خليجيون ضد التطبيع – بروفيسور عبد الستار قاسم
من قال إن العرب الخليجيين لا يهتمون بالقضايا العربية ، وهم قد غرقوا بنعمة المال الذي تدره براميل النفط؟ على الذي يقول هذا أن يتابع حملة الخليجيين على مواقع التواصل الاجتماعي ضد التطبيع مع الكيان الصهيوني. استفز أنور عشقي جمهور شعبنا العربي الأبي في الخليج عندما زار الكيان الصهيوني مع رهط من رجال الأعمال السعوديين، واسترسل في تصريحات محببة للكيان الصهيوني وبغيضة بالنسبة للوطنيين الفلسطينيين والعرب.
انتصر عرب الجزيرة العربية من نجد والحجاز وعسير وباقي المناطق لإخوتهم الفلسطينيين، وتصدوا لمحاولات دمج الكيان الصهيوني في الأمة العربية على حساب الحق والدم الفلسطينيين. كما أن شعب البحرين العظيم والأبي والمقدام ارتعد عندما سمع من الأبواق الرسمية عن النية برفع المقاطعة عن الكيان الصهيوني، وأخذ ينشط عبر مختلف المجالات للتصدي للنوايا الرسمية والإبقاء على المقاطعة وتشديدها. وقف شعب البحرين دوما مع إخوتهم الفلسطينيين وكان لديهم الاستعداد وما زال لتقديم التضحيات من أجل فلسطين والمقدسات الإسلامية في القدس. وطالما مد العرب البحرينيون أيديهم للفلسطينيين مقدمين مختلف أنواع المساعدات.
في الجزيرة العربية انتظم العرب عبر وسائل التواصل الاجتماعي للثأر لكرامتهم التي نال منها أنور عشقي بزيارته للكيان الصهيوني، وعلى الرغم من السياسة شبه الرسمية للنظام السعودي، قام ملتزمون وطنيا وقوميا ودينيا بالتعبير بوضوح عن آرائهم والتعليق بإباء وشمم ضد التطبيع. لا يوجد سياسة سعودية رسمية معلنة حتى الآن تقضي بالتطبيع مع الكيان الصهيوني، لكن اللقاءات الرسمية التي تتم أحيانا بين مسؤولين سعوديين وصهاينة بخاصة في الولايات المتحدة، واالقاءات غير الرسمية التي يغض النظام الحاكم الطرف عنها تعطي انطباعا قويا بأن نظام الحكم السعودي يتجه نحو تبني سياسة رسمية تعتمد التطبيع. ربما يقول بعض كتاب كتيبة الموالاة إن النظام ديمقراطي، ولا يجبر أحدا على تبني الموقف الرسمي. طبعا هذا ديدن كتاب الموالاة الذين يمتهنون التبرير دائما لأنظمة الحكم. هم مع نظام الحكم أصاب أو أخطأ، وهم يعلمون أن الجزاء دائما جيد ويصب في مصالحهم الشخصية. كتاب الموالاة هم جيش الهتيفة الذي نعرفه نحن في فلسطين. هذا جيش لديه الاستعداد دائما للتصفيق للحاكم حتى لو باع الوطن العربي وليس فلسطين فقط.
وصل عدد الموقعين على عريضة مقاومة التطبيع في الجزيرة العربية حتى آخر اطلاع لي حوالي 1500، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد ما دام نص العريضة منشورا ومفتوحا للتوقيع.
رسالة شعبنا العربي الملتزم في الجزيرة العربية واضحة لكل الأمة ومفادها أن تفريطهم بنعمة المال أيسر عليهم من التفريط بقضايا الأمة، وهي رسالة تقول للناس جميعا إن عروبتهم أقوى بكثير من أقوال كل المشككين بانتمائهم الوطني واالتزامهم الديني.
في هذا الوقت الذي يقف فيه أهلنا في الجزيرة العربية وفي البحرين، تتم محاكمة الدكتور عادل سمارة من رام الله من قبل السلطة الفلسطينية بسبب شكوى تقدمت فيها سيدة فلسطينية ضده وفق مقال وقعت عليه يدعو إلى التطبيع مع الصهاينة. شعبنا في البحرين يدافع عنا ونحن نقتتل بالداخل الفلسطيني بين مناهض للصهاينة ومؤيد لهم. وفي نفس الوقت تدعي بعض وسائل الإعلام الصهيونية أن زيارة المطبع أنور عشقي قد تم تسهيلها من قبل السلطة الفلسطينية. أنا لا أعلم كيف تم ذلك، لكنني أتكهن أن السلطة طلبت من الصهاينة توفير التسهيلات المناسبة للوفد الاقتصادي القادم.
تطبيع بعض الفلسطينيين مع الصهاينة يسيء للقضية الفلسطينية، ويضع كل الفلسطينيين في موقف حرج أمام كل العرب والمسلمين، وأمام كل المتضامنين مع القضية الفلسطينية في العالم. من المتوقع أن يكون الفلسطينيون رأس الحربة في مواجهة الصهاينة في كل نشاط وكل محفل وكل مناسبة وكل مؤتمر، لا أن يكونوا قدوة سيئة تشجع بعض العرب على السقوط وخيانة القضايا العربية. ولهذا نعتذر لكل إخوتنا العرب الذين يرفعون لواء التحرير والمقاطعة قائلين لهم: مثلما لديكم متساقطون على أطراف الطريق، لدينا متساقطون أيضا، والمستقبل في النهاية للقابضين على الجمر وليس للمنبطحين أمام مغريات الحياة الدنيا.