حزم .. وخمس ملاحظات عليه! – عبداللطيف مهنا
ليس قرار الليكود بضم الضفة واخضاعها رسمياً للسيادة الصهيونية وقوانينها كان الضارة التي تخلو من نافعة .. حسنته أنه دفع عدداً من فصائل المنظمة إلى المطالبة ب”مواجهته بحزم” مبعثه رؤيتها أنه “يشكّل خطوةً في تجسيد المشروع الصهيوني على كامل الأراضي الفلسطينية” .. حسناً، وما كنه هذا الحزم؟
إنه يبدأ ب”إعلان الانسحاب من اتفاقية أوسلو، والالتزامات المترتبة على أي اتفاقيات لاحقة، وسحب الاعتراف بإسرائيل، وإعادة الاعتبار للصراع الشامل مع الكيان بالاستناد إلى استراتيجية وطنية” .. كله ممتاز، ولكن لا بد من بعض الملاحظات:
الأولى، إنه حتى جداتنا كن يدركن طيلة أمد الصراع أن المشروع الصهيوني واستراتيجيته الأم التهويد لكامل فلسطين والتخلص من كامل الفلسطينيين والحلول محلهم، لم تتغير ولم تتبدل ولم تتوقف منذ أن وضعت في بازل نهايات القرن التاسع عشر وحتى مؤتمر الليكود هذا وقراره، كما ولن تتبدل ولن تتوقف دون انجازها، أو هزيمة المشروع ونهاية كيانه، أي تحريرها والعودة إليها..
والثانية، أنه حتى هاته الجدات، وهذه الفصائل أيضاً، كن يدركن منذ ربع قرن أن المسار الأوسلوي الكارثي لن يأخذنا إلا إلى هذه اللحظة التي تأخرت هذه الفصائل كل هذا الوقت لتستل حزمها لمواجهة استحقاقاتها ..
والثالثة، وحيث، ولعجزها، ليس بيدها ما تستله، فإن المعني هنا بالاستلال هو حزم ابومازن، أي أنها تريد من سادن اوسلو أن يهدم معبده بيده، وبالتالي يحكم على نفسه بنفسه، كما تنتظر منه أن يتخلى عن مقدسه الأمني، بل وأكثر، أن يسحب اعترافه بالعدو الذي بات عنده شريكاً، بمعنى التخلي عن نهجه والعودة عنه .. عودة لن تأخذه حتماً إلا إلى ما كان يصفها ب”العمليات القذرة” !!!
والرابعة، تكمن في الدعوة إلى “اعادة الاعتبار للصراع الشامل” .. هكذا الشامل، أي تعميم تجنُّباً لتحديد مستوجب .. ليس للميثاق الوطني الأصل قبل أن يعبث به، ولا لنهج التحرير وخط الكفاح المسلّح، أو ممارسة حق المقاومة بكافة اشكالها، مثلاً ..
والخامسة، أنها تريد حزمها، أو حزم ابومازنً، “استناداً إلى استراتيجية وطنية .. وماذا يعني؟! التوافق على برنامج حد أدنى مجمع عليه وطنياً، وهل هناك ما هو مجمع عليه سوى المقاومة والتحرير والعودة؟! وكيف يمكن الجمع بين النقيضين، المساومة والمقاومة؟! مثلاً، قبل هذه الاستراتيجية، ما هى اخبار المصالحة ؟! وأقله، هل تم التخلي عن معاقبة غزة ؟!
.. من يريد أن يحزم أمره، ولكي يعطي حزمه المصداقية، عليه أولا استلال ارادة القطيعة الشاملة مع الأوسلوستانية واشهارها في وجه كافة افرازاتها، والتنادي مع كافة تلاوين المقاومين للتوافق على برنامج وطني مقاوم، ووضع استراتيجية متدرٍّجة لانتفاضة شاملة وصولاً إلى العصيان المدني .. العجز هو الوجه الآخر للعملة السائدة، وعدم القطيعة معها تعويم بائس لها ..