تصحيح غلطة
قرأت اليوم صباحاً في مجموعة قادرون الفلسطينية العربية بفيسبوك عن صدور كتاب في مصر بعنوان (الفصائل الفلسطينية قبل أن ننساها.. تاريخ وإتجاهات. معالي أحمد عصمت. المؤلف: مجموعة من . المحرر: عبد القادر ياسين. الناشر: المكتبة الأكاديمية، الجيزة، مصر، الطبعة الأولى 2020)..
قال القائمون على الكتاب وناشري الخبر أنه يتحدث باسهاب عن فصائل المقاومة الفلسطينية، يقع الكتاب في 322 صفحة، من القطع الكبير، ويضم خمسة أبواب، انقسم كل منها إلى عدد من الفصول. اعتمد الكتاب، في معظم فصوله، على المنهج الوصفي فلم يترك أي فصيل، مهما صغر شأنه، إلا وقدم عنه معلومات وافية، فكان بمثابة مرجع للذاكرة الوطنية، ولكل دارس ومهتم بالشأن الفلسطيني.
هذه المعلومات والمقدمة قرأتها كما أسلفت هذا الصباح في مجموعة قادرون بالفيسبوك. بعد متابعة القراءة لفت انتباهي عند الحديث عن تنظيم جبهة التحرير الفلسطينية وجود خطأ جسيم ارتكبته الباحثة (منى محروس) التي أجرت البحث عن الجبهة. وأثار استغرابي كيف أن الأخ المؤرخ الفلسطيني عبد القادر ياسين محرر الكتاب لم ينتبه له. فهو خطأ كبير وليس صغيراً. إليكم حرفياً النص مثلما نشر في الخبر:
(في الفصل السابع، رصدت، منى محروس، كيف كان التدخل العسكري السوري، مطلع حزيران/ يونيو 1976، لوقف الحرب الأهلية اللبنانية، بمثابة القشة التي قسمت ظهر “الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة”، إذ انشقت إحدى مجموعات الجبهة، مشكلة “جبهة التحرير الفلسطينية”، والذي أعلن قائدها، أبو العباس (محمد عباس) انضمامها لمنظمة التحرير الفلسطينية. حكت لنا الكاتبة تفاصيل القتال بين الطرفين، وتساءلت فمن الذي يقف وراء اشـتعال تلك الأزمة؟! ومن هو السبب في تأجيجها؟! ومن تمنى أن تختفي ” الشعبية ـ القيادة العامة ” من على خريطة الفصائل المقاومة تلاحقها لعنات عدة).
أولاً ليست أحدى مجموعات الجبهة التي انتفضت أو “انشقت” بل قطاع واسع من الجبهة قاده الشهيد الراحل طلعت يعقوب أول أمين عام للجبهة. فطلعت يعقوب هو قائد ج ت ف وليس كما ادعت الكاتبة “أبو العباس هو قائد الجبهة وهو الذي ضم الجبهة للمنظمة”.
هذا ببساطة حكي فاضي ولا علاقة له بالتاريخ مع احترامي للشهيد القائد أبو العباس وللكاتبة وللكِتاب. فجبهة التحرير الفلسطينية لم تكن يوماً ما جبهة شخص معين بل كانت جبهة كل رفاقها ورفيقاتها… جبهة تعمدت تجربتها بالتضحيات الجسام وبالعمليات الفدائية المميزة من نهاريا الى المنارة وزرعيت والخ. كانت تنظيماً له مواقف سياسية مبدئية ومحترمة. دفعت ثمناً باهضاً لمواقفها إذ كانت ولازالت حتى اليوم تُحارب من أطراف عديدة. أهمها على الاطلاق القيادة المتنفذة في فتح منطمة التحرير الفلسطينية والآن في السلطة وفتح، القيادة السابقة التي شجعت وحرضت أبي العباس على الانشقاق فيما بعد عن الجبهة والالتحاق بها في تونس. فأنشق الأأخير بدون اي خلاف سياسي أو سبب مقنع سوى رغبته أن يكون مع الراحل ياسر عرفات وأن يصبح أمنياً عاماً لجماعته.
أما القيادة الحالية للمنظمة وفتح والسلطة فهي التي تحتضن وتدعم بقايا مجموعة الشهيد ابو العباس التي تسمي نفسها ايضا جبهة التحرير الفلسطينية كما قامت باضافة تغييرات على شعار الجبهة الاساسي كي تميز نفسها عن الجبهة الأم التي يقودها الرفيق العزيز المناضل الحنظلي أبونضال الأشقر ورفاقه الأوفياء. تلك المجموعة سياسيا هي جزء من مجموعة فصائلية فلسطينية أنا اعتبرها شاهد زور أو شاهد ما شافشي حاجة وهي مجموعة تصب في خدمة سياسة ونهج عباس. تلك المجموعة قائمة وتطلق على نفسها “فصائل منظمة التحرير الفلسطينية”. يا ريت تسألوها فصيل فصيل: أي منظة تلك في ظل وصول قادتها ورئيسها الى تحالف وتنسيق كامل مع العدو والاحتلال؟.
أما انشقاق الجبهة الشعبية القيادة العامة لتحرير فلسطين وإن كان أضعفها وقسمها الى تنظيمين فهو أمر لا بد أن يخضع للدراسة والبحث الدقيقين والعلميين، لأنه كان مفصلياً في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية، التي شهدت عشرات الانشقاقات والخلافات داخل الفصائل الفلسطينية.
عتبي على الأستاذ عبد القادر ياسين وهو المؤرخ، الذي من المفترض أنه يعرف مثل هذه الحقائق وكان من واجبه المهني أن لا يمررها لأنها سوف تنشر في كتاب سيصبح مرجعاً تاريخياً للباحثين وللطلبة وللمهتمين. اعتقد أن على القائمين على الكتاب إعادة تصحيح الغلطة التاريخية في الطبعات الجديدة والتنويه الى الخطأ الجسيم، الغلطة التاريخية.
نضال حمد
كانون الثاني ٢٠٢٢