جورج حزبون .. وداعاً أيها المناضل والنقابي الفلسطيني العريق ! – شاكر فريد حسن
جورج حزبون .. وداعاً أيها المناضل والنقابي الفلسطيني العريق ! – شاكر فريد حسن
فجأة وبدون سابق إنذار ، رحل عن الدنيا المناضل والنقابي الفلسطيني العريق والبارز جورج حزبون ، احد رموز وأعمدة النضال الوطني والطبقي ، ونشطاء العمل السياسي الوحدوي والجماعي المنظم في الوطن المحتل ، وذلك بعد مسيرة حياة حافلة بالمواقف الثورية والجذرية الصلبة ، وزاخرة بالبذل والعطاء والتضحيات ، وتختزل قيماً وقناعات تقدمية استطاع بلورتها من خلال مساهماته في النضال والعمل النقابي .
عرفنا الفقيد جورج حزبون قائداً نقابياً ، صاحب تاريخ نضالي يشهد له ، ومواقف وطنية وطبقية تقدمية منفتحة ومتحررة ، مبنية على إدراك ومعرفة ووعي ثقافي عميق ، وشكلت قدراته الحركية النضالية وقوداً للشباب الفلسطيني الناهض والصاعد في حمل رايات الحق والكفاح والثورة الطبقية الحمراء بعزم وثبات ، وخدمة متطلبات النهوض والتحرر والاستقلال . وفرض الاحترام والتقدير بين أبناء شعبه عبر ممارساته الملتزمة وحضوره المتواصل المثابر في معارك الكفاح ومواجهة المحتل ، وتفعيل العمل النقابي والارتقاء فيه ، دفاعاً عن حقوق وعمال وشغيلة فلسطين . ورغم المرض في داخله إلا انه بقي شعلة متوهجة ومتوقدة من العطاء ، فلم تفتر عزيمته ، ولم يتغلغل اليأس إلى أعماقه رغم قهر وظلم الاحتلال وسقوط المنظومة الاشتراكية .
وبرحيله تفقد الحركة العمالية والنقابية الفلسطينية والقوى العلمانية واليسارية الطليعية الفلسطينية الطامحة بالتغيير ، مناضلاً فذاً ضد القهر والفقر والتخلف ، وضد الظلم والاحتلال واستغلال الإنسان الكادح ، ونقابياً فاعلاً ومؤثراً في العديد من محطات الكفاح ، وإنساناً عقائدياً أعطى وقدم الكثير لشعبه ، وأفنى عمره وحياته في الدفاع عن قضايا الوطن ، وقضايا العمال والشغيلة ، وقضايا الحرية والسلام والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، ومثقفاً عضوياً مسلحاً بفكر طبقي ورؤية طبقية وأيديولوجية واضحة منحازة لجموع الناس والفقراء والمعذبين والمهمشين والكادحين ، الحالمين بمملكة الحرية والعدل وبوطن الحب والتسامح الإنساني .
جورج حزبون كان نعم المناضل الشرس المنافح عن مصالح شعبه وتطلعاته المستقبلية ، ومثلاً للحيوية والفكر المتدفق والشجاعة والاستقامة الفكرية والدفء الإنساني الشفاف ، ونموذج في العطاء والتفاني والإخلاص لقضايا الوطن والناس . عرف بأخلاقه الثورية ومبدئيته الصادقة وكفاحه العنيد المثابر منذ التحاقه بالحركة اليسارية وانتمائه للفكر الأيديولوجي الطبقي الماركسي وانخراطه في صفوف الحزب الشيوعي الفلسطيني ومن ثم في جبهة النضال الشعبي الفلسطيني . كانت له هيبته وحضوره المميز وقامته المنتصبة كشجرة بلوط أو سنديان جذورها في أعماق الأرض وقادرة على الصمود في وجه الرياح العاتية ، فلم ينحن أمام العواصف الفكرية وتقلبات الزمن ، وبقي على العهد حاملاً الراية ومقارعاة الأعداء الطبقيين ، وافر العطاء ، مرفوع الهامة على الدوام .
جورج حزبون مفكر وكاتب ثوري وتقدمي صاحب قلم نظيف وجريء ، عكف على التنظير والكتابة السياسية والفكرية، والدفاع عن قيمه ومبادئه وأفكاره وأرائه الداعية للوحدة وتعميق اللحمة الوطنية والتماسك الاجتماعي الفلسطيني وصيانة الموروث الثقافي والحضاري لشعبنا الفلسطيني ، وله مجموعة من الكتب والمؤلفات ، التي أثارت الجدل في الساحة الفلسطينية .
فسلام عليك يا جورج ، أيها المفكر والمناضل والنقابي العريق المنتمي لأيديولوجية العمال والطبقات الشعبية المسحوقة الكادحة ، ونضالاتك وأخلاقك وخصالك ومواقفك الوطنية والتقدمية الرائعة هي خير عزاء لأبناء شعبك ، الذين سيذكرونك دائماً وأبداً ، رمزاً للنضال والمبدئية والإخلاص للقيم العظيمة ، التي كنت تذود عنها .