داعش والصناعة المربحة – حمدان الضميري
تجيد القوى الاستعمارية استغلال الفوارق بين مكونات الشعب الواحد واللعب أحيانا على خلافات مذهبية وطائفية تولد في صفوفه نتيجة عوامل مختلقة وهي تعمل بكل ما تستطيع من قوة لخلق الذرائع لتدخلها في شؤون الغير بغية السيطرة عليه, منذ بداية الأزمة السورية استخدمت الولايات المتحدة وحلفائها أطرافا سورية متعددة , وقامت بخلق وانشاء أطراف أخرى ووفرت لها المال والعتاد والاعلام , بعضها اندثر وأخرى تلفظ أنفاسها الأخيرة , من هذه المجموعات التي حظيت بدعم من الولايات المتحدة وبعض حلفائها الحاضرين بالملف السوري منظمة داعش أي الدولة الاسلامية بالعراق والشام.
غالبية من قاتل بأوساط داعش في سوريا هم من الأجانب, جاء هؤلاء من بلدانهم الى الأراضي السورية, وهم لم يسقطوا بالبراشوتات على أرض سوريا بل دخلوها عبر الحدود وذلك بتعاون ودعم من الدول المجاورة وبدرجات متفاوتة, وصلوا المطارات وتم نقلهم الى معسكرات التدريب ثم نقلوا للداخل السوري ليقوموا بممارساتهم الارهابية والتي قاموا بنشر بعضها على شبكات التعارف الاجتماعي , مناظر فظيعة تجسد قمة الممارسة أللاانسانية من مجموعات فقدت كل الحواس والمشاعر التي يتشارك بها بني البشر.
خلال سنوات استخدموا صناعتهم وكبروها الى أن تجاوزت الحدود التي رسموها لها , الصانع أمام مأزقه وهو ينظر لصنعته , لنتذكر سنوات الثمانينات كيف نفس
الولايات المتحدة فعلت مع ما أطلق عليهم بالمجاهدين العرب, فبعد أن أدوا خدمتهم للمشروع الأمريكي الاستعماري ضد الاتحاد السوفيتي في أفغانستان قاموا برمي هؤلاء المجاهدين بغياهب سجون حلفائهم المنتشرين في العديد من القارات .
اذا جاء الوقت لتحجيم خليقتهم وصنيعتهم داعش, وهل هناك افضل من انشاء تحالف دولي لمحاربتها , ومن جديد يأتي المسؤولين الأمريكيين الى المنطقة لوضع اللبنات الأخيرة لهذا التحالف , وعلى ذمة الصانع الأمريكي الاستعماري أن تحالفهم الجديد يحتاج لثلاثة سنوات لمحاربة دولة الخلافة الافتراضية التي أنشأتها حركة داعش, خلال هذه المدة على دول النفط أن تمول تكاليف التحالف ففائضها المالي كبير وموجود ببنوك الغرب ولا مشكلة بسحبه من هذه البنوك خلال الثلاثة سنوات القادمة فقد فعلوا ذلك في تحالفات سابقة .
بعد ذلك داعش خير أداة ليلعب الكثيرين على النفس الطائفي المقيت , محاربة داعش من دول التحالف الجديد سيعطي الداعين لحروب مذهبية طائفية ألكثير من الزيت ليصبوه على نار حروبهم . أمريكا لن تعمل على القضاء على داعش بل ستعمل على تدجينها لتبقى داخل الدائرة المرسومه لها وهي بذلك تبرر لحلفائها في المنطقة والمذعورين من تمدد داعش الاخير أن تحالفهم معها لهو ما يبرره.
ما يضحك بالتحالف الجديد انه يتحدث عن مشاركة قوى معارضة سورية مسلحة في اطاره, ألكثير من أسلحة عناصر داعش هي أسلحة اعطيت سابقا لمجموعات قيل أنها معتدلة واذا بهذا السلاح ينتقل بقدرة قادرلصفوف داعش وأحيانا مع من كان يحمله, ألخوف أن التدخل ضد داعش سيكون حجة لتوجيه ضربات جوية ضد وحدات الجيش السوري وهذا ما بدأ ينبه له العديد من المراقبين.
حمدان الضميري
ناشط فلسطيني ببلجيكا
داعش والصناعة المربحة – حمدان الضميري