جنرال صهيوني يتفاخر بعصاه التي قتل فيها فلسطيني سنة 1930 – نضال حمد
بينما سلطة عباس ترضخ للضغوطات الأمريكية والصهيونية والأوروبية والعربية المتصهينة، وتقوم بوقف مرتبات أسر الشهداء والجرحى والأسرى، الناتجة عن مقاومتهم للاحتلال الصهيوني، في تخلٍ لا مثيل له عن أهم ثابتة فلسطينية وهي المقاومة لأجل تثبيت الهوية العربية الفلسطينية، ومن أجل تحرير أرض الشعب الفلسطيني المحتلة من قبل الصهاينة. ولأجل مستقبل شعب فلسطين على أرضه وفي وطنه. ففي خنوع غير عادي للضغوطات تلك وافقت السلطة الفلسطينية التي تشبه لحد كبير جيش لحد العميل للصهاينة في الجنوب اللبناني في القرن الفائت. وافقت على إزالة النصب التذكاري للشهيد خالد نزال من ميدان يحمل إسمه في مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة. ووافقت أيضاً على وقف مرتبات أبطال مقاومة الشعب الفلسطيني على مرّ تاريخ ثورتنا ومقاومتنا المعاصرة.
في هذه التصرفات والقرارات السلطوية إقرار عباسي، سلطوي – فتحاوي – فصائلي ( نسبة للفصائل التابعة لعباس في منظمة التحرير الفلسطينية ) بأن كفاحنا ومقاومتنا ونضالنا أعمالا إرهابية ورجس من عمل الشيطان يجب التبرؤ منها والتنكر لها وجَبَهَا لأن الإلتحاق بإسطبل الصهاينة والأمريكان يتطلب ذلك.
صحيفة يديعوت احارنوت العبرية نقلت تصريحات لوزير الخارجية النرويجي حول القضية جاء فيها:
“النرويج لن تسمح لنفسها بأن تظهر بمظهر المؤيدة لمؤسسات يطلق عليها أسماء إرهابيين، ولن نسمح باستخدام التمويل النرويجي لمثل هذه الأغراض”.
وزير الخارجية النرويجي وهو من الحزب اليميني المحافظ ( هويرا ) عليه أن يوقف أولاً دخول المستوطنين الارهابيين الى النرويج حيث يقومون بجمع التبرعات للمستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية، التي تعتبرها النرويج أرضاً محتلة. إن لن يفعل ذلك فعليه أن يصمت وأن لا يطلق صفة الإرهاب على قديسي شعب فلسطين وثورته المقاومة.
لأن أموال الدول المانحة مشروطة ولا تقدمها تلك الدول بدون مقابل، على السلطة تقديم كشف حساب لتلك الدول. وتحضرني الآن بعد تصريحات وزير الخارجية النرويجي الحالي، الكلمات الهادئة والواثقة التي قالها لي في أحد الإجتماعات الدورية التي كانت تحصل بين رئاسة الجالية الفلسطينية في النرويج ووزارة الخارجية النرويجية، ففي مثل هذه الأيام من سنة 2006 قال لي وللوفد المرافق السيد رايموند يوهانسون وكيل وزارة الخارجية الأسبق في النرويج: ما دمنا ندفع فمن حقنا معرفة أين تذهب أموالنا. لكن وللأمانة فإن وزارة السيد رايمون لم تطلب في يوم من الأيام إيقاف الدعم عن مركز فلسطيني ما لأنه يحمل اسم شهيد-ة فلسطيني-ة. ونفس يوهانسن المعروف بتأييده للفلسطينيين كان عرضة لحملة صهيونية قوية مطلع القرن الحالي. وذلك بسبب تصريح قال فيه أن من حق الشعب الفلسطيني ممارسة الكفاح المسلح لتحرير أرضه وفق الأعراف الدولية التي تقرّ ذلك.
في تطور جديد بموضوع مركز الشهيدة دلال المغربي الذي تطالب الإدارة الأمريكية كما الكيان الصهيوني بغلقه وتغيير اسمه، لأن دلال بحسبهم إرهابية ملوثة يديها بدماء الضحايا اليهود. وتحت تأثير الضغوطات الصهيونية والأمريكية أوقفت الأمم المتحدة تمويل المركز، ونفس الشيء أقدمت عليه الحكومة اليمينية في النرويج. وكذلك حكومة الدنمارك التي تواصل لعب دور ذيل الكلب للأمريكان. وستفعل الشيء نفسه دول وحكومات ومؤسسات أخرى رضوخا للابتزازات الصهيونية والأمريكية.
