خلق “أنابيل”(2017): الدمية الفظيعة المرعبة! – مهند النابلسي
في العام 1943، يشعر صانع الألعاب البارع “صموئيل مولينز” وزوجته “استير” بالحزن الشديد على فقدان ابنتهما الجميلة، البالغة من العمر سبع سنوات “أنابيل” (بي) في حادث سير مريع، حيث دهستها سيارة مسرعة في منتصف الطريق…ولكن “كيان غير معروف” يعتقد الزوجان أنه يحمل روح ابنتهم المتوفاة، يقنعهم بنقل “جوهرها” (المقصود روحها) الى واحدة من دمى “صموئيل” الخزفية، لذا يتم أخذ “الدمية المخيفة” لغرفة “بي”، ووضعها في خزانة مقفلة، مزدانة بصفحات من الكتاب المقدس، وذلك قبل استدعاء كهنة لتبريك الغرفة، وطرد الأرواح الشريرة…وبعد اثنا عشر عاما (في العام 1955)، وبعد أن فتح الزوجان “مولينز” بيتهما لتوفير المأوى للاخت الراهبة “شارلوت”، بصحبة ستة بنات يافعات، كن قد تركن بلا ماوى بعد اغلاق دار الأيتام التي كانت تأويهن، يتم التركيز على “جانيس” وهي فتاة يتيمة مصابة بشلل الأطفال، التي نراها تستيقظ باكرا وتتسلل الى غرفة “بي” المغلقة، التي تفتح فجأة، والتي تجد مفتاحا لخزانة “بي” المغلقة، حيث تفتح الخزانة، وتطلق بلا قصد “الشيطان” المحبوس داخلها، والذي يبادر في ارهاب وتخويف الفتيات الصغيرات، مبديا اهتماما خاصا بجانيس.
في الليلة التالية، يستمر الشيطان بتعذيب “جانيس”، التي تحاول الهرب باستخدام مصعد درجي خاص، ولكنه يسرع بالقاءها من الطابق الثاني، فتتعرض لاصابات خطيرة…ثم يأخذها في اليوم التالي الى سقيفة معزولة تحت المنزل بعد أن اصبحت مقيدة الى كرسي متحرك، متشكلا بصورة الفتاة المتوفاة “بي” ويقوم بتعذيبها قبل أن ينجح في تملكها روحيا، فتلاحظ “ليندا” اعز صديقاتها التغيرات الطارئة المخيفة في شخصية “جانيس”، وتعترف لصموئيل بأن جانيس قد تسللت لغرفة “بي” السرية، وبأنها قد وجدت الدمية قيل ليلتين…ثم تذهب الاخت شارلوت لغرفة نوم ايستر (زوجة صموئيل المريضة)، وتلاحظ تشوهها بختم شيطاني لافت على عينها اليسرى، وذلك بعد المواجهة “الشيطانية” الاولى قبل اثنا عشر عاما، حيث تعترف ايستر حينئذ بحقيقة “اللعبة” المرعبة، وما تبع ذلك من تملك شيطاني كاسح للمنزل، مما يستدعي تبصر الاخت شارلوت للخطر الشيطاني القائم وبضرورة مواجهته، وامكانية تعرض الفتيات الصغيرات للشر المستطير والأذى.
ثم نلاحظ تعرض الزوجين مولينز للقتل المريع تباعا، حيث يطارد الشيطان الاخت شارلوت، فيما تحاول بسرعة الهروب مع الفتيات من المنزل “المسكون”، ونرى “جانيس” المسكونة تلاحق صديقتها “ليندا”، التي تختبىء في غرفة “بي”، حيث تنجح شارلوت مؤقتا في ايقاف جانيس وحبسها مع ليندا والدمية في الخزانة…في اليوم التالي تصل الشرطة وتبحث في المنزل والمناطق المحيطة، وتعاين حالات القتل والرعب، ويجدون الدمية، ويحتجزونها كدليل، وتنجح “جانيس” المسكونة بالهروب من خلال حفر الخزانة، ثم تنتقل لدار ايتام في “سانتا مونيكا”، وتسمي نفسها “أنابيل”، حيث يتم تبنيها من قبل عائلة جديدة تدعى “هيجينز”.
هناك تنوع شيق وجديد في مشاهد الرعب، يتمثل بطريقة قتل الزوجين الوحشية، فالزوج يتعرض اولا لتكسير غريب معاكس لأصابع يديه، وهو يتمسك بالصليب في مواجهة الشيطان، قبل أن يلقى حتفه بضراوة، كما نلاحظ كيفية تحول الفتاة المسكونة لمسخ فارع الطول والأطراف، مع صوت شيطاني مخيف، ثم نشاهد كيفية تعرض الزوجة المريضة للتقطيع والصلب على جدار غرفة النوم…الفيلم يقدم دليلا على كيفية تحول بعض الدمى “الفظيعة” لكيانات شيطانية مرعبة وربما حقيقية، وهو يستحضر خفية المخاوف الكامنة بشكل تدريجي، مما يشكل صدمة ومفاجأة للمشاهد المذهول!
واقعية القصة:
فوفق صحيفة “ميرور” البريطانية، فان الدمية “انابيل” كانت معروضة اولا في متحف “لوريت” الماورائي، وقد أثارت مخاوف بعض العاملين، الذين اكدوا انها مسكونة، فتاريخها يعود الى العام 1970، عندما اشترت امراة الدمية لابنتها الكبيرة التي كانت تعيش مع صديقتها، حيث حولت حياة البنتين الى جحيم، بدا ذلك بحركات مريبة وبرسائل غامضة مثل “ساعدونا” (كما شاهدنا ذلك مرارا في الشريط)، ثم اكدت وسيطة روحية بأن الدمية مسكونة حقا بروح طفلة صغيرة تدعى “أنابيل هيغنز”، كانت قد توفيت منذ وقت طويل بعمر السبع سنوات في المجمع السكني المجاور، ثم تمادت الدمية الشريرة فحاولت خنق صديقهما “لو” أثناء نومه، وسببت له حروقا في جسمه…وتم التخلص من الدمية لاحقا، فنقلت الى المتحف في صندوق زجاجي محكم الاقفال، لكن هذا لم يمنعها من اطلاق ضحكات “غاضبة وشريرة”، حيث تسببت في احدى المرات في وفاة زائر…نشاهد ذلك في المشهد الختامي في براعة اخراجية، فنرى “أنابيل” جالسة بلا حراك داخل الخزانة، ثم نراها تحرك “رأسها” بشكل لا يمكن تفسيره، صارخة في الحضور!
بعد اثنا عشر عاما في العام 1967، تقوم “أنابيل” وصديقها بقتل والديها بالتبني في غرفة نومهما، مما استدعى انتباه الجيران، ثم في المشاهد ما قبل النهائية، المصورة في رومانيا العام 1952، نرى راهبة شيطانية تدعى “فالاك” وهي جالسة حول الشموع في قاعة دير “كارتا” …أبدع جميع الكادر بتمثيل هذه التحفة المرعبة، وقد تميز الزوج (أنتوني لاباغليا بدور صموئيل مولينز) بتقمص الدور بشكل آخاذ لافت، ولا يمكن تجاهل براعة الاخراج (دافيد ساندبيرغ) والمؤثرات و”الحس المكاني اللافت” للبيت المسكون الذي انطبع بأذهاننا كحضور مأخوذ وربما مرعوب، وقد كدنا نشعر أن الشيطان يمكن أن يلاحقنا بعد الخروج من قاعة العرض!
مهند النابلسي