توصيات المركزي “غير مُلزمة” سيواجهها عباس بـ”التطنيش”
الاجتماع ليس مربط الفرس
توصيات المركزي “غير مُلزمة” سيواجهها عباس بـ”التطنيش”
تتركز الأنظار صوب اجتماع المجلس المركزي، الذي انطلقت أعماله في رام الله مساء أمس وينتهي مساء اليوم، والذي يقع على عاتقه إصدار قرارات للرد على قرار الرئيس الاميركي دونالد ترمب باعتبار القدس المحتلة عاصمة لكيان الاحتلال الإسرائيلي.
وينعقدُ المجلس المركزي لمنظمة التحرير بعد مرور أكثر من سنتين وعشرة أشهر على اجتماعه الأخير، وجزء مهم من قرارات المجلس السابق لم تنفذ بعد، كما ينعقد المجلس هذه المرة في أخطر ظرف مرت به قضية فلسطين.
المراقبون الفلسطينيون يرون أن المجلس “المركزي” والمجلس “الوطني” لم يكونا يوما صاحبي قرارات حاسمة، لتبعيتهما إلى قيادة المنظمة، وإن صدرت عنهما توصيات مرشحة للجنة التنفيذية ستوضع على الرفِ، ولن تعدو كونها قرارات “شعاراتية” لن تنفذ.
عادل سمارة: المجلس المركزي لن يخرج بتوصيات مصيرية وحاسمة، ولن تخرج أو تشذ عن التوصيات السياسية التي جاءت في خطاب الرئيس عباس وإن صدرت توصيات مهمة لن تنفذ
الكاتب والمحلل السياسي د. عادل سمارة يرى أن المجلس المركزي لن يخرج بتوصيات مصيرية وحاسمة، ولن تخرج أو تشذ عن التوصيات السياسية التي جاءت في خطاب الرئيس عباس ونهجه السياسي، وإن صدرت توصيات مهمة لن تنفذ.
وأوضح سمارة أن قرارات كثيرة للمنظمة منذ عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات ورئاسة محمود عباس لم تنفذ، إلا ما كان يتسق مع الرؤية السياسية لقيادة السُلطة، وللأسف لم تكن هناك مراجعة ولا مساءلة عن مصير تلك القرارات.
ويرى سمارة أن المركزي لن يخرج عن التوصيات التي قدمها الرئيس عباس، قائلاً “هذا ما تعودنا عليه طيلة عمر المنظمة منذ تأسيس عام 1964”.
وذكر أن توصيات المركزي ترقى للحد الأعلى لرؤية السلطة لأن هذا هو سقفها، ونهجها السياسي والأمني، غير أنها لا ترقى إطلاقاً لأصحاب مشروع التحرير والمقاومة.
وعن توصية الرئيس للمجلس بضرورة إعادة صياغة العلاقة مع الاحتلال، قال سمارة :”الحديث عن إعادة صياغة العلاقة مع إسرائيل شعار مستهلك، لأن الاحتلال للأسف في واقعنا الراهن هو من يعيد يتحكم في شكل العلاقة، نظراً لغياب الرؤية الفلسطينية”، مؤكداً أنَّ المقاومة المُسلحة هي القادرة على إعادة صياغة العلاقة مع المحتل الإسرائيلي.
وفيما يتعلق بتمسك عباس في نهج المفاوضات مع بحثه عن راعٍ جديدٍ، قال: “الرئيس عباس متمسك بمبدأ المفاوضات والعودة إلى التفاوض مع الإسرائيليين، ولكن أتساءل على ماذا سيفاوض أبو مازن الاحتلال الذي لا يعترف بأي حق للفلسطينيين؟!، الإيمان بالمفاوضات عبث في ظل عدم اعتراف أي دولة في العالم بالحقوق الفلسطينية”.
سمارة: الحديث عن إعادة صياغة العلاقة مع إسرائيل مجرد شعار
وعن مقاطعة حماس والجهاد الإسلامي لاجتماع المجلس المركزي، قال سمارة :”أحسنت الجهاد الإسلامي وحماس بعدم المشاركة في اجتماع المجلس المركزي لعدم وجود أي ضمانات للمخرجات الاجتماع (..) بكل بساطة ووضوح لو كنت مكان حماس والجهاد لن أشارك في الاجتماع”.
وأشار سمارة إلى أن المطلوب استمرار المقاومة الفلسطينية بجميع أشكالها السلمية، والعسكرية، والدبلوماسية، والسياسية، وعدم التفريط في أي جزء من فلسطين، وعدم العودة للمفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية في ظل التنكر الإسرائيلي للحقوق الفلسطينية.
في السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي د. إبراهيم أبراش “إن المجلس المركزي ليس السلطة الأعلى بل مجرد وسيط بين المجلس الوطني واللجنة التنفيذية، وقراراته مجرد توصيات غير ملزمة للجنة التنفيذية التي يمكنها المماطلة في التنفيذ أو الاجتهاد في التفسير بذريعة مراعاة المصلحة الوطنية العليا”.
وأوضح ابراش في مقال له بعنوان (المجلس المركزي الفلسطيني.. ليس مربط الفرس) أن لجوء المجلس المركزي في حقيقته لجوء المضطر لأن القيادة غير راغبة في منح المجلس المركزي صلاحيات واسعة من منطلق عدم رغبتها في العودة لمربع منظمة التحرير وما تعنيه من عودة لمرحلة التحرر الوطني، فالقيادة حسمت أمرها بالذهاب نحو خيار الدولة الفلسطينية من خلال الشرعية الدولية والتسوية السلمية.
وذكر ابراش أن دورة المجلس المركزي ستنظر غالبا في القضايا التي أحالتها له اللجنة التنفيذية للمنظمة ،والرئيس أبو مازن رئيس اللجنة التنفيذية أكد مباشرة بعد قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل بأن المنظمة ملتزمة بعملية التسوية السياسية وأن المشكلة لا تكمن في عملية التسوية بل بالرعاية الأمريكية لها ، وبالتالي وضع سقفا لما يمكن للمجلس اتخاذه من قرارات .
ابراهيم ابراش: المجلس المركزي ليس السلطة الأعلى بل مجرد وسيط بين المجلس الوطني واللجنة التنفيذية، وقراراته مجرد توصيات غير ملزمة للجنة التنفيذية التي يمكنها المماطلة في التنفيذ
وقال: المجلس وفي ظل حالة الترقب والغضب الشعبي قد يناقش مطالب بعض الأحزاب الفلسطينية وهي مطالب تستحق المناقشة والنظر فيها وتدغدغ مشاعر الجمهور كسحب اعتراف المنظمة بإسرائيل والتحرر من اتفاقية اوسلو والتزاماتها والانتقال من سلطة أوسلو إلى سلطة وحكومة الدولة، إلا أن هذه المطالب ولأنها ستصطدم بالتزام قيادة منظمة التحرير بعملية التسوية السياسية فلن تجد تجاوبا من الرئيس أبو مازن ، والرئيس هو مربط الفرس والمرجعية الوحيدة في هذه القضايا، وخصوصا أن الرئيس يتعرض لضغوط حتى من دول عربية لعدم التصعيد مع واشنطن وإسرائيل ولإبقاء باب العودة للمفاوضات مواربا.
وتوقع ابراش أن يناقش المجلس كل القضايا وتصدر قرارات / توصيات بصيغة حادة ترضى الجميع ولكن ملتبسة في نفس الوقت وقابلة للتأويل حتى يبقى مخرجا للرئيس وللجنة التنفيذية للتعامل مع أية تسوية قادمة، وقد يتم الإعلان مع وقف التنفيذ عن قيام الدولة الفلسطينية والانتقال من سلطة تحت الاحتلال إلى دولة تحت الاحتلال، لكن دون الإعلان رسميا عن حل السلطة أو سحب الاعتراف بإسرائيل، الأمر الذي سيزيد الأمور تعقيدا وإرباكا .
ابراش: المجلس سيصدر توصيات بصيغة حادة ترضى الجميع ولكن ملتبسة في نفس الوقت وقابلة للتأويل حتى يبقى مخرجا للرئيس وللجنة التنفيذية للتعامل مع أية تسوية قادمة،
واختتم مقاله قائلاً: “إن مصير القضية الوطنية غير مرتهن بالمجلس المركزي ومخرجاته، الأهم من المجلس المركزي هو انجاز الوحدة الوطنية بسرعة والانتهاء من مهزلة حوارات المصالحة العالقة عن قصد خبيث بقضايا الرواتب والموظفين، إن لم يحدث ذلك فإن كل النخبة السياسية ستتحمل المسؤولية الوطنية والتاريخية والأخلاقية عما سيصيب القضية الوطنية من ويلات في الأيام القادمة سواء من خلال الممارسات الإسرائيلية أو من خلال الصفقة الكبرى الأمريكية”.
فلسطين اليوم – غزة
15 يناير 2018