يترافق كل ذلك مع سياسة جديدة لسلطة أبو مازن فاقت في قساوتها ووقاحتها سياسة نتنياهو ومن معه من المجرمين الصهاينة، إذ يقوم عباس شخصياً بوقف تحويلات أموال الكهرباء والعلاج عن شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة. فيسقط الأطفال موتى نتيجة عدم توفر علاج لهم في القطاع المحاصر وبسبب الحصار الذي يريده الأخير قبل غيره لمحاسبة حماس. يفعل عباس ذلك فيتنطح نتنياهو ليظهر بمظهر الحريص على الإنسانية وحيوات سكان القطاع من خلال قوله أن (إسرائيل) لن تفعل ذلك، يقصد ما فعله ويفعله عباس مع سكان غزة حفاظا على حيوات الناس في غزة التي تحكمها حماس. هكذا إذن يزايد نتنياهو الدموي العنصري الصهيوني على مختار المقاطعة في رام الله. يا للجريمة التي تجعل الوحش يلبس ثوب الضحية. إنساني جداً نتنياهو الذي يمعن قتلاً في الشعب الفلسطيني يومياً. وأكثر إنسانية من رئيس سلطة التنسيق الأمني في غيتو رام الله.
كنت أقرأ هذه الأخبار أمام عجوز فلسطينية لازالت تحلم بالعودة الى الجليل بعدما أوصلتها تجربة الثورة الى عالمٍ آخر غربي لم تكن تحلم أو تريد العيش فيه لكنها هنا رغماً عنها. علقت العجوز على عباس بإنشاد أغنية فلسطينية معروفة : ( يّما مويل الهوى يما مويل ويّه .. ضرب الخناجر ولا حكم النذل فيّه …).
نعم يا سيدتي الفلسطينية هذا زمان الأنذال الذين يتحكمون بالقرار الفلسطيني ويعملون في حراسة الاحتلال والاستيطان. زمن من تسلقوا على عظام وأضرحة الشهداء وشواهد قبورهم. زمن العار، والعار في بلادنا يظهر عارياً بشكل يومي، يوماً مع عريقات وآخر مع فرج وثاني مع شعث وثالث مع مجدلاني ورابع مع آخر من آخرين كثيرين ما عادت تعنيهم قضية فلسطين، فكل ما يعنيهم رضا نتنياهو وحواجزه في الضفة المحتلة… لا شيء يستر عورة هؤلاء، ولا شيء يقيهم السقوط فبعد الخيانة لم تعد هناك تعابير وأوصاف نطلقها عليهم.
صحيفة هآرتس الصهيونية نشرت يوم الأربعاء الموافق 28-6-2017 مقابلة مع الجنرال يتسحاك فونداك (104 أعوام). وهو مستوطن يهودي بولندي الأصول، من أوائل البعثات الصهيونية الاستيطانية لأرض فلسطين. هاجر من بولندا الى فلسطين الانتدابية في سبيل الاستيطان والاحتلال والإلغاء والاستئصال والاستعمار.
لم يمض كثيراً على ولوجه أرض البرتقال الحزين حتى قام هذا المستوطن اليهودي الصهيوني القادم من بولندا بقتل فلسطيني صادف وجوده في أحد البساتين …
يسهب اليهودي البولندي الصهيوني الفاشي في شرح الجريمة. ويظهر عصاً مازال يحتفظ بها في منزله، ويقول أنها عصاه التي قتل فيها أول عربي فلسطيني على أرض فلسطين، التي يعتقد اليهودي الصهيوني أن ألله وعد بها اليهود الصهاينة.
يتحدث القاتل مبتسماً ويروي للصحيفة جريمته وكيف قام بقتل أول عربي في حياته، معتبرا أن هذا الحدث أثرّ على كل حياته. ويتفاخر الإرهابي اليهودي بالعصا مع أنها ليست نفس عصا النبي موسى الذي أرسله الرب لهداية اليهود، بل عصا الإرهاب الصهيوني الذي نظمته العصابات اليهودية الصهيونية في العالمين الغربي والشرقي ومن ثم أرسلته للاستعمار واحتلال أرض فلسطين، وزرع اليهود اللَمَمْ، المجلوبين من كل بقاع وأصقاع الدنيا مكان الفلسطينيين سكان البلاد الأصليين.
يقول الجنرال الهرم أنها العصا التي يحتفظ بها والتي قتل بها أول عربي في حياته. مما يعني أنه قتل الكثير من الفلسطينيين في رحلة حياته التي أوشكت على دخول عامها ال 105.
