خيري الأغا – بقلم : عادل أبو هاشم
خيري الأغا
فارس الجود والعطاء الذي ترجل
بقلم : عادل أبو هاشم
فقد الشعب الفلسطيني و الحركة الأسلامية والوطنية الفلسطينية بوفاة الداعية و الشيخ و الرمز الدكتور خيري حافظ عثمان الأغا ” أبو أسامة ” في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية يوم الأحد 1 / 6 / 20014 م أحد رموزه الأسلامية و الوطنية في مسيرته الجهادية الممتدة على مدار أكثر من مائة عام .
وجاءت وفاة الشيخ الدكتور خيري حافظ الأغا بعد صراع مع المرض لتسدل الستارة على علم من أعلام القضية الفلسطينية ، و احد الرموز البارزة في مسيرة الشعب الفلسطيني النضالية التي ستترك فراغا كبيرا دون شك .
كان الظن أن الرجال أصحاب الهمم العالية لا يرحلون هكذا بسهولة حتى جاءنا النبأ الفاجعة بغياب الرجل الصالح البار ذي الأيادي البيضاء الذي لم يرد سائلاً ، ولم يعرض عن تقديم يد العون لكل محتاج ومسكين ، ولم يتوان عن دروب الخير يوماً من الأيام ، فازددنا إيمانا وتصديقاً وتذكرنا قول الباري عز وجل :
{ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ }
كم هي قاسيه لحظات الوداع والفراق وكم شعرنا بالحزن وفداحة الخسارة والفجيعة ، واختنقت الدموع والآهات ونحن نودع شيخاً غاليا معطاءاً ، هادئا متسامحا ، راضيا مرضيا ، قنوعا ، ملتزما بانسانيته كما هو ملتزم بدينه وواجباته الدينية والدنيوية ، حمل الأمانة بكل إخلاص وتفان ، وأعطى الحياة والناس جهده وخبرته وتجربته وحبه لهم ، تمتع بصفات حميدة جلها الإيمان ودماثة الخلق وحسن المعشر وطيبة القلب ، متميزا بالدماثة والتواضع الذي زاده احتراما وتقديرا ومحبه في قلوب الناس فاستأثر على أفئدة الجميع لكل من عرفه أو سمع عنه ويكفي أن الجميع إن ذكرت سيرته العطرة بمجلس رفع أكف الضراعة إلى السماء ليدعو له ويترحم على روحه الطاهرة الزكية .
شيخنا الجليل ” أبو أسامة ” :
لقد سكبنا من دموعنا العبرات على فراقك يا شيخنا الجليل لأنك الأنسان بكل معنى الكلمة ، لأنك الرجل الصادق بمواقفك وإخلاصك بحب بلدك فلسطين ، لأنك المحب و الحنون لأبناء شعبك والمؤتمن على أمانيه و آماله .
لقد كانت في شيخنا الجليل ” أبو أسامة ” كل الصفات التي تجبر الآخرين على حبه و إحترامه :
فما أن تلقاه حتى تحبه ، وما إن تحادثه حتى تزداد له حبا، يفيض قلبه حنانا ومحبة وأبوة ، ويفيض عقله ذكاء وعملا واجتهادا وتطورا وارتقاء .
ترى لديه الوسطية والتواضع بالرغم انه كبير في كل شيء وقريب من الجميع ، وبدماثة أخلاقه العالية يزداد قربا منك وحبا .
أحب شيخنا الراحل الناس جميعا وشاركهم في أفراحهم وأتراحهم ، فرح لفرحهم وحزن لحزنهم ، خفض جناحه للصغير والكبير على حد سواء ، تميز بدماثة الأخلاق ومرح الروح وغزير الدمعة ، ما من احد جلس معه إلا وأحب عشرته ومجالسته .
لقد تركت برحيلك يا شيخنا ” أبا أسامة ” ذكرى غالية لكل من عرفك أو سمع عن مناقبك ، واستحققت الثناء من الجميع دون استثناء ، فقد كنت من الرجال المؤمنين الفاضلين الساعين لأعمال الخير ، تساعد الفقير المحتاج ، ولا تعرف يمينك ما تنفق شمالك ، وكنت تسعى دون كلل لمساعدة من يستحق المساعدة ومن يطلبها منك دون تردد .
يا أب الجميع .. يا من كنت أسطوره بتواضعك وعطفك وتفانيك وحبك للناس ذخيرة لك في دنياك لتحملها معك إلى دار الحق ، وسيكتب لك التاريخ بأحرف من نور أنك تركت بصمات واضحة وجلية يشهد لها القاصي والداني .
والله ما عرفك الناس إلا رجلاً متواضعاً سامي الأخلاق عابداً باراً متصدقاً تقياً صالحاً ، والله ما رأيناك إلا و تلك الهالة البيضاء تحيط بك . . تلك الهالة المتوهجة من عظيم الإيمان والتقوى والتي لا تظهر إلا حول القلائل من الرجال التقاة العباد وذوي النوايا الطيبة تجاه الجميع .
و عزاؤنا أنك تركت وراءك من نهل من سمو تربيتك واستمد من كرم أخلاقك الكثير ، وكما يقولون لا تموت ذكرى رجل خلف وراءه أنجالاً كراما نهلوا حسن التربية وتزينوا بعظيم الأخلاق من مدرسته وهم لن يتوانوا عن إكمال مسيرتك والتحلي بخصالك .
لقد كان الداعية و الشيخ الدكتور خيري حافظ الأغا ” أبو أسامة ” رحمه الله مدرسة حية في الخير و الجود و العطاء والإنسانية والأخلاق .
فرض احترامه قبل محبته على كل من عرفه . .
ولا أدعي معرفتي الشاملة به ..
لكنني عرفت فيه ما يلزمني بمحبته واحترامه . .
والترحم عليه ما حييت .
اللهم إن عبدك في ذمتك وجوارك فقه من فتنة القبر وعذاب النار ، وأنت أهل الوفاء والحق فاغفر له وارحمه إنك أنت الغفور الرحيم .
اللهم أغفر له وارحمه ، وعافه وأعفو عنه ، وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس .
اللهم أجعل قبـــــــره روضــــه من ريــاض الجنـــة ، ولا تجعـــله حفرة من حفـــر النــــار .
اللهم أسكنه فسيح جناتك ودار رضوانك ، وتغمده بواسع رحمتك وكريم مغفرتك .
اللهم أغفر لشيخنا الجليل، وارفع درجته في المهديين ، واخلفه في عقبه في الغابرين ، واغفر له يارب العالمين ، وأفسح له في قبره ونور له فيه يارب العالمين .
اللهم إملأ قبره بالرضا والنور والفسحة والسرور ، و آنسه في وحدته وآنسه في وحشته وآنسه في غربته .
اللهم انقله من مواطن الدود وضيق اللحود إلى جنات الخلــــــود ( في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود و ماء مسكوب وفاكهة كثيرةلا مقطوعة ولا ممنوعة وفرش مرفوعة ) .
اللهم اجعله في بطن القبر مطمئنا ، وعند قيام الأشهاد أمنا ، وبجود رضوانك واثقا ، وإلى أعلى علو درجاتك سابقا .
اللهم اجعل عن يمينه نورا وعن شماله نورا ومن أمامه نورا ومن فوقه نورا حتى تبعثه آمنا مطمئنا في نور من نورك .
اللهم اجعله مع الذين قلت فيهم :
{ إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأرَائِكِ مُتَّكِئُونَ * لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ * سَلامٌ قَوْلا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ } .
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين .