بمناسبة مئوية وعد بلفورالمشؤوم – د. غازي حسين
الوعد والانتداب والتقسيم أفكار استعمارية
ابتكرها دهاقنة الاستعمار البريطاني
التقسيم تقسيم فلسطين العربية هي أكبر جريمة ارتكبتها الأمم المتحدة استجابة للضغوط الأمريكية والبريطانية وموافقتها على القرار 181 بحق الشعب العربي الفلسطيني وجميع شعوب الشرق الأوسط وبحق الأمن والاستقرار والسلام والتنمية في البلدان العربية.
واستمرأت اليهودية العالمية وإسرائيل فكرة التقسيم التي ابتكرها دهاقنة الاستعمار البريطاني لخدمة مصالح الإمبراطورية البريطانية في بلدان الشرق الأوسط والصهيونية العالمية ويعملون على تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ. فاقتسموا أراضي الدولة الفلسطينية بموجب قرار التقسيم مناصفة بين إسرائيل والمملكة الهاشمية فأخذت كل منهما 22% واحتلت إسرائيل القدس الغربية وضمت المملكة الهاشمية القدس الشرقية، وأصبحت العاصمة الثانية للمملكة الهاشمية، وعادت إسرائيل واحتلت القدس الشرقية في حرب حزيران العدوانية التي أشعلتها عام 1967 وأعلنتها عاصمتها الموحدة مقدمة لإعلانها عاصمة العالم بعد تدمير المسجد الأقصى المبارك وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه تحقيقاً لخرافة هيرمجدون الهستيرية.
وتعمل إسرائيل على تقسيم الضفة الغربية بعد أن احتلت القدس الشرقية وضمت إليها عشرات القرى العربية لتوسيعها وإعلانها عاصمة للعالم و ضم الغور بما فيه من مياه قادمة من سورية والذي يعتبر الكنز الزراعي لفلسطين والبلدان العربية المجاورة لها.
وتطرح هذه الدولة المارقة بكل عنجهية ووقاحة استعمارية وعنصرية تقسيم الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 لقاء إنهاء الاحتلال الإسرائيلي البغيض لحوالي 9% من مساحة فلسطين وتحقيق رؤية الدولتين بتأسيس دويلة مسلوبة السيادة لتصفية قضية فلسطين وإنهاء المقاطعة العربية والهرولة في التطبيع الجماعي.
رفض الشعب العربي الفلسطيني ولا يزال يرفض التقسيم ويصر على تحرير فلسطين من النهر حتى البحر، ومن رأس الناقورة حتى رفح لأن التقسيم فكرة استعمارية تمخضت عن دهاقنة الاستعمار البريطاني لتحقيق ما ورد في تقرير كامبل عام 1907 واتفاقية سايكس ـــ بيكو عام 1916 ووعد بلفور عام 1917، لخدمة المصالح البريطانية وتعزيز النفوذ الاستعماري والصهيوني في الوطن العربي.
لجأت بريطانيا إلى التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية والصهيونية العالمية لفرض التقسيم من خلال الأمم المتحدة. ومارست الصهيونية العالمية أقصى الضغوط على الرئيس الأمريكي ترومان ليمارس بدوره أقصى الضغوط على بعض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وحملها على الموافقة على قرار التقسيم غير الشرعي والجائر والذي ألحق أفدح الخسائر والأضرار البشرية والمادية والإنسانية والمعنوية بالشعب الفلسطيني، واستغلته الصهيونية والإمبريالية بالإضافة إلى استغلال معزوفتي الهولوكوست واللا سامية والمبالغة فيهما لتأسيس إسرائيل بموجب قرار التقسيم واستخدام القوة وحرب عام 1948 العدوانية. وارتكب اليهود 74 مجزرة شبيهة بمجزرة دير ياسين وطردوا الشعب الفلسطيني من وطنه فلسطين. واستوردوا المستعمرين اليهود وغروسهم مكان الفلسطينيين أصحاب فلسطين الشرعيين وسكانها الأصليين.
كانت فكرة تقسيم فلسطين وحتى البلدان الأخرى التي تحقق تقسيمها من أفكار وممارسات الاستعمار البريطاني. فقسّمت بريطانيا هندوستان على أساس ديني بين الهندوس والمسلمين.
فقامت الهند وباكستان، ولا يزال البلدان يعانيان من التقسيم حتى بعد انتهاء الحرب التي اندلعت وقامت على أثرها بنغلادش.
وحاولت بريطانيا تقسيم قبرص بين القبارصة اليونان والأتراك، ولكنها فشلت لاختلاف الظروف الدولية عما كانت عليه عندما تمّت موافقة الأمم المتحدة على تقسيم فلسطين.
ناضل الشعب الفلسطيني مئة عام ضد الاستعمار البريطاني والصهيونية العالمية. ورفض فصل سورية الجنوبية أي فلسطين عن الوطن الأم سورية وطالب بسحب القوات البريطانية وإنهاء الانتداب البريطاني وتأسيس دولة فلسطين المستقلة والديمقراطية بحيث يتمتع جميع السكان فيها بحقوق المواطنة والمساواة التامة أمام القانون.
وطالبت منظمة التحرير الفلسطينية عام 1974 أمام الأمم المتحدة «وكنت عضواً في الوفد الفلسطيني الذي ترأسه ياسر عرفات آنذاك في نيويورك» بإقامة دولة ديمقراطية على كامل التراب الفلسطيني بدون تمييز قومي أو عرقي أو ديني أو طائفي أو جنسي ويتساوى فيها جميع سكان فلسطين بالحقوق والواجبات.
عارضت الصهيونية والدول الغربية مبادرة منظمة التحرير الفلسطينية التي رحبت بها الأغلبية الساحقة من وفود الدول الأعضاء في المنظمة الدولية ترحيباً حاراً ومنقطع النظير.
ويمكنني أن أجزم أن الدول التي عارضت تلك المبادرة كانت إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا المجرمة التي تتحمل كامل المسؤولية على الظلم الجائر الذي ألحقته بالشعب الفلسطيني جراء وعد بلفور ونظام الانتداب الاستعماري وقرار التقسيم غير الشرعي لخدمة مصالحها ومصالح الصهيونية العالمية وتفتيت البلدان العربية والإسلامية .
ويطالب شعبنا الفلسطيني بتحميل بريطانيا كامل المسؤولية عما حل به وتقديمها إلى المحكمة الجنائية الدولية وتحميلها مسؤولية الكوارث والمآسي والويلات والحروب والمجازر الجماعية والتطهير العرقي وترحيل الفلسطينيين من وطنهم وممارسة إسرائيل تجاههم الاستعمار الاستيطاني والابارتايد والإرهاب والإبادة الجماعية كسياسة رسمية.