*تحفة “رشيد مشهراوي” الوثائقية: *ريكفري/2021: – مهند النابلسي
*تحفة “رشيد مشهراوي” الوثائقية: *ريكفري/2021:
*مغزى العنوان الطويل واهمية دلالة العنوان المعبر:
*فلماذا تهرب المخرج الفلسطيني الفذ و”الملتزم الوطني” من تسمية هذا الفيلم “النوستاليجي/التاريخي” الواقعي الفريد والوثائقي الجميل المؤثر عن “ذكريات يافا القديمة”/في الثلاثينات والأربعينات/ بمسماه الحقيقي المعبر ولجأ لتسمية مجردة غامضة ليست ذات “مغزى ودلالة” بل وأصر عليها؟!
*وأخيرا على سيرة طول عنوان فيلم الويسترن الشيق المعبر تماما عن فحوى أحداثه/“اغتيال جيسي جيمس مِن قِبل الجبان روبرت فورد”-2007/، وللمقارنة الموضوعية ذات الدلالة: فقد حضرت مساء اليوم/16-02-2022/ فيلما وثائقيا شيقا للمخرج الفلسطيني “رشيد المشهراوي” في قاعة سينما الرينبو بعمان، وعنوان الفيلم “استعادة” أي “ريكفري” بالانجليزية، وهو تحفة وثائقية لافتة لم تنل التقدير الكافي من وجهة نظري الموضوعية، ويتحدث هذا الشريط المدهش عن ذكريات رجل يافاوي “مثقف عتيق” عايش يافا القديمة واحداثها ومجريات نهضتها قبل النكبة بالعام 1948 ( وقد توفي مؤخرا)، والشريط يتحدث عن يافا ما قبل النكبة/في الثلاثينات والأربعينات تحديدا/، ويتطرق للأوجه الحضارية المتنوعة التي كانت تزخر فيها تلك المدينة الساحلية المتميزة: من تطور صحافي ومالي وسينمائي وتجاري وزراعي/زراعة وتصدير الحمضيات تحديدا/ وكذلك حياتي فريد مقارنة بباقي المدن والعواصم العربية في ذلك الحين، وتميز الشريط المدهش باختياره لجملة أغاني طربية قديمة معبرة وجميلة “كسكور” مؤثر ونستولوجي …
*كما تحدث “الدكتور قليوبي” بشغف عن دور السينما اليافاوية الشهيرة ومستوياتها وأسعار دخولها وعن احياء المطربة الشهيرة ام مكلثوم لحفلات منوعة في صالاتها، وأشار المعلق المطلع لدرجة الاحتقان الكبيرة التي احاطت “بعروس فلسطين” يافا حينها، والتي تمثلت باحاطتها بالمستعمرات الاستيطانية اليهودية الجديدة المكتظة من جميع الجهات: كيدا وحسدا في محاولة لئيمة/مقصودة لكبح جماح تطورها كايقونة مدن فلسطين حينها*1… كما تحدث بمرارة شديدة عن قمع الانتداب البريطاني ودعمه لمبادرات الغزو الصهيوني الممنهج لفلسطين، ويكشف لنا خفايا نقل الأسلحة والمتفجرات وممارسات الارهاب الصهيوني في بواكيره، وكمثال عرض قصة “العبوة المتفجرة” التي وضعت في سوق شعبي شهير “وطيرت فلاحا بسيطا مع دجاجاته في الهواء”، وقد عبر عن هذا المشهد التراجيدي الاجرامي بصورة “سينمائية” شيقة ، ووضح لنا ضمن السياق عن حالات انفجار طرود تجارية بالصدفة كانت تحمل متفجرات بالخفاء مما يشير لدرجة الاستعداد القتالي –الارهابي لجحافل المهاجرين العدوانيين اللذين كانوا جميعا مستعدين مسبقا لقتال المدنيين الفلسطينيين في المدن القرى.
*كما أشار بمرارة وحزن لضعف الدعم العربي لفلسطين وانتفاضة العام 1936 التاريخية الشهيرة، وكشف عن فحوى صور أرشيفية نادرة لتفاصيل الحياة العامة فيها تظهر اللمسة الحضارية الاجتماعية و”التنوع الديني التسامحي” والاحتفالية لسكان يافا، ويكشف لأول مرة “المتحدث الشغوف”(د. القليوبي اليافاوي العتيق أبا عن جد) عن وجود عشرة بواخر جاهزة كانت تصطف دائما في الميناء أمام تل أبيب، وكانت مخصصة وجاهزة لنقل جحافل اليهود المهاجرين بحالة طردهم وفشل غزوهم لفلسطين حينها، كما يتحدث عن مغادرة السكان العرب لبيوتهم خوفا من اجرام عصابات الأرجون والهاجناة الارهابية التي كانت ترتكب المجازر في القرى الفلسطينية تخويفا ولخلق الذعر والهلع لدى باقي السكان وحثهم على المغادرة…
*ولقد أثنيت في التعليق على فرادة هذه التحفة الوثائقية وتميزها وبعدها عن التطويل والملل، ونسبت اهدائها “لغولدامائير” التي نفت وجود شعب فلسطيني في فلسطين، وقد سررت عندما علمت من المخرج الفذ بحصول الشريط على جائزة من مهرجان لندن للأفلام الوثائقية مؤخرا، ولكني انتقدت بحق التسمية التي لا تشير للمضمون والمحتوى السينمائي، واقترحت بأن يسمى الفيلم “نوستالجيا يافا لما قبل سقوطها في العام 1948” أو شيء من هذا القبيل مثل: “الحنين الى يافا القديمة” أو “قصة يافا في الثلاثينات والأربعينيات”، لكن المخرج “تحسس محتجا من اقتراحي” وأصر على سلامة العنوان تعبيريا، وأن المهم بالنسبة له “كمخرج أصله يافاوي /من حي العجمي تحديدا/ وعاش بعد النكبة في مخيمات غزة/وكانوا يقارنون حياتهم البائسة في المخيم مع نمط حياتهم المرفهة الآمنة في يافا! “: تقديم المحتوى الأرشيفي النادر عن يافا القديمة وتمكنه من الأدوات السينمائية، وكأني شككت ببراعة ادواته وطريقة تقديمه المذهلة للصور الأرشيفية وكأنها حية تنطق ومصورة حديثا بأرقى الكاميرات السينمائية الحديثة..الخ.
