حاولت أن أبدأ كل البدايات – د. أسامة ابوجامع
لا يمكن أن يزور التاريخ، ولا يمكن أن تستثنى الكتابات، وتندثر في الفضاء؛ بل ستبقى شاهدة على كل صغيرة وكبيرة خطتها الأقلام، وصرخت واستصرخت وضجرت أو أشارت لهمزة لم توضع على السطر، واخرى لم تكتب؛ ولكنها ستبقى تعادي كل من تجاهلها، وإن استخف قومه فاطعوه كراهيةً أو طوعا،ً وستُلاحقهُ مظالم غَفل عنها، وإن كان عظامًا نخرة في قبرة يعتقد أنه لن ينبش، إن القيم التي يزرعها هي تلك التي سيحصدها، ويجني ثمرها، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، ويقول يا ليتني مت قبل هذا، وكنت نسيًا منسيًا، يومها ﻻ ينفعه الندم على ما فعلت نفسه وأقترف من الأثم.
حاولت أن أبدأ كل البدايات، لأجسد واقعًا أصبح لا يطاق، حيث أن الميزان المعهود لمعرفة الأشخاص ومكانتهم أصبح تائه متلعثم الأرقامِ؛ فلا المقياس المعنوي أو المادي أو أي قياس أوجده الإنسان أصبح له ترجمة منطقية في تلك المعمعة، فالانحدار التي آلت إليه الأوضاع هو من المنحدرات الخطرة، التي جعلت من طموحاتنا في بناءِ أجيالنا كبيتٍ خرابٍ خاويًا من كل المضامين، ومازالت أيدي الغدر تلعب في الشعب؛ وفي كل يوم ترحل الأماني إلى المصالحة، وتصطدم بصخرةِ القرارات المعيبة، والشعب يترقب منهك، سأكتب كلمة “هنيئًا لك أيها المفكر الآخر في قيادات ضل رشدها”!
وأكثرُ ما تعجب منه تلك الأصوات التي تقول إن هذه المدينة منتفضة ستحررننا، وتلك ثائرةٌ ستحررننا في ظل تشتُتنا، لكن فلسطين كُلها منسية في الحسابات الجارية والبنوك؛ ألم تصبح تلك المدينة أرض لعقاب شعبٍ مناضلٍ غير قادرٍ حتى على إعالةِ نفسه، ِ وبات في غيابات التخبط والترنح بين فقر وبطالة وتسول، أليس من الجدير أن يتحمل الشرفاء مسئولياتهم ويتنادوا من أجل قضية طالما دُفعتْ لأجلها التضحيات أثمانًا غاليةً؟!!.
فالناظرُ إلى القضيةِ يراها تُجر في مستنقعِ المصالح، وتدَفع أثمانًا لأجل أغنياء حرب “تجار حرب” من حركات أحزابٍ بغيضةٍ، ساءت وضلت وأضلت السبيل.
وسيقول البعض ما تلك المقالة ولكن سأخط لهم في نهايتها لمن يتمتم بكلمات الجبن لربما يفهم معناها، كما سأوقع بجوار كلماتي أني شاهدٌ على حقيقةِ أنكم لم تكونوا على قدر المسئولية، وتلاعبتم بالقضية وأسئتم وسئتم وكنتم شرًا للبرية، فلا أنتم ولا حركاتكم ولا منهاجكم قادرٌ على التحرير، فخسئتم وخسئ كل متواطئ، لم يسعَ يوما لتحرير قدس مغتصب، بل ورضيتم بالهوان والذل وتمسكتم بمنصب زائلٍ ﻻ محالة….