تحذير لأنصار الله من ضربة نووية صهيونية – زهير كمال
صاحب الذكرى السنوية الأولى لطوفان الأقصى حدثان في غاية الأهمية، أولهما اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، والحدث الثاني هو طلب بوتين من الروس المقيمين في إسرائيل المغادرة والعودة الى روسيا.
الحدث الأول كان بمثابة صدمة عميقة لكل الأحرار في العالم، ولكن استشهاده لن يمر مرور الكرام على هؤلاء الناس الذين هتفوا بأعلى أصواتهم وبكل جوارحهم: لبيك يا نصر الله، هؤلاء الناس تجدهم في كافة ربوع الوطن العربي وفي ايران، وتجدهم في الطائفة الشيعية الكريمة التي لن تسمح باستشهاد حسين آخر في هذا العصر بدون الانتقام والثأر من قتلته. طبعت مقولة الحسين (هيهات منا الذلة) في ذهن ووجدان كل الشرفاء في هذا العالم ولطالما رددوها مع حسن نصرالله .
سيتحول شعار (ما تركناك يا حسين) الى (لن نتركك يا نصر الله)، فالحسين استشهد منذ زمن بعيد ولا يستطيع أحد الانتقام من قتلته، ولكن استشهاد حسن نصر الله قريب، وعدم تركه يمكن تنفيذه واقعاً والانتقام له باعتباره حفيد الحسين.
الحدث الثاني يظهر استشراف الرئيس بوتين للمستقبل: أنه لا مستقبل للكيان الصهيوني في المنطقة وأن واجبه يستدعي الطلب من الروس البالغ عددهم مليون ونصف المليون العودة الى البلاد، بخاصة أن تأثيرهم في السياسة الإسرائيلية أصبح صفراً بعد أن اصطف اليمين الحاكم مع الولايات المتحدة ودعم حربها في أوكرانيا بشكل تام، إضافة لذلك فصمود محور المقاومة لمدة عام كامل في أطول حروب الكيان يظهر الى أين تسير الأمور. وهناك إحصاءات تقول إن أكثر من مليون مستوطن غادروا إسرائيل خلال عام الطوفان، هم بالطبع الأذكياء الذين أدركوا مبكراً أن الطريق مسدود أمام الوجود الإسرائيلي في منطقتنا.
في إحدى آخر روايات الكاتب المبدع آرثر سي كلارك ذكر أن فلسطين لم تعد قابلة للعيش بفعل تفجير قنابل ذرية على أرضها.
حتى كتابة هذا المقال لا يملك القنابل الذرية في كل المنطقة سوى دولة واحدة هي إسرائيل، ولو تحقق ما كتبه كلارك فذلك يعني أن الكيان الصهيوني سيطبق ما قاله شمشون (علي وعلى أعدائي يا رب).
لم نصل بعد الى هذه المرحلة في الصراع. ولكن هناك جذور تاريخية في العقلية الإسرائيلية، في مرحلة وضع (على حافة الهاوية)، نجدها في أسطورة قلعة مسادا (مسعدة)، حيث تقول الأسطورة إن المحاربين اليهود في القلعة، وكان عددهم 960 فرداً، بعد أن فقدوا مقومات الدفاع عن النفس قاموا بالانتحار الجماعي، رغم أن هذه الأسطورة لم تثبت صحتها ولكن تم استغلالها من قبل مؤسسي الكيان حيث يقوم الجيش الإسرائيلي بحلف اليمين السنوي في الموقع مؤكداً أن المسادا لن تسقط أبداً مرة أخرى، ولا يخفى علينا أن الجيش في إسرائيل هو الشعب نفسه ، أي أن العقيدة متجذرة في الوعي العام للكيان ككل.
مع أنه لا يمكن توقع ما يفكر به وإلى أي حد يمكن أن يقوم به اليمين المتطرف الذي يحكم إسرائيل، إلا أننا لن نصل إلى هذا الحد في التفكير في ردود أفعالهم في هذه اللحظة، حيث لا يشعرون بعد بالخطر، وبأن الصراع وجودي كما يردد قادتهم الآن.
لكن حتى يسلّم أهل المنطقة بسيادة إسرائيل ويشعرون بقوتها وسطوتها، فإن تفكير اليمين المتطرف باستعمال قنبلة ذرية في مكان لا يطالهم تأثيرها، تعتبر منطقية في مرحلة ما، للأسباب التالية:
1. أن البشر المحيطين بهم مجرد حيوانات لا تستحق العيش، وفي أحسن الأحوال برابرة متوحشون كما وصفنا العلماني المتحضر بنيامين نتنياهو.
2. أنهم لا يبالون بالمنظمات العالمية سواء كانت الأمم المتحدة او محكمة العدل أو الجنايات الدوليتين، أو الرأي العام العالمي، طالما بقي دعم الولايات المتحدة وتأييدها المطلق لهم.
قد يبدو كاتب المقال مثل ناعق بوم أو نذير شؤم، ولكن أخذ الاحتياط هو مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الكثيرين، فكلما استمرت المواجهة مع العدو وتحقيق المقاومة انتصارات صغيرة متتالية، تقرب ساعة الصفر لأخذ قرار خطير كهذا بخاصة وأن قيادات العدو تصرح بأنه لا يزال الكثير من المفاجآت في جعبتها، وكلما كان موقف الأنظمة العربية هو مساعدة إسرائيل ضد رغبة شعوبها، حيث تشكّل شقاً أفقياً بين المقاومة وهذه الأنظمة، الأمر الذي يشجع العدو على ارتكاب حماقة خطيرة، حماقة لا وجود فيها لخطوط حمر، والمعروف في علم النفس أن الذي يهدد بفعل شيءلا يقوم به في العادة، مثل تهديد قادة روسيا باستعمال الأسلحة النووية، بينما نجد أنهم في إسرائيل يكتمون حتى امتلاكها، رغم أن أحد وزرائهم هدد باستعمال قنبلة ذرية ضد غزة، وتم تعتيم الأمر بعد ذلك.
