تونستان وغزوة العدوان على سمير القنطار
نضال حمد
قتلة اربغوني يعتدون على سمير القنطار، حشاشون قبل الثورة سلفيون بعد الثورة .. تعليق لصديق فلسطيني في صفحة موقع الصفصاف بالفيس بوك.
فلسطيني آخر، واضح أنه بعثي عراقي أو ميال للبعث العراقي، اتهم سمير بأنه يعمل بوقا لإيران والنظام السوري وهاجمه وهاجم حزب الله …
وما بين هذا وذاك كتبت تعليقي التالي :
مؤلمة جدا كلمات (فلان) وحقيقة لا استطيع النظر إليها. بدأت أسأل نفسي: هل في شعبنا فعلا كثيرين قليلي وفاء وناكري جميل؟ ..
ايعقل أن يقال مثل هذا الكلام في مناضل جليل أحبه الله وأحبته فلسطين اسمه سمير القنطار وقضى جل حياته وأكثر من نصفها
نحو ثلاثون سنة فقط في سجون الاحتلال… رفض خلالها التوقيع على اعتذار والخروج من السجن مثلما فعل قادة الأمن الوقائي الذين كانوا في السابق أسرى وسجناء. وأصر أن يخرج محررا عبر المقاومة ونال هذا الشرف.
سمير يا ( فلان) أكبر من أن يهان ويذم. ولو كنت مكانك لاعتذرت منه ومن فلسطين وشطبت التعليق المذكور هنا والتعليقات الأخرى المنشورة في بروفيلك.
منذ صبيحة يوم الجمعة الموافق السابع عشر من شهر آب – أغسطس الجاري وموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك يشهد جدلا واسعا حول قضية الاعتداء على المهرجان الذي كان مقررا في مدينة بنزرت التونسية. حيث كان على سمير القنطار إلقاء كلمة هناك بمناسبة يوم القدس العالمي، وذلك بدعوة من جماعات قومية تونسية.
تصدر خبر الغزوة الإرهابية التكفيرية في تونس الصفحات وقامت صفحة موقع الصفصاف في الفيس بوك بوضع الخبر وفتح المجال لنقاشه والتعليق عليه. وهناك عشرات التعليقات التي ناصرت في معظمها عميد الأسرى سمير القنطار، إلا القليل منها كان معاديا لأسباب مذهبية وخلفية تكفيرية.
المؤسف أن بعض الأصوات المدافعة عن الغزوة السلفية التونسية قامت بنشر تعليقات تحتوي على معلومات ملفقة وكاذبة وغير صحيحة عن كلمة سمير التي ألقاها في لقاء تونس. وكتبوا أنها كلها كانت عن سوريا وبشار الأسد وتحريض ضد ما يسمى الثورة السورية، وبأنه لم يتطرق فيها لموضوع فلسطين. وهذا محض افتراء لأن الفيديو المنشور والمتداول في فيس بوك ويوتيوب يكذبهم ويؤكد عكس ذلك. من هؤلاء أيضا من قام بتكفيره، ومنهم من قال وصفه بالمرتد… ومنهم من قال أنه تشيّع يعني أصبح شيعياً… ومنهم من قال عنه عميل لإيران … ومنهم من قال أنه معادي لسوريا و سفير لبشار الأسد.
يا أيها الذي ضللتم الطريق وضللكم التكفير وجعلكم تقتلون بطريقة وحشية صديق أمتكم وشعب فلسطين الشهيد الطلياني فيتوريو اريغوني… شئتم أم أبيتم فسمير القنطار هو سفير لفلسطين من قبلكم والآن وبالتأكيد من بعدكم… وهو خير سفير للمقاومة العربية. لأنه الفتى ذو ال17 عاما الذي قاد في الثاني والعشرين من ابريل – نيسان 1979 واحدة من أهم العمليات الفدائية الاستشهادية المميزة في فلسطين المحتلة. حيث جرح وأسر بعدها وبقي في الأسر نحو 30 عاما دون أن تنكسر شوكته وإرادته. وبقي صابرا و صامدا وشامخا وملتزما بالقناعات ومؤمنا بما فعل الى أن حررته المقاومة الإسلامية اللبنانية بقيادة السيد حسن نصرالله. هذا القائد المقاوم العظيم الذي يتحمل منكم ما لم يتحمله أيوب من قومه. سمير (فلسطين) القنطار، فلسطين في قلبه وتسري بدمه وليس بحاجة لشهادة من كل شيوخكم مجتمعين من المحيط الى الخليج ومن خلف المحيطات أيضا.
عناوين كلمة سمير القنطار في بنزرت جاءت كالتالي :
1- رسالة إلى راشد الغنوشي قال فيها لن نهتف في يوم القدس سوى للقدس وأتحدى راشد الغنوشي أن يخرج في يوم القدس العالمي ليعلن أن تونس رأس حربة في مواجهة الكيان الصهيوني. وقال إن فعل ذلك سنكون جميعا وراءه.
2- كما قال أن سوريا ستخرج منتصرة على كل أعدائها في الداخل والخارج.
3- ثم وجه سهما قاتلا لممثل حماس حين قال له لا تنسى أن تذكر غزة بأن سلاحها كان من سورية.
4- وتحدث أن الشعب الفلسطيني يملك أكبر احتياط من الاستشهاديين وأنه شعب الفداء والعطاء لكن تنقصه قيادة أمينة تقوده الآن.
5- وأختتم كلامه بالقول: “أينما اشتممنا رائحة نتنة فإنها رائحة البترودولار السعودي.
