تسليح الضفة الغربية مهمة فلسطينية وعربية وإسلامية – د.غازي حسين
أدى صمود المقاومة والتفاف الشعب الفلسطيني حولها واحتضانه لها في غزة إبّان الحرب الإسرائيلية السادسة على القطاع عام 2014 إلى فشل العدوان ، والقيام بعمليات نوعية على الجيش الصهيوني وراء خطوطه ، وعلى معسكراته في ناحال عوز إلى الاستنتاج بوجوب تسليح الضفة الغربية واستمرار الانتفاضة الثالثة .
أكدّت الحرب على غزة والإبادة الجماعية التي ارتكبها جيش العدو الصهيوني على شعبنا الفلسطيني نهاية المفاوضات الكارثية ، التي انحاز فيه الراعي الأمريكي إلى حليفه الاستراتيجي الكيان الصهيوني .
وردا على قرار ترامب العدواني حول القدس أعلن سيد المقاومة حسن نصر الله إستراتيجية لتحرير القدس من براثن اخطر وأوحش استعمار استيطاني واحتلال بغيض عاشته المدينة العربية منذ تأسيسها على أيدي العرب . أكد سماحة السيد أن اولوية محور المقاومة اليوم القدس والشعب الفلسطيني والمقاومة ووضع خطة ميدانية للمواجهة والمقاومة وأعلن قائلا للقدس رايحين شهداء بالملاين
إنّ تسليح الضفة الغربية وتوسيع هذه الخطة الإستراتيجية الهامة لتمتد وتشمل كل فلسطين التاريخية ، وبمشاركة الشعب الفلسطيني كافة بتياراته الوطنية والقومية واليسارية والإسلام المقاوم في داخل فلسطين وخارجها للانخراط في المقاومة المسلحة يقود إلى اجتثاث الاحتلال من فلسطين العربية ، وهي الإستراتيجية الصحيحة لتحرير فلسطين والجولان ومزارع شبعا وكفر شوبا .
قامت إستراتيجية العدو الصهيوني على استخدام القوة بإشعال الحروب العدوانية خارج أراضيه في الضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء والسويس والجولان وجنوب لبنان حتى العاصمة بيروت ، وأغار بطائراته وأسلحته الأمريكية على العديد من العواصم العربية في آسيا وأفريقيا ومنها الخرطوم وتونس والجزائر ، وأشعل الحروب العدوانية خارج حدوده للتوسع وإقامة إسرائيل العظمى الاقتصادية وكسر إرادة بعض الحكّام العرب وإبعاد الحروب عن مواطنيه ومؤسساته .
غيّرت المقاومة اللبنانية في حرب تموز 2006 هذه الإستراتيجية عندما استهدفت الداخل الإسرائيلي في حيفا وما بعد حيفا حتى تل أبيب ، ووصلت صواريخ المقاومة الفلسطينية من غزة إلى القدس وتل أبيب أيضاً .
لقد حان الوقت لتقوم الدول العربية بتقديم السلاح والمال للمقاومة الفلسطينية وتسليح الضفة الغربية بالأسلحة الفردية الحديثة ، لأنه ثبت بجلاء أن ما أخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة ، وان العدو الصهيوني لا يفهم إلا لغة القوة ، لاسيما وأن العالم كله يعتبر أن القدس وبقية الضفة الغربية أراض محتلة باستثناء الكيان الصهيوني ، الذي يعتبرها أراض محررة وليست محتلة لتبرير الاستعمار الاستيطاني اليهودي ، ورفعه إلى مستوى القداسة الدينية تكريساً للخرافات والأكاذيب والأطماع التي رسخها كتبة التوراة والتلمود والمؤسسون الصهاينة ودهاقنة الاستعمار في الكيان الصهيوني .
إن قضية فلسطين هي القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية أي قضية عربية – إسلامية ، تخص جميع العرب من مسلمين ومسيحيين وجميع المسلمين في العالم ، لذلك أعلن قائد فيلق القدس في رسالته إلى الشعب الفلسطيني الصامد في غزة بعد إعلان مرشد الثورة الإسلامية في إيران بيومين وبلغة واضحة وحازمة ( إن نزع سلاح المقاومة أحلام يقظة وهرطقة لن تمر ) وحذر قائلاً : ( إننا لن نتردد لحظة في الدفاع عن المقاومة ) ووصف ما يحدث في فلسطين بأنه الحد الفاصل بين الحق والباطل في معركة الوجود والمصير الذي يخوضها محور المقاومة في فلسطين وسورية ، وأكد أن الجهاد لتحرير فلسطين هو المفتاح الوحيد الذي يكمن فيه خلاص الأمة من كل أزماتها وتقهقرها وضعفها وفقرها وتخلفها .
وأكد صدقه وإيمانه والتزامه بما يقول قائلاً : إننا عشاق الشهادة وإن الشهادة على خط فلسطين وفي مسار القدس هي أمنية كل مسلم شريف ، وقال في رسالته الهامة للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ” أن زمن الهيمنة الأمريكية والعربدة الصهيونية والعمالة العربية قد انتهى ، وبدأ العد العكسي بالبركان الإلهي في فلسطين ” .
