية عادلة برعايتها نظراً لاختلال موازين القوى لصالح العدوالصهيوني والانحياز الامريكي الاعمى لاسرائيل وتبني الرئيس الامريكي ترامب مشروع الفاشي نتنياهو واستراتيجية الامن القومي الامريكي الجديدة .واصبح ترامب دمية نتنياهو ومحمد بن سلمان دمية ترامب لتمرير الحل الصهيوني لقضية فلسطين .