يبدو أن رسالته الواضحة الى الغنوشي والنهضة والإخوان وآل سعود هي التي جعلت السلفيين يقومون بتنظيم غزوتهم لمكان الاحتفال والاعتداء على من كانوا هناك. وهذا ماكان ليحصل لو أن شرطة الحكومة النهضوية أرادت وقفه وتعطيله واعتقال المخططين له. وهذا ما كان ليحصل لولا أن النهضويين متورطين في الاعتداء ارضاءا لأسيادهم في قطر والسعودية. وخير دليل على ذلك ما علق به مواطن تونسي اليوم في فيس بوك إذ كتب هذا التونسي الذي يرى وطنه يعود الى الوراء ما يلي: ” نحن في تونستان يا صديقتي …” رحم الله تونس … عليك وعلينا بالحيطة والحذر .. طالبان تونس والزمقتال وأبو قتادة والوهابية طبخة نزعت حياتنا في تونس.
بعض هؤلاء المعلقين وبنسبة ضئيلة كانوا من الفلسطينيين، وهؤلاء اسميهم ناكري الجميل وقليلي الوفاء.. وأقول أنهم لا يمثلون شعب فلسطين. لأن الشعب الفلسطيني لا يتنكر لأبطاله وقادته الثوريين. وسمير كان واحدا من قادة الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة ومن أشهر قادتها على الإطلاق.
إن بروز التيارات الدينية السلفية والتكفيرية والأقل تكفيرا جعلت وبإرادة أمريكية سعودية ما يجري في البلاد العربية حربا دينية ومذهبية. يريدونها حربا بين السنة والشيعة وبين المجاهدين الحقيقيين في سبيل فلسطين والآخرين الذين لا نذكر أنهم جاهدوا في سبيل فلسطين منذ عرفوا بالأفغان العرب وحتى يومنا هذا.
إن الذي يجري في البلاد العربية هو بالضبط كما جاء في هذا التعليق: “ما يجري الآن في المنطقة العربية هو ما يشتهيه الكيان الصهيوني وما خطط له الغرب منذ العام ١٨٠٠ . ” الثورات العربية ” كرست الانقسام وأثارت النعرات الطائفية والمذهبية الى ان أصبحت المقاومة جرم والعمالة أجر وثواب . الاعتداء علي سمير القنطار هو استمرار لنكبة فلسطين ولصبرا وشاتيلا، امتداد لحرب لبنان ٢٠٠٦ ولحرب غزة . باختصار، إن الأمة والمقاومة والقدس في دائرة خطر لم نشهد له مثيل.”.
في حال استمرت الجهات التكفيرية بالصعود والهيمنة على المشهد العربي برمته فإن المواطن العربي والمسلم من حيث يدري أو لا يدري قد يتحول غدا الى أداة بيد أعداء الأمة. وهذا ما يعزز قول أحد الزملاء في موقع التواصل الاجتماعي في تعليقه التالي :
” … وغدا سنصبح شركاء مع (إسرائيل) وسندافع عن أن الصهاينة أصبحوا تحصيل حاصل بينما الشيعة وإيران هم المستعمرين.”.
وفي مكان آخر ومن زميل آخر وهو فلسطيني يغار على العروبة وفلسطين جاء التعليق التالي ردا على مكفري سمير القنطار :
” كمان عندهم مشاكل مع سمير قنطار؟ شيء عجيب!! إنسان ضحى بحياته من أجل فلسطين و قضى نصف عمره بالسجون (الإسرائيلية) … بطل المقاومة سمير ولائه الأول هو لفلسطين و ليس لأي نظام عميل وملكي وعدوه الأول هو (إسرائيل) وليس الجيش العربي السوري أو حزب الله.”.
طبعا الموضوع منشور في صفحة موقع الصفصاف بفيس بوك وهناك نحو ألف شخص يناقشونه ويعلقون عليه. وسوف يبقى متفاعلا لبعض الوقت.
في الختام أود أن أضع هنا بعض الرسائل التونسية التي وصلتنا وهي رسائل تؤكد على أصالة شعب تونس ورفضه للتكفيريين السلفيين الذين يأخذون البلاد الى الهاوية. ومنها رسالة رئيس الرابطة التونسية للتسامح المشرفة على مهرجان الأقصى حيث قال في مؤتمر صحفي إن الهدف من الغزوة السلفية لمهرجان بنزرت هو اغتيال المناضل سمير القنطار بسبب انتقاده للنظام السعودي. فهل فعلا كان القصد من الهجمة اغتيال سمير القنطار؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ .. بعض المدافعين عن السلفية ومشتقاتها نفوا ذلك عبر تعليقاتهم على الموضوع..
في رسالة نشرت أيضا اليوم أعلن حزب الجبهة الوطنية التونسية اعتذاره باسم الشعب التونسي من المناضل سمير القنطار. وقال: انّ من قاموا بالاعتداء الجبان تحت جنح الظلام لا يمثلون التونسيين. وطالبوا الجميع بنشر البيان حتى يعلم العالم موقف شرفاء تونس من المقاومة ومن قضيّة فلسطين
أحد المعلقين الفلسطينيين كتب التالي: “الاعتداء على سمير هو اعتداء على كل وطني حر وشريف في العالم العربي.. الاعتداء على سمير هو يعني اعتداء على المقاومة والذي يعتدي على المقاومة و المقاومين هم فقط الصهاينة أو أذناب الصهاينة في العالم العربي“.
هذا هو سمير القنطار المناضل القدوة والنموذج الذي عرفته شخصيا قبل وأثناء الأسر وبعد التحرر. وربطتني به صداقة شخصية ورفقة سياسية وإخوة مقاومة. هو مقاوم فوق العادة لذا إعتز بصداقته وبرفقته… أصدقاؤه أصدقائي وأعداؤه أعدائي؟
19-08-2012