وتتماشى رسالة قائد فيلق القدس التاريخية إلى الشعب الفلسطيني ومقاومته في غزة مع طلب مرشد الثورة الإسلامية في إيران من المؤسسات الإيرانية بالعمل على تسليح الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية ، مادامت أمريكا تسلّح إسرائيل بأسلحة فتاكة لتكون شريكة في قتل أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل ، وتدمير مقدرات وطنهم المتواضعة .
إنّ ما جرى وما يجري في القدس وفي كل فلسطين التاريخية يعيد للقضية مركزيتها ولخيار المقاومة الأولوية القصوى ، ويؤكد خطورة الاستمرار في المفاوضات الكارثية ، ويجسد استمرار الاستيطان والاحتلال وبناء المستعمرات والقمع فشل قيادة منظمة التحرير والعجز والهوان العربي ، والتواطؤ الرسمي العربي و هزالة الموقف الدولي ، وانحياز الدول الغربية للعدو الصهيوني .
وتأتي هجمات الطعن بالسكاكين والرشق بالحجارة والهجمات على الشرطة والحواجز والدهس بالسيارات في الغالب من الشباب والشابات ، من دون أي روابط سياسية أو تنسيق من قوى حزبية منظمة ، وعبّرت طالبة الثانوية في رام الله وهي تنقل الحجارة للشباب في الصف الأول قائلة :” أنا جيت هون بعد ماشفت بالتلفزيون شو بيصير في الأقصى وكيف يقتلون الشباب” رويترز في 16/10/2015 ، وقال أحد الشباب لرويترز : “بدنا الاحتلال ينتهي وبدنا الانتهاكات ضد الأقصى تنتهي ، وإحنا بنضرب حجارة لأنو هذا السلاح اللي بإيدنا ” .
وطالب في نفس الوقت رئيس السلطة الفلسطينية من وسائل الإعلام التهدئة والإقلاع عن تمجيد الهجمات ، ويبدو أن الشباب الفلسطيني والأسر الفلسطينية أصابها اليأس لفشل المفاوضات ومساعي التسوية ولاعتقادهم أن الاحتلال والاستيطان والتهويد وبناء المستعمرات اليهودية وتدمير المنازل الفلسطينية لن ينتهي ، فالاتفاقات والمفاوضات لم تحقق إلا التنازل تلو التنازل ، والقيادات الفلسطينية فقدت تأييد واحترام الجماهير الشعبية الفلسطينية .
ويعتقد الشباب الفلسطيني بضرورة وجود قيادة موحدة لقيادة الانتفاضة وتوفير السلاح لحماية الأطفال والنساء والمدنيين العزّل من المستعمرين اليهود ومن فرق المستعربين الوحشية في الجيش الإسرائيلي ،ومن قوات الشرطة والجيش والأمن الإسرائيلية ، وانطلاقاً من دراسة وتحليل الأسابيع الأولى من الانتفاضة الثالثة يمكن القول أنه لا يستطيع أي فصيل التحكّم بالحراك الشعبي ، وإنّ قيادة منظمة التحرير خدعت الشعب عندما قامت بتركيب قيادة للانتفاضة الأولى وقامت بإجهاضها بعد أن فشلت إسرائيل في القضاء عليها مقابل اتفاق الإذعان في أوسلو والسلطة التي ابتكرها الاحتلال الإسرائيلي ، وأجهضت الانتفاضة الثانية انتفاضة الأقصى في 8 شباط 2005 لقاء رؤية الدولتين التي أخذها بوش من مشروع شارون للتسوية وضمنها في خارطة الطريق ، وتوقيع الهدنة في شرم الشيخ المشؤومة التي رعاها الطاغية المخلوع مبارك .
إن عملية تطوير بواكير الانتفاضة الثالثة تتطلب وضع إستراتيجية وبرامج وأطر لها وقيادة ميدانية من الشباب تضم الجميع ، وذلك لتطوير فعاليتها والارتقاء بها وبأدواتها وعملياتها وصولاً إلى انفجار الثورة الشعبية المسلحة ، ويدعو الشعب والأمة إلى استمرارها ورفض محاولات الاحتواء لمقايضتها وبيعها لإسرائيل وأمريكا كما فعلت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في الانتفاضتين الأولى والثانية .
إنّ الحل الوطني والقومي والإسلامي والإنساني لوقف الاحتلال والاستيطان والتدمير والقتل والحروب العدوانية وبث الفتن الطائفية يتطلّب تسليح الضفة الغربية ، والمواجهة العسكرية المستمرة مع الكيان الصهيوني حتى زواله .
زالت جميع أنظمة الاستعمار بشكليه القديم والجديد والاستعمار الاستيطاني الفرنسي من الجزائر ، والنازية من ألمانيا والفاشية من إيطاليا والعنصرية من روديسبا والبرتغال والأبارتايد من جنوب إفريقيا ومصير الكيان الصهيوني ككيان استعمار استيطاني ونظام عنصري وإرهابي إلى الزوال بالانتفاضات والمقاومة المسلحة وحرب التحرير الشعبية ، وإقامة الدولة الفلسطينية لكل مواطنيها في كل فلسطين التاريخية .