جَحِيمُ الأَيَامِ فِي كَلامِ الأَصْحَابِ – د. أسامة ابوجامع
فِي لَيالِ الْظُلْمِ يَفْقِدُ الأَصْحَابُ مَعَانِيَ الْكَلِمَاتِ فِي الْحَدِيثِ، وَتَتَنَاثَرُ فًي فَضَاءِ جَلَسَاتِهِم كَلِمَاتٌ عَاجِزةٌ كَعَجْزِ أَصْحَابِهَا، وَأَعْبَائِهِم وَهُمُومِهِمْ وَلاَمُدَاوِي لِجُرُوحِهِم، يَتَنَقْلُ الْكَلاَمُ بَيْنَ الْأَزِقْةِ وَالْودْيَانِ. هُنَاكَ أَوْجَاعٌ تُمَزِقُ الْقُلُوبَ؛ فَهذَا بيْتاً شَامِخَاً، فِيهِ قَامَةٍ كالهَرمِ، وهذَا مَجْلِساً، كَانَ يُسَامِرُ ليْلهِ مُتَحَابِينَ، وَيُغَازِلُهُ عَالِمٌ ؛ وَفِي لَيْلَةِ بُؤْسٍ تَصَارَعَ قَوْمُ بِحَدِيثِهمْ، وَتَشَتَتوا، وتَشَدَدُوا كُلاً لِرأْيِ الْجَاهِلِ، وضَاعَ بَيْنَ دقِ الْطُبُولِ أُلِ الْعُقُولِ وصَاحَ فِي الَجَمْعِ أَجْهلِهِمْ، وَطبّلَ لَهُ أقْرَعَهُم، وَأفْسَدَهُمْ وعَادَ الْوَبَالُ عَلي شَعْبٍ أَدْمَاهُ الْجِرَاح، لِضَيَاعِ أحْلامِ وَطَنٍ، قُسّمَ لِأوْطَانٍ، قَدْ كَانَ يُعْقَدُ لَهُ الْرَجَاءُ وَالْدُعَاءُ وَالْآمَآلُ، وَقَضِيتُهُ بَيْنَ حِكَايَاتِ الْثَائِرِينَ أَصْبَحَتْ كَحِكَايَةٍ يَرْويِهَا مُعَاقٌ، وَيَتَنَاقَلُهَا مَأْجُورٌ فَاسِدٌ وَيَبْكِي عَليْها مُدْمٍ عَاقِل لها ثَائر، فَلعْنَة الله عَلي كلِ كَذابٍ أَشِر، لِصٍ يَتهَامَس فِي العَتْمةِ، كخفاشٍ نَجس، يَتَخَبَطُ بالْنورِ، وَيطِيرُ بالظُلمةِ، ويتَسللُ كأفعى يَحْملُ السُم بلسَانِهِ، فلا يصْدقُ قوْلاً، ولا يُحسنُ فعلاً …. هو جبانٌ، كثعْلب يكْتَسي جلد حمل، لا لِيوْم الحشْرِ، بل ليُسجلُ مَوْقِفاً بيْن الخلائق، وَيُأذِنُ بِأن عِنْوانهِ الإيمان، ولو صَدقَ المعْتوه، لحَفِظَ الشَعبَ منْ كلِ مكْروه، ولتركَ الخِيار لأمةٍ أثْقلَتْ كاهلها الأحْمَال، هذا موجوعٌ بقلبه، وَذَاك عزيز أصيلٌ بِقومِه، قدْ خَدشَ كرامَتهِ، وداسها مَن يتغنّي بعشْقِ الوطن؛ وآخر ينْقر بصلواتهِ، ومحتَلٌ لوْ بِيدِه لأباد الحَجَر، والكُلُ ضَالٌ، يَسِيرُ في الظلْمةِ مُنْذُ سنِين،فهذا نِداءٌ لِمُحبي فِلَسْطِين، إنْهو المهْزلة، عودُوا لِصَوَابِكُم، وحكٌمُوا الْشعْبَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَكُم.