تجربتي مع كورونا… – حسام الدلكي
منذ عام كامل تغير مسار حياة الناس على كوكب الارض نتيجة فيروس كورونا .. لم تعد الحياة هي الحياة ولا العادات هي العادات وتغير نمط حياتنا رأسا على عقب واعتقد قد نحتاج لسنوات لتعود الحياه كما كانت في السابق .. استطاع هذا الجنرال الفيروس هزم كل دول العالم ومؤسساتها ووضعها في خانة من لم يكن يؤمن بي و بقوتي وفتكي سوف افتك به؟؟؟ والاسلم لكم اتباع سياسيات وقائية حتى لو نتج عنها تدهور اجتماعي واقتصادي وحياتي .. انساقت الدول كالقطيع خلف هذه التهديدات التي اصبحت مسلمات بل وشعارات المرحلة فتبنتها وزارات الصحة ومنظمة الصحة العالميه لتصبح قرارات وقوانين نافذه .. وكان واضح منذ البداية رسم سياسة جر سكان كوكب الارض مثل القطيع دون نقاش او حتى محاولة فهم ما يجري ؟؟
منذ البداية لاحظت من وجهة نظري الشخصية تضخيم للفيروس وكانه سرطان او فيروس ايدز !!! طبعا فرضت قوانين الحظر وهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور كل من يخالف القوانين والفرمانات الجديدة .. واصبحنا نسمع بمنع التجول واللقاءات واغلقت المدارس و المطاعم والمرافق الترفيهية وتجمد الاقتصاد .. نحن هنا من يسكن الغرب والدول المتقدمه حتما لم نتاثر كثيرا من هذه الناحيه واقصد الناحيه الاقتصادية لكن في مجتمعاتنا العربيه حيث لا مكان لمصطلح العداله الاجتماعية ولا النظام الاجتماعي( الاشتراكي المعتمد على الضريبة التصاعدية ) فساد الفقر والعوز وانهارت قطاعات كبيره وجاعت اسر عربية للاسف عدا عن التمزق والحروب في اليمن وسوريا وليبيا والعراق ولا حول ولا قوة الا بالله !!!! اعود للجانب الشخصي واقول مثل غيري حاولت الالتزام بالضوابط والقوانين قدر المستطاع وتحايلت على الضوابط والقوانين قدر المستطاع ايضا !!!!وتالمت كثيرا مثل غيري لوفاة عدد كبير من الايطاليين في بداية الجائحة … بقيت الكورونا خبر التلفاز الاول اسمع عنه ولا اراه .. اصابتني حاله كمن يهدده مجرم كل يوم بالقتل .. مع الوقت يصبح التهديد دون قيمه ولا يخوف احدا … هذا ما فعله كورونا بي شخصيا … الا ان بدات دائرة المرض تقترب واصيب اصدقاء وزملاء عمل بالمرض وكنت اساعد بعضعهم في التسوق كونهم ممنوعون من الخروج خارج المنزل .. انجلت الجائحة واجتمعت باصدقائي .. علمت منهم انها مجرد انفلونزا عاديه بل ان الانفلونزا اكثر حده!!!! اذا لماذا كل هذا التهويل ؟؟ ضحايا الانفلونزا نصف بالمئة سنويا وضحايا الكورونا ثلاث بالمئة وكلهم من العجائز !!!!