ففي مقابلته مع صحيفة “هآرتس” قال فونداك إنه بعد أن هاجر من بولندا مطلع العام 1930 توجه للعمل في أحد بساتين البرتقال التي يملكها اليهود في شمال فلسطين فوجد عربيا هناك فانهال عليه بالضرب بعصا كانت في حوزته حتى قضى عليه.
وأضاف: “عندما أبلغت المسؤول عني حول ما حدث وأن جثة العربي ما زالت في البستان، رد علي قائلا: عليك أن تبحث عن عربي آخر لتقتله”.
أنظروا مدى الحقد والعداء والكراهية التي كَنَها ويكنها هؤلاء للعرب بشكل عام وليس فقط للفلسطينيين. فهم جاءوا من بلاد الإفرنج محملين بحقدهم وعداءهم وكراهيتهم للعرب. ولم يتركوا صنفا من صنوف الإرهاب إلا واستخدموه ضد الفلسطينيين والعرب بشكل عام.
جاءوا من أوروبا حيث كانت الفاشية ثم النازية تعاملهم معاملة حقيرة وتذلهم و تستعبدهم وتنكل بهم. جاءوا ليظهروا فاشية أكبر من فاشية أوروبا اتجاههم كيهود في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الفائت.
هنا أيضاً يحضرني ما نشره وزير خارجية النرويج الأسبق يوناس غاهر ستوره في كتاب له، وصف فيه وضع سكان مدينة الخليل الفلسطينية المحتلة والمحاصرة والمستباحة بالاستيطان والمستوطنين كوضع اليهود مع الفاشية في أوروبا في ثلاثينيات القرن الفائت. مما أثار ضجة كبيرة في النرويج والكيان الصهيوني.
في الحرب العالمية الثانية كان أي بولندي يخفي يهودي بولندي أو يتستر عليه ولا يبلغ عنه النازيين وأعوانهم يواجه عقوبة الإعدام من قبل الاحتلال النازي. وهناك بولنديون أخفوا يهوداً وتم فعلا إعدامهم.
أما اليهودي البولندي فودناك فقد عرض في مقابلته العصا، التي استخدمها في أول جريمة له على أرض فلسطين، مشيرا إلى أنه ظل يحتفظ بالعصا ويتباهى بها بوصفها “التعبير عن القوة” التي يتوجب استخدامها في مواجهة العرب.
العنصرية والاستعلاء والفوقية
فودناك يشبه العرب بالحيوانات التي تقاد مثل البهائم بالعصا. فالعصا لمن عصا كما يقول المثل العربي. يعني أي عربي يجب أن يضرب ويُساق مثل البهيمة، أو يضرب حتى الموت لأنه لا قيمة لحياته ولأنه أقل قيمة من مستوى العنصر البشري اليهودي الاستعماري الاستيطاني. فغالبية اليهود الصهاينة يتعاملون مع الآخرين على أساس أنهم أقل قيمة من اليهود الذين اختارهم ألله، أو أنه لا قيمة لهؤلاء لأنهم مثل البهائم والحيوانات. تماماً كما كانت نظرية هتلر والنازيين اتجاه اليهود بالذات وغيرهم من الأقوام والأعراق في أوروبا. نازية متأصلة في الفكر الصهيوني وفاشية تعتبر من أسس بنيان الفكر الصهيوني الاجرامي.
المدعو فونداك الذي امتد به العمر طويلاً تقلد مناصب عليا كثيرة في العصابات الصهيونية قبل العام 1948، سيما في وحدات “البالماخ” التي تولت تهجير الفلسطينيين من قراهم. وبحسب تنويه صحيفة “هآرتس” فإن فونداك تدرج في المناصب العسكرية حتى أصبح لواء في الجيش.
عندما قمت بالبحث في موقع صحيفة هآرتس عثرت على المقابلة باللغة العبرية مع الصور، ولكنني لم أعثر عليها في النسخة الإنجليزية. وأعتقد أنني لن أعثر عليها لأنها دليل قاطع على جرائمهم التي تدينهم من أفواههم. ولهذا السبب فإن ترجمة هذه المقالة للغات أجنبية فيه فائدة للقضية الفلسطينية ودحض للدعاية الصهيونية. ولا بد من شكر الأصدقاء والصديقات الذين سارعوا لترجمة مقابلة فودناك للغات الفرنسية والألمانية والبولندية.
رابط المقابلة بالعبرية
http://www.haaretz.co.il/blogs/oferaderet/1.4211217
30-06-2017