جورج غالواي وذيل الكلب
نضال حمد
يعتبر النائب العمالي عن دائرة غلاسكو كلفين في اسكتلندا جورج غالواي من الشخصيات البريطانية المميزة، فهو وقبل كل شيء من أهم أصدقاء الشعب الفلسطيني ومن أهم أنصار القضايا العربية، وقف مواقف رجولية ومبدئية أفضل من مواقف الكثيرين من زعماء وقادة الأمة العربية، فيوم تعرض الشعب الفلسطيني للحصار والمذابح وقف جورج غالواي معه بدون تردد وأعلن تأييده للحقوق الفلسطينية وعمل بكل صدق وأمانة من أجل تحقيقها ولأجل لجم (إسرائيل) وتعريتها في أوروبا والعالم وكذلك أمام الرأي العام العالمي.
أما بخصوص العراق وحصاره الظالم الذي استمر لسنوات عجاف عمل أيضا بكل إخلاص وروح إنسانية عالية من أجل التخفيف عن الشعب العراقي الذي كان يعاني بشكل مباشر من سياسة الحصار والعقاب الجماعي التي اتبعتها الإدارة الأمريكية مع العراق.
والتي أجبرت الأمم المتحدة على تبنيها وكذلك الالتزام بها، فكان بعض العرب لا بل أكثرهم أكثر التزاما بالعقوبات من غيرهم من الدول الأخرى الخفيفة.
لكن غالواي المساند للقضايا العادلة والذي رفض سياسة الظلم والانحياز لصهاينة (إسرائيل) ولمتصهيني أمريكا، رفع صوته عاليا مطالبا بالعمل من أجل فك الحصار عن العراق والكف عن تجويع شعبه وتقتيل أطفاله بسبب نقص الدواء والغذاء وتسمم الماء والهواء.
ثم أطلق حملة عالمية لمساعدة أطفال العراق سميت بحملة مريم، نسبة للطفلة العراقية مريم التي كانت تعاني من مرض العضال حيث نقلها النائب غالواي للعلاج في بريطانيا.
بعد اشتداد العدوان والخناق على العراق والشعب الفلسطيني في انتفاضته الثانية دعا غالواي العرب الى تحقيق وحدتهم، وأعتبر أن هذه الوحدة هي السبيل الوحيد لاحترام العالم لهم، وتساءل عما يمكن أن يحدث لو أن العرب الذين تربطهم لغة ودين واحد توحدوا وأصبحوا أمة واحدة فعلا لا قولا.
كان غالواي كشف قبل الحرب عن مخطط أمريكي بريطاني يهدف لاحتلال العراق وإسقاط النظام الحاكم هناك، وقال أيضا أنهم يريدون فرض نظام يكون ألعوبة في يد الغرب.
كما عرف عن غالواي معارضته لمواقف بلير وحكومته التي بحسب قوله تسببت في الكثير من الغضب على بريطانيا. وذهب غالواي بعيدا في اعلان غضبه على بلير عندما شبه علاقة بلاده مع الولايات المتحدة بعلاقة مونيكا ليفنسكي بالرئيس السابق بيل كلينتون، حيث كانت الأخيرة عشيقة صعبة المراس تسببت لكلينتون بمتاعب جمة عندما فضحته وكشفت حقيقة علاقتهما الجنسية.
كما قال غالواي أن تلك العلاقة مهينة للبريطانيين لأن توني بلير جعل بريطانيا ذيلا للولايات المتحدة، والبريطانيين أصبحوا كالسمك الصغير يلاحقون الحيتان ليظفروا بامتصاص الجراثيم منها، وهذا أمر مشين لبريطانيا التي كانت دولة عظمى في حين كان الأمريكان رعاة بقر يذبحون الهنود الحمر.
وأكد النائب العمالي جورج غالواي أن العراق كان أفضل سوق تجاري لبريطانيا وحتى أفضل من دول الخليج مجتمعة، وأتهم بلير بتدمير تلك السوق.
شنت الدوائر المعادية لأصدقاء العرب في الغرب هجومات عنيفة على غالواي وصلت حد أن أحدى الصحف الأمريكية اتهمته بعد سقوط بغداد واحتلال العراق بتلقي أموالا من النظام العراقي السابق. وأوردت الصحيفة الأمريكية كريستيان ساينس مونيتور اتهامات له بالرشوة من خلال وثائق نسبتها الصحيفة لجنرال عراقي، قالت أنه عثر عليها في وزارة الخارجية العراقية ببغداد بعد استباحتها من قبل اللصوص.
وكانت الصحيفة زعمت أن الوثيقة تعود لعامي 1992 و 1993 وأن غالواي تلقى أموالا من الرئيس صدام حسين لتحسين صورة نظامه في الغرب.
