دولة أم جارية: هل لبنان جارية لفرنسا؟-عادل سمارة
ما هذا الوفاء للفرانكفونية؟ يكاد ماكرون يستقر في بعبدا كمبعوث في الحقيقة لأمريكا والكيان الصهيوني وليس للجمهورية الفرنسية العجوز. هل يقوم مؤسس طائفية لبنان باقتلاعها في بداية المئوية الثانية للبنان “الكبير/الصغير” . وهل اقتلاع الطائفية بالبحث عن رئيس وزراء طائفي! هل جميع لبنان نموذج مازوشي يجلده الغرب ويطلب أكثر ؟ بالطبع لا. الإمبريالية وقد وجدت أدواتها عاجزة عن تطويع كل البلد في خدمة الصهيونية، قررت إلقاء بعض الحلوى كي ينشغل البلد عن الذهاب شرقاً.
إن وطناً به كل هذه التوابع سيدخل حرب انتحار أهلي لمنع التوجه شرقا ولا جنوباً. أمامنا أقبح اشكال عشق الاستعمار والاحتلال.
خُلق لبنان خنجرا في خاصرة سوريا ومدرسة في توليد أدوات الاستعمار والصهيونية، وعلى ما يبدو سيبقى لأمد غير قصير. ولكنه ولَّد المقاومة ايضاَ.
قد نجد قريبا انشغال ساسة هذا البلد في ترئيس الوزارة بأحد رموز الأنجزة.
(2)
خطورة إطاعة الدولة/السلطة
يقول المؤرخ الأمريكي التقدمي هاوارد زن وهو بالمناسبة من اللون الأبيض ولكنه نصير حقيقي ومدافع عن السود:
“ليس العصيان المدني هو المشكلة: ليست مشكلتنا في العصيان المدني بل في الطاعة المدنية.
مشكلتنا ان الناس في كل العالم يطيعون املاءات القادة. لقد قُتلت الملايين بسبب هذه الطاعة. إن مشكلتنا ان الناس مطيعون ( اي يقبلون ولا يحتجون على-ع.س