*أعتقد شخصيا/والله أعلم/ أن السبب يعود ربما لشروط التمويل الملزمة التي تتجنب العناوين المستفزة لاسرائيل في معظم الأفلام الفلسطينية، ولتسهيل عرض الشريط في العواصم الغربية “المتصهينة” المنحازة، أو ربما ضمانا لسلامته من الصهاينة المتعصبين وادارة الاحتلال الغاشمة والله أعلم…طبعا تخيلو معي لو أن المخرج الأمريكي/اليهودي “المتصهين” –العالمي “سبيلبيرغ” لم يسمي فيلمي “ميونيخ وقائمة شندلر” الشهيرين بهذه المسميات الدالة، فكيف ستكون حالة تسويقهما عالميا، ناهيك عن النقد الكبير الذي كان سيتعرض له، علما بأن هذه الأفلام التي تحدثت عن ما يسمى “الارهاب الفلسطيني المزعوم والهولوكوست الجحيمي النازي” قد نالت أكثر مما تستحقه من تقدير وجوائز، ناهيك عن الفيلم المجري “ابن شاؤول” الذي نال السعفة الذهبية في كان قبل سنوات، والذي تحدث بشكل فريد عن فظائع الهولوكست ايضا…
*أما سؤالي الكبير الضروري هنا: فلماذا نخجل كمثقفين وفنانين وسينمائيين فلسطينيين من عرض وتقديم روايتنا الفلسطينية المحقة والواقعية/ مقابل أكاذيب وروايات “بني صهيون” الضالة والكاذبة والملفقة ؟! سؤال كبير مثير للجدل والنقاش ينبغي طرحه ومناقشته بصوت مرتفع مع مشاركة ثقافية فعالة “شعبية ونخبوية” على حد سواء! وفي نهاية المطاف علينا كفلسطينيين في الداخل والشتات أن لا “نيأس ونتخاذل ونخشى ونتهاون ونخاف”، ففلسطين هي بلدنا “التاريخي والحقيقي” في النهاية، وسوف نبقى منتمين لفلسطين مهما طال الزمن في الغربة والشتات… وسنعود يوما باذن الله لنا ولو بعد حين رغم اجرام وقمع وتغول ودعم الاحتلال وعمالة وخيانة المطبعين “جميعهم بلا استثناء” 2*.
*لنبدأ من الآخر، ونبتعد عن التفاصيل المشتتة، ونركز على المستقبل الواعد بالرغم من عمالة “أنظمة” المطبعين العرب اللذين اجتمعوا في النقب داعمين لدولة الكيان ومتجاهلين لقمعه واجرامه بحق الفلسطينيين، ونؤكد اننا توصلنا الى نتيجة مفادها ان العمليات الفدائية الثلاث التي نفذها أربعة شبان فلسطينيون مؤخرا، سواء من الضفة الغربية، او المناطق المحتلة عام 1948 تؤرخ ربما لنهاية مرحلة وبداية أخرى…
مهند النابلسي/كاتب وباحث وناقد سينمائي/ alnabulsi.muhannad5@gmail.com
1*”وسنكتفي بذكر الحقيقة التاريخية ان اليهود عندما اعلنوا “دولة اسرائيل” عام 1948 كانوا حينذاك يمتلكون 6% فقط من ارض فلسطين (اشتروا اغلبها من اقطاعيين من لبنان وسورية)! والباقي استولوا عليه بقوة السلاح والمذابح”./عن مقالة للكاتب من الاردن “حسام عبد الكريم” برأي اليوم اللندنية/19-02-2022
2*حملت “حسّان” (طائرة حزب الله المسيرة) الآية 17 من سورة الانفال، وابلت بَلاءً حَسَنًا فخطفت أبصار العالم من شرق أوكرانيا الى شمال فلسطين: 40 دقيقة من تاريخ المقاومة و70 كيلومترًا من الجغرافيا العربية الفلسطينية لتستحضر دولة الاحتلال قرب نهايتها:حيث دوّت صافرات الإنذار في مستوطنات “روش بينا” و”حتسور هجليل”، وغيرها في الجليل الأعلى وهضبة الجولان وجبل الشيخ، وغور الأردن، و”ميروم هجليل”. وهذه هي الصافرة الأولى التي تدوّي في هذه المناطق منذ النكسة الإسرائيلية عام 2006. كما أُفيد عن حركة نشطة لطائرات العدو حيث تم تفعيل الإنذارات في منطقة الجليل وإطلاق صواريخ اعتراض من نظام القبة الحديدية، وتم استدعاء طائرات ومروحيات حربية وأُطلقت الصواريخ والطائرات الاعتراضية. ورغم كثافة وتعدد المحاولات الإسرائيلية لاسقاط الطائرة المسيرة، عادت “حسّان” من الاراضي الفلسطينية المحتلة وقد أتمت مهمتها بنجاح./عن مقالة الكاتبة “ديانا فاخوري” في رأي اليوم اللندنية بنفس التاريخ أعلاه.
