حالتان في حالة فلسطينية مشتركة – أمير مخول
حالتان في حالة فلسطينية مشتركة
1. قرار “الموحّدة” منطقي والمشكلة في النهج!!
قرار القائمة الموحدة بعدم توقيع اتفاق فائض اصوات مع القائمة المشتركة هو قرار لافت، مع انه منطقي حسب منطق الموحدة والنهج الحالي بقيادة النائب منصور عباس.
لن يكافئ الليكود برئاسة نتنياهو احدا ممن يشرعنون الائتلاف معه او يدعمونه من خارج الائتلاف، ولن يأتمنهم. ربما يحترم مَن يناهضونه لأنه يخاف من ارادتهم المنبثقة عن انتمائهم وعن أن الحق في حالتنا يؤخذ ويُنتزَع ولا يُعطى عن طيب خاطر. لكن هناك قوى معنية بإحداث انشقاق داخلي في المجتمع الفلسطيني في الداخل، ومنها قوى محلية وقوى من خارج المجتمع سواء في المؤسسة الصهيونية الحاكمة ام اقليميا.
لم يقم يوما تنظيم المجتمع الفلسطيني على انتخابات الكنيست “الاسرائيلي”، بينما السعي المنهجي المذكور اعلاه الى ذلك فيه تعميق مقصود لانقسام طويل الامد داخل المجتمع. كما أن محاولة تسويغ القرار المذكور بأنه لحماية “المجتمع المحافظ” والقيم، فيه مواربة واساءة استخدام سياسي لتركيبة المجتمع على تنوعها، ومن اجل تبرير تحالفات مع الحزب “الاسرائيلي” الحاكم منافية لكل هويةِ ووجدان الفلسطينيين في الداخل وأينما كانوا في الوطن والشتات. وليس من المستبعد ان يكون رفض فائض الاصوات استكمالا لبدعة ألقاها النظام “الاسرائيلي” في ساحتنا كي نلهو بها وتبدو وكأنها جدول اعمالنا، لنعوم على شبر سراب في هذا “الجدول” الغريب علينا، وننسى واقعنا وننسى فلسطين لصالح مخططات “اسرائيل”.
2. المرآة الاخرى للانتخابات في الحالة الفلسطينية
واضح للجميع وللرئيس محمود عباس نفسه، انه على عتبة انهاء دوره او انتهائه. من يفكر للمدى البعيد تشغله البدائل المستقبلية اكثر من التوقف عند الوضع الراهن فحسب. اقترح عدم اخراج من باب الاحتمالات والسيناريوهات ان يكون مسعى امريكي دولي وعربي و”اسرائيلي” للدفع نحو تشكيل ائتلاف جديد، والاستحواذ المسبق على قوى التغيير الدمقراطي او سد الطريق امامها. بينما تحولت الانتخابات الفلسطينية الى حالة إلهاء داخلي اكثر منها حالة خلق واقع جديد.
سواء جرت الانتخابات ام لا، فلن تنتج سوى الوضع القائم اذ لا توجد قوى تغيير شعبية قادرة فعليا ان تشكل بديلا. والثقافة السياسية هي ذاتها في الحركة السياسية الفلسطينية بمجمل فصائلها. سأعتمد مقولة “ليس كل ما يلمع ذهب” لأن الامريكان يسعون الى تلميع كل البدائل المفيدة لهم ولن يرهنوا مصالحهم في بديل واحد. والتلميع لا يعني اغداق المديح والاطراء بل غالبا ما يكون اضفاء صفة “العدو” على من يروجونه، فليس المطلوب ان يكون مواليا لمواقفهم، بل أن يكون منصاعا لمصالحهم وإملاءاتهم حين يقتضي الامر.
لذلك من الافضل والاسلم ان لا نحصر الكلام في تصوير “ضحايا” وتصوير “قمعيين”، ولا أنكر ذلك، ومن المشين والخطير القرار بفصل ناصر القدوة من فتح، لكن الصورة اكثر تعقيدا بكثير. باعتقادي ان “اسرائيل” وحلفاءها سعوا للتدخل ايضا في انتخابات حماس وللتأثر فيها، لانهم يريدون الدفع نحو قيادات فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة سواء فتحاوية ام حمساوية، وكذا في الداخل، يكون أفقها هو الانشغال بالامور المعيشية اليومية وبإدارتها وليس بالقضية الجوهرية – المشروع التحرري ومشروع الحق الفلسطيني.
هناك مساع حثيثة للقضاء على القضية الفلسطينية من خلال تدمير بنية الشعب الفلسطيني وتفكيكها، ونحن هنا في الداخل لسنا خارج هذه المخططات.
لن تحسم الانتخابات شكل المجتمع، لكن من الأهم ان نبقي جدول اعمالها حول الجوهر.
أمير مخول