بقيت افكر بهذا الحال وباغلاق المدارس والمطاعم والمقاهي وحريتنا كبشر والمنع من السفر وكل وسائل الحياه … الى ان اصبت قبل اسبوع في الكورونا ويقول المثل ( المي بتكذب الغطاس ) احسست بوهن يوم الاثنين .. لدرجة اني امضيت النهار وانا نائم في العمل !!!!! في اليوم التالي صحوت الخامسة للعمل .. لبست ملابسي واشعلت السياره حتى تدفيء لان الجو بارد .. ايقضت زوجتي لتذهب للعمل ايضا … وانا اضع اخر اللمسات للذهاب للعمل قلت لزوجتي اني اكابر نفسي لن اذهب للعمل السيارة جاهزه اذهبي لوحدك انا مريض … عاودت ونمت … اتصلت مع طبيبتي الخاصه فقالت على ان اعمل فحص كورونا .. فعلا مساء ذهبت للمدينة المجاوره وعملت فحص وعدت للبيت.. في اليوم التالي اتصلت مديرية الصحه تخبرني اني مصاب بكورونا .. وعلي عمل حضر منزلي وعلى زوجتي العوده للبيت ايضا لمدة عشر ايام حضر .. لاحقا عملت زوجتي فحص فكانت النتيجة ايضا ايجابيه ..
طبعا الاعراض هي اعراض الانفلونزا من حراره احيانا والم في الظهر مترافقه مع دوخة وهناك احساس لانعدام حاسة التذوق بطعم الاكل او الشراب .. لذلك من الصعب اللذه في تناول الطعام .. في هذه الجزئيه استطيع القول ان الانسان يملك مليارات لا يشعر بها من النعم؟ تخيل ان تذهب حاسة الطعام او حاسة تذوق الطعام مع حاسة الشم؟؟ ستفتقد هذه الحاسه اسبوع او اكثر قليلا وستعلم قيمة نعم الله التي لا تعد ولا تحصى ولا يشعر بها الانسان …
طبعا كانت اول ثلاث ايام صعبة من ناحية الم الظهر واسفل البطن والكلى .. والحراره والدوخة لكن علي الاشارة وبامانه انه الانفلونزا العاديه التي تزورني كل عام تقريبا هي اصعب بكثير من كورونا واقول ذلك من باب التجربة التي مررت بها بكل امانه فلا داعي للتهويل والكذب .. بعد اليوم الرابع تبداء بصحة عاديه جدا ممكن تشعر ببعض الوهن لذلك اهم ما في المرض الراحة التامه والاسترخاء … والنقطه المهمه التي اود التطرق لها انه الحظر المنزلي عباره عن سجن بمساحة سبعين متر مساحة المنزل .. تمضيها مع زوجتك .. ولمدة اسبوعين .. لا بد من ملح الحياه بعض المناكفات لكن انصح لوجه الله اهم ما في هذا المرض عدم العصبيه وشد الاعصاب لانه يتعب الجسد الذي يحارب اصلا على عدة جبهات من ظهر وكلى وبطن وحراره الخ لذلك جميل استيعاب بعض في هذا الوضع وشخصيا من باب النكته احسست بالملل وانا المشهور اني لا امكث بالبيت طويلا .. فبرنامج المشي هو نظام يومي تقريبا بالنسبة لي وقبل كورونا اذهب شبة يوميا للمدينة المائية حيث الرياضه والسباحة والاسترخاء والان انا سجين المنزل .. دخلت على زوجتي وقلت لها زهقان اسعر بالملل ؟ شو رايك بهوشه نعمل جو اكشن ؟؟؟ قالت مش من اول يوم اصبر شوي؟ يعني النيه موجوده لديها !!!!!!!
