دعم الغرب (لإسرائيل) لن يحول دون زوالها
د. غازي حسين
تغض الدول الغربية النظر عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وممارسة (إسرائيل) للعنصرية والتمييز العنصري والتطهير العرقي كسياسة رسمية دائمة وإنكارها لأبسط الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني في وطنه فلسطين.
وكانت الدول الغربية قد مكَّنت وساعدت وسمحت لإسرائيل امتلاك السلاح النووي والكيماوي والبيولوجي، وذلك لتحوز على مكانة عسكرية متفوقة تسمح لها بتحقيق نظرية المجال الحيوي في الهيمنة على بلدان الشرق الأوسط كمقدمة لهيمنتها التامة والشاملة على العالم.
ووضعت الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا إسرائيل فوق حقوق ومصالح الشعب الفلسطيني وبقية الشعوب العربية والإسلامية، وفوق القانون الدولي العام والقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 والعهد الدولي لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري وجميع القرارات والقوانين التي وافقت عليها الأمم المتحدة وأقرتها الدول الغربية.
وبالتالي ساهمت الدول الغربية بشطب الشعب الفلسطيني من الوجود وساعدت الصهيونية العالمية على تهويد فلسطين.
وأدى تساهل الدول الغربية مع إسرائيل ودعم حروبها وجرائمها إلى تشجيعها لارتكاب جرائم حرب لا يمكن أن ترتكبها ألمانيا النازية في أيامنا هذه، نظراً للعهود والمواثيق الدولية التي وافقت عليها الأمم المتحدة ودول العالم بعد اجتثاث النازية من ألمانيا.
واستغلت الصهيونية والدول الغربية معزوفتي الهولوكوست النازي واللا سامية لإقامة إسرائيل وتقويتها والدفاع عن انتهاكاتها الهمجية للقانون الدولي التي لا مثيل لها في العلاقات الدولية، مما أدى إلى تصعيد عنجهيتها ووحشيتها وزيادة مطامعها في الأرض والمياه والثروات والحقوق العربية.
ونجحت الدول الغربية في جعل إسرائيل دولة يحق لها ما لا يحق لغيرها من الدول، وعلى جبال من جماجم الفلسطينيين والعرب والمسلمين وأحرار العالم، مما يظهر بجلاء عدوانية الدول الغربية ومسؤوليتها عن نكبة فلسطين والآلام والعذابات التي عاشها ويعيشها الشعب الفلسطيني، وعن عرقلة التنمية والتطور والاستقرار والسلام بسبب مساهمة الدول الغربية في دعم حروب إسرائيل العدوانية ومشاركتها في هذه الحروب، والدفاع عن احتلالها لفلسطين والأراضي العربية الأخرى داخل الأمم المتحدة وخارجها كما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية.
دعمت الدول الغربية الهجرة اليهودية إلى فلسطين العربية، وقدمت لإسرائيل جميع أسلحة الدمار الشامل وتعمل على تفتيت البلدان العربية وإعادة تركيبها لإقامة إسرائيل العظمى الاقتصادية من خلال مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي وضعه اليهودي الحقير برنارد لويس ووافق عليه الكونغرس الأمريكي عام 1986، وحاول مجرم الحرب بوش تحقيقه من خلال الحرب الأمريكية ــ البريطانية على العراق عام 2003 والحرب الإسرائيلية على لبنان في تموز 2006، ولكن الولايات المتحدة وإسرائيل فشلتا في تحقيقه بفضل مقاومة الشعبين العراقي واللبناني.
صمتت الدول الغربية على احتلال العدو الإسرائيلي للقدس الغربية بعد مجزرة دير ياسين عام 1948 واحتلال القدس الشرقية العاصمة الثانية للمملكة الهاشمية عام 1967، وضمت القدس، مدينة الإسراء والمعراج إليها، ولم تحرك الدول الغربية ساكناً حتى اليوم على مواصلة احتلال إسرائيل للقدس وفلسطين والجولان ومزارع شبعا وكفر شوبا، وفي الوقت نفسه عاقبت الدول الغربية روسيا الاتحادية بسبب التحاق شبه جزيرة القرم إليها.
وعاد مواطنو القرم إلى دولتهم الأم روسيا، وأصبحوا مواطنين روس يتمتعون بكل الحقوق والواجبات التي يتمتع بها الروس في حين تُرسِّخ إسرائيل نظام فصل عنصري على أرض الواقع في فلسطين، وتزيد من صياغة القوانين العنصرية الموجهة ضد الفلسطينيين فقط وممارسة المزيد من العنصرية والتمييز العنصري على المستويين الحكومي والشعبي، مما يجعل إسرائيل أسوأ من ألمانيا النازية وأسوأ من نظام الأبارتايد في جنوب إفريقيا، وباستطاعتي القول إن الشعب الإسرائيلي شعب عنصري يدعم الاستعمار الاستيطاني والعنصرية والإرهاب تجاه العرب، ويعتبر أن العربي الجيد هو العربي الميت، كما يعتبر حاخامات إسرائيل ومنهم عوفيديا يوسيف أن العرب صراصير يجب إبادتهم بالصواريخ، وكان السفاح بيغن قد قال عن العرب بأنهم حيوانات متوحشة تسير على قدمين.
وأدت القواسم المشتركة بين الدول الغربية وإسرائيل ومعاداتهم للعرب والمسلمين حداً قال فيه الإرهابي نتنياهو خلال زيارته لبريطانيا في العاشر من أيلول 2015 أن إسرائيل هي خط الدفاع الأول عن الدول الغربية وبالفعل تعتبر الدول الغربية إسرائيل ممثلة للعالم الغربي والحضارة الغربية في وسط صحراء من الأنظمة الديكتاتورية، حيث تنهب الدول الغربية ثرواتها لقاء حمايتها للإمارات والممالك التي أقامتها، ووافق الحكام العرب على بيع فلسطين لليهود أعداء الله والرسل والعروبة والإسلام والمسيحية الشرقية والمبادئ الديمقراطية والإنسانية التي ترسّختْ بعد القضاء على ألمانيا النازية.
ويفوق استعمار وعنصرية وإرهاب إسرائيل أقذر الأنظمة العنصرية والدكتاتورية التي ظهرت في تاريخ البشرية.
وعلى الرغم من ذلك تدعم الدول الغربية التي تتشدق بالديمقراطية إسرائيل وتدافع عنها وتزيد من قوتها العسكرية، كي تواصل اغتصابها للأراضي والثروات والحقوق الفلسطينية والعربية.
وتدعم الدول الغربية حروب إسرائيل وغاراتها على المدنيين الفلسطينيين وعلى سورية ولبنان، كما حدث في الحرب السادسة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة في صيف عام 2014م، وكما يحدث من اعتداءات على سورية ولبنان في هذا العام 2015.
إن إسرائيل ثكنة وأداة عسكرية في يد الدول الغربية لخدمة مصالحها ومصالح الصهيونية العالمية وضد حقوق ومصالح وإرادات الشعوب العربية والإسلامية، وهي من أسوأ الدكتاتوريات العسكرية في العالم، اسوأ من النازية في ألمانيا، والفاشية في إيطاليا وإسبانيا والأبارتايد في جنوب إفريقيا.
لذلك يجب اعتماد أساليب النضال كافة وفي طليعتها المقاومة المسلحة والخيار العسكري لتحرير كل فلسطين التاريخية، لأن الدول الغربية هي التي دعمت وشجعت ودافعت وتدافع عن ترحيل الشعب الفلسطيني من وطنه وتهويد فلسطين بسبب دعمها العسكري والاقتصادي والسياسي والثقافي والدبلوماسي والإعلامي للعدو الإسرائيلي.
وأصبحت إسرائيل مصدر الحروب والمآسي والويلات في بلدان الشرق الأوسط، ولا يمكن الاعتراف والقبول بها والتعايش والتطبيع معها، ومصيرها إلى الزوال كمصير النازية في ألمانيا والأبارتايد في جنوب إفريقيا.