تصرف غير لائق من الضابط بوبيرغ
نضال حمد
لكي لا تعاقب على عملية اطلاق نار على شخص ما مع سابق إصرار وعن عمد، يكفي أن تكون يهودياً في شرطة أو جيش كيان الاحتلال في فلسطين المحتلة.
لكي لا تدخل السجن بعد كل جريمة قتل أو جرح أو اعتداء قد يؤدي الى مجزرة أو مذبحة يكفي أن تكون مستوطناً يهودياً يعيش في مستوطنات صهيونية، أي في بُقَعٍ فاشية وارهابية، أقيمت على أراضي الشعب الفلسطيني في كل فلسطين المحتلة.
لكي لا يطالب العالم بتسليمك كمجرم حرب الى محكمة جرائم الحرب الدولية في لاهاي يكفي أن تقول أنك من كيان ” إسرائيل”. فالفيتو موجود والجدار كذلك. فالهلع والخوف والرعب من القوة الإعلامية اليهودية في أوروبا وأمريكا موجود بقوة. ويمكنه تحطيم حياة أي انسان يقترب من أي يهودي صهيوني سواء كان مذنباً أو غير مذنب. ولو أن المحكمة الدولية استطاعت وتمكنت من جمع ملايين الأدلة والأطنان من الأسباب التي تؤدي الى توجيه مقدمة اعتقال أو توقيف بحق مجرم حرب يهودي صهيوني، فأنها لن ولا تجرؤ على القيام بذلك. فلغاية يومنا هذا وبالرغم من مئات المذابح والمجازر التي ارتكبها ” يهود كيان إسرائيل” ضد الشعوب العربية وبالمقدمة منها الشعب الفلسطيني، إلا أن معظم المحاكم الدولية ترفض حتى قبول طلبات ودعاوى قضائية ضد هؤلاء المجرمين.
ماذا لو أن الدولة التي دَمرت وحاصَرت وأغلقت وجَوَعَت وقَتلت أهل غزة أو التي قامت بعدوان تموز 2006 على لبنان ودمرت بنيته التحتية وقتلت وجرحت آلاف الأبرياء، كانت سوريا أو العراق أو ايران أو كوريا أو حتى فنزويلا؟
هل كان العالم سيقف موقف المتفرج كما فعل ويفعل مع الصهاينة؟ بالطبع لا فالبراءة من أي اتهام مُنزلات ومُكرمات أمريكية وأوروبية أُنزلت خصيصاً لحماية وصيانة ولتكريم كيان “إسرائيل”. كأن هذا الكيان بحاجة الى صفات جديدة ولا يكفي ناسه أنهم يعتبرون أنفسهم أرقى وأنقى وأصفى من كل البشر… وأنهم شعب الله المختار. وأن الله فضلهم على غيرهم. مع أن الله عادل ومنصف وغفور رحيم. ومحب ومسالم ووديع ومساعد.. ولكن ورغم ذلك فإن قادة كيان “الشعب” المختار ليسوا سوى مجموعة من القتلة والسفاحين والعنصريين. فمنذ بداية احتلال فلسطين سنة 1948 وحتى يومنا هذا لم تتغير العقلية الظلامية الصهيونية إلا نحو الأسوأ. حيث ازدادت الجرائم والمذابح والمجازر والتصفيات والاغتيالات. كذلك عمليات العقاب الجماعي والاغلاق وحصار المدن والقرى والمخيمات وسياسة الأرض المحروقة. وامتلأت السجون والمعتقلات الصهيونية بالأسرى الفلسطينيين من الجنسين ومن كافة الأعمار.
يذكر القارئ كيف قام ضابط صهيوني بإطلاق النار على الفلسطيني أشرف أبو رحمة وهو مكبل اليدين ومعصوب العينين بعد توقيفه اثناء تظاهرة ضد الجدار العازل جرت في بلعين الفلسطينية قبل أسابيع. هذا الضابط الذي شوهد وهو يطلق النار لمجرد التسلية وتعذيب وتنكيل المعتقل الفلسطيني، وتم تصويره وهو يطلق الرصاص بدون رادع على قدم أبو رحمة، نال جزء من حصته من المُنزَلات الممنوحة لأبناء “الشعب” المختار. إذ قرر المدعي العام العسكري الصهيوني ( أفيحاي مندلبليط ) عدم انزال عقوبات شديدة ضد ضابط حرس الحدود (عومري بوبيرغ ) الذي نفذ الجريمة المذكورة في قرية بلعين. مكتفياً باعتبار ذلك مجرد تصرف غير لائق من الضابط بوبيرغ.
هذا هو القانون في بلاد أقيمت على جماجم وعظام أصحابها وسكانها الأصليين. لا توجد قيّم ولا مبادئ، ولا يوجد عدل ولا قانون ولا حماية للمستضعفين والمضطهدين من الفلسطينيين سواء في أراضي فلسطين المحتلة في ال48 أو في ال 67. فقد رأينا كيف أستباح الغزاة الهمج من غلاة العنصرية الصهيونية مؤخراً مدينة عكا، ومارسوا عدوانهم لعدة أيام على سكانها العرب من الفلسطينيين. كان يجري ذلك في ظل تسابق عربي رسمي على استرضاء كيان “إسرائيل“.
العدوان على الفلسطينيين في فلسطين التاريخية المحتلة مازال مستمراً وبأشكال مختلفة. فما الفلسطينيين كانوا ومازالوا يتعرضون للاعتداءات العنصرية الهمجية على أيدي المتعصبين الصهاينة. ويبدو أنه لا يوجد من يريد ردع المستوطنين ووقفهم عند حدهم. لأنهم يعيشون بكل بساطة تحت قانون شريعة الغاب الصهيوني، شريعة الاستعلائيين العنصريين، الهمجيين المزودين بقناعة أنهم فوق القوانين، وأن كيان “إسرائيل” محمي من رب العالمين، وكذلك من قوته النووية ونزعته العنصرية ويهوديته. هذا القانون اليهودي الصهيوني الذي يسمح لمئات الرعاع والقتلة بالتظاهر وهم يحملون أعلام كيان ” إسرائيل ” في قلب مدينة أم الفحم الفلسطينية العربية التي لا يوجد فيها أي يهودي. بكل بساطة إنه قانون القوي على الضعيف، الجلاد على الضحية والمُنتصر آنياً الذي لا بد مستقبلاً سيكون حتما من المهزومين نهائياً..
نضال حمد