مكان الضربة:
أعتقد أن المكان الوحيد الذي يعتقد فيه حكام إسرائيل أنه يحقق أهدافهم هو مدينة صعدة، مقر عبدالملك الحوثي.
للأسباب التالية:
1. سهولة الوصول إليها، فقد سبق أن وصلت طائراتهم ف35 عدة مرات دون أي اعتراض، إضافة للوجود البحري الأمريكي البريطاني الذي يقدم الدعم اللوجستي والاستخباراتي.
2. محاولة فك الحصار الخانق الذي يفرضه أنصار الله بإغلاق باب المندب وشل الاقتصاد الإسرائيلي بشكل كامل. وللتذكير فقط فقد قامت حرب 1967 بسبب إغلاق عبد الناصر خليج العقبة أمام الملاحة الإسرائيلية. ولولا التعويض الذي يقوم به بعض العرب عبر الخط البري الإمارات – السعودية – الأردن والخط البحري بورسعيد – أشدود، لوجدنا نتائج مختلفة .
3. أي منطقة أخرى في المنطقة يكتنفها مخاطر الفشل، فالإيرانيون منتبهون ويمتلكون الوسائل لكشف وإسقاط أية طائرة إسرائيلية قبل الوصول إلى الأرض الإيرانية، اذا سقطت في أرض قبل إيران، فان الأمريكان والأجانب الموجودين قد يتضررون بسبب ذلك، طبعاً هم لا يحسبون أي حساب للعرب الذين يمكن أن يتضرروا، مطبعين أو غير مطبعين ، هم بالنسبة لليمين الحاكم سواء.
4. القضاء على عبدالملك الحوثي يعتبر ضرورة إستراتيجية فهو الخلف المنطقي لحسن نصر الله في قيادة محور المقاومة العربي.
على من تقع المسؤولية في حالة وقوع ضربة حمقاء مثل هذه:
1. الولايات المتحدة الأمريكية: لم نر إدارة أمريكية تبرر أفعال حكام إسرائيل مثلما تفعل هذه الإدارة التي يقول رئيسها بايدن إنه صهيوني، والحقيقة أنه صهيوني متطرف، ففي مجزرة مستشفى المعمداني التي راح ضحيتها 500 مدني معظمهم من الأطفال والنساء، كانوا يحتمون بالمستشفى، ألقى باللوم على فصائل المقاومة وهو يعرف أنهم لا يمتلكون مثل هذه الأسلحة الفتاكة. وهو لم يعترف أبداً بخطأه عندما ظهرت الحقائق. وليس بعيداً أنه سيبرر لحكام إسرائيل فعلتهم هذه.
الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية المباشرة عن جرائم إسرائيل كلها، حتى هذه الجريمة البشعة بحق الإنسانية، فالمفترض أن تقوم بتجريد إسرائيل من أسلحتها النووية ونقلها إلى مكان آمن داخل أمريكا، وقد يقول قائل إن إسرائيل دولة ديمقراطية مستقلة، ولكن أثبتت أحداث العام الماضي أنها ليست كذلك.
2. الضباط والجنود العرب في جيوش الأردن ومصر والسعودية.
قد يسأل سائل ولماذا لا نحمل المسؤولية لزعماء هذه الدول؟ ولكن لا فائدة ترجى من ذلك، فطريقة إعدادهم لهذه المناصب تجعلهم في الصف المعادي لشعوبهم وتطلعاتها.
إنما يجب أن نلوم هؤلاء الضباط الذين سيسمحون بمرور الطائرات الإسرائيلية إلى هدفها قاطعة مسافة 2000 كيلومتر.
ربما ينبغي التذكير بواقعتين من تاريخ الجيوش العربية لتوضيح الفكرة:
الواقعة الاولى: انسحاب الجيش العراقي من المناطق التي كان يسيطر عليها في فلسطين عام 1948 ، كانت الحجة ( ماكو أوامر)، ورغم البطولات الفردية للجنود الصغار في الجيش والشاهد عليها مقابرهم في جنين، إلا أنه لم تصدر أوامر للجيش بالتصدي للعصابات الصهيونية المسلحة فانسحبوا تاركين الفلسطينيين تحت رحمة هذه العصابات، والنتيجة معروفة.
الواقعة الثانية: معركة الكرامة 1968 ، شاهد الضابط المسؤول عن المدفعية المتمركزة في جبال السلط الدبابات الإسرائيلية تجتاز نهر الأردن فأمر جنوده بقصفها، فحدثت مجزرة للدبابات وكان هذا أول أنتصار ساحق بعد هزيمة 1967. الضابط مشهور حديثة لم يتلق أية أوامر من قادته وتصرف بشكل فردي وربما تصرف عكس الأوامر بعدم التدخل.
ولكن كما يقال الانتصار له الف أب! (من الجدير بالذكر قيام حفيد مشهور حديثة بالعملية المشهورة على الحدود الأردنية الإسرائيلية مؤخراً).
ولهذا فإن على ضباط الجيوش العربية الانتباه والتصرف بما يمليه ضميرهم في منع وقوع مجزرة كبرى.
كنت دائماً أختم مقالاتي عن فلسطين بعبارة:
النصر دائماً للشعوب والفجر قادم.
ولكن أقول اليوم بمناسبة مرور عام على طوفان الاقصى:
النصر دائماً للشعوب والفجر اقترب.