كنت دائما اقول لو اسجن في بيت اسبوعين كاملين سوف اكتب قصة حياتي بثلاث اجزائها الاردن والجزائر والمانيا وبكل انعكاساتها التي عشت بها على تكويني وذكرياتي .. والان انا محجوز في المنزل لاسبوعين مضى الاسبوع الاول دون ان اكتب حتى يومياتي وهي عادتي اليومية التي هي جزء لا يتجزء من حياتي .. اعتقد السبب الكتابه تحتاج الى ظرف نفسي يفتح الذاكره لتتدفق .. ومراجعة عشرات الدفاتر الموجوده في يومياتي وهذا امر عسير لذلك كنت ابالغ عندما تخيلت اني لو اسجن اسبوعين في منزل او اوتيل او اي مكان سأنجز كتابة مذكراتي .. هنا تحضرني حكاية مع الاستاذ عريب الرنتاوي مدير مركز القدس للدراسات سالتة يوما بعد ان قرات في جريده مذكراته تروي وصوله بيروت نهاية السبعينات والتحاقه بالجبهه الشعبيه ( تنظيمي السابق ايضا) سالته يا استاذ عريب كم هو جميل وصفك هروبك الى لبنان قبلة الثوار ذلك الزمن لماذا لا تكتب مذكراتك فاجابني ما زال الوقت مبكرا جدا ؟ اعتقد لديه الكثير من الانجازات سيحققها قبل كتابة مذكراته اما انا استطيع القول لا توجد انجازات انتظرها فالانجاز الوحيد بالمانيا هو انك تعمل كل يوم وبنفس الروتين .. يقول الفيلسوف كارل ماركس في المجتمعات الصناعية الراسماليه مع الزمن يتحول العامل البروليتاري الى برغي في الماكنه التي يعمل بها !!! لذلك استطيع ان ابداء الان الكتابه فلا انجاز في المانيا سوى الذهاب والعوده من العمل !!!!!
ويبقى السوال كيف يستفيد الانسان من الوقت بهذه الحاله؟؟ طبعا هناك القراءه اليوميه ومطالعة الصحف الصباحيه وهذا جميل جدا .. اتفقت مع زوجتي ان نشاهد فلم عربي كل يوم .. بدات بعادل امام وافلام المخرج الراحل عاطف الطيب مع الثنائي نجمي المفضل احمد زكي ( افلام الواقعية الاشتراكيه ) .. لاحظت ان الافلام التي شاهدتها رائعه بالتسعينات لم تعد رائعه الان ولو ان مضمونها عميق !!!!!
اجمل ما يجمع الاسره العربيه هو اكلة تجمع افراد الاسره .. وهذا جيد في مرحلة كورونا الا انه للاسف التذوق مفقود ؟ومع ذلك لنا فنون طبخ يومية بالمطبخ نضيع بها الوقت وتجمعنا مع ابننا جمال الذي لم يصب بفضل الله وبقي متنفسنا للعالم الخارجي حيث يقضي لنا حوائجنا من احضار دواء وتسوق الخ
انهي واقول ان كورونا ليس أسوء ابدا من الانفلونزا العاديه .. قد يكون خطرا والا لما كان هناك ضحايا حتى ان الولايات المتحده بها للان اربعمئة الف وفاه والمانيا هنا اكثر من خمسون الفا ؟ لكن لماذا لا تكون هناك احصائيات صادقه عن نسبة اعمار الضحايا ؟ لم اشاهد للان دراسة حول اعمار الضحايا ؟؟؟ اعتقد الكل سوف يصاب بها عاجلا ام آجلا .. وسوف تكون هناك مناعه ذاتيه مكتسبه لان الجسم البشري يطور مناعته مع كل مرض .. وطبعا سيساعد اللقاح في ذلك … لكن لاحظوا انهم يسوقون الناس بعقلية اما اللقاح واما الموت ؟؟ وهذا بعد تجربتي الشخصيه ليس دقيقا ابدا .. فلا احد يستطيع حصر الاعراض الجانبيه لهذا اللقاح لغاية اللحظه ؟؟ اخيرا السيء بالموضوع هو الحبس في البيت تحت طائلة القانون وايضا حتى لا نتسبب في عدوى للغير خاصة فئة كبار السن وهم الضحية الاولى لهذة الجائحة ( فلا ضرر ولا ضرار ) ونحن بهذه الايام والايام القادمه بكل الاحوال محاصرون بالكورونا والحظر المنزلي ومحاصرون بالثلوج طوال الايام القادمة .. اسال الله السلامة للجميع ..
ملاحظه سوف انشر المقال في موقعي بالفيس لكني لن اتفاعل معه لاني مغلق الصفحة كما اسلفت الى اجل غير مسمى ..
المانيا 24/01/2021