لكن النائب غالواي أكد أن هذه الدسائس ضده تأتي من أجل إخماد صوته وتشويه مواقفه المبدئية. وأعلن أنه لم يحصل على أية أموال من العراق لتمويل أي حملة ضد الحرب وضد العقوبات. وهذا ما ثبت لاحقا عندما اعترفت الصحيفة الأمريكية بغلطتها و سارعت للإعتذار من النائب غالواي ومن قراءها على عدم صحة تقاريرها والتي اكتشفت أنها مزيفة ومزورة.
لكن غالواي رفض الاعتذار المذكور معتبرا أن الفحوصات الأساسية على صحة الخبر المذكور كان يجب أن تتم قبل نشر الخبر لا بعد نشره في صحيفة معروفة دوليا.
عندما يعلم المرء مدى العداء الذي تكنه الدوائر والمؤسسات الصهيونية والأمريكية والغربية المتصهينة لغالواي يبطل عجبه من الأكاذيب التي تنشر حوله، ويبطل كذلك عجبه من قرار حزب العمال الذي تم بموجبه طرد غالواي من عضوية الحزب.
فالحزب الذي يقبل بأن يكون زعيمه ذيل للكلب الأمريكي وبأن يكون هو نفسه دابة تقودها الإدارة الأمريكية البهيمية، لا يستحق هكذا رجال يحترمون مواقفهم وحقوق البشر أينما كانوا، فغالواي رجل محترم يحترم نفسه وعقله والناس وعقولهم، بينما توني بلير ومجموعته الذيلية في الحزب والحكومة والبرلمان لا يحترمون رأي أكثرية الشعب البريطاني التي ترفض سياستهم التابعة والسيئة.
على كل حال فإن غالواي الذي يتعرض منذ زمن طويل لحملة شعواء من قبل الصهيونية وحلفاءها في العالم، حيث تارة يتهم بمعاداة السامية وتارة أخرى بتأييد الأنظمة المارقة، ثم بعد ذلك يأتي ممثل هوليودي متصهين مثل جون مالكوفيتش ليدلي بدلوه ويقول بدوره أمام طلاب جامعة كامبريدج أن هناك شخصين يرغب في قتلهما : النائب البريطاني العمالي جورج غالواي لأنه انتقد العمليات (الإسرائيلية) ضد الفلسطينيين والصحافي روبرت فيسك لما يكتبه.
ماذا يمكن لمريض هوليودي من رعاة البقر ومبيدي البشر مثل مالكوفيتش أن يقول، فهو من الوجوه الهوليودية التي تبنت وتبني شهرتها على رابج الصهيونية العالمية، وتكسب شهرتها من دوائر التأثير واللوبيات اليهودية التي تحكم الولايات المتحدة الأمريكية وحتى هوليود.
معروف أن كل من غالواي و فيسك يسبحان عكس التيار السائد في وسائل الاعلام الأوروبية والغربية. وجرى منذ زمن طويل تصنيفهما صهيونياً ومن قبل الأوساط المؤيدة (لإسرائيل) في عداد المعادين للسامية واليهود وأيضا من المنحازين ضد (إسرائيل).
لكن ومهما اشتدت الحملة على النائب الإنساني والشهم غالواي إلا أنه سيبقى قويا بأصوات المؤمنين بعدالة ما يدافع عنه، وبأصوات الناخبين الذين يؤيدونه ويرفضون سياسة بلير المتصهينة والمتأمركة، ولا بد للصوت العربي والفلسطيني في بريطانيا أن يلعبا بالذات دورهما في حملة الدفاع عن غالواي وتأييده ضد الهجمة – البليرية – الصهيونية الأمريكية عليه وعلى مواقفه المبدئية.
وسيبقى بيت النائب العمالي الشجاع الموجود في اسكتلندا والذي اسمه تل الزعتر نسبة للمخيم الفلسطيني الذي شهد أبشع مجزرة ضد الفلسطينيين أثناء الحرب الأهلية اللبنانية وذلك سنة 1976.
هذا البيت الذي يعتبر بيت الصوت الحر والموقف النبيل والسليم الذي نعتز به، ونأمل أن يصبح بيت الشرق العربي والتل الذي لا يُعتلى. نكاية بالذئبين بلير وبوش اللذين لا بد أنهما ذاهبان من الحياة السياسية ذهاب كل أصحاب الفضائح المدوية، فالأشهر القادمة سوف تشهد تطورات ربما تؤدي الى سقوط مدوي لكل من الذئبين الملطخة أيديهما بالدماء العراقية والعربية.
جورج غالواي وذيل الكلب
نضال حمد
2003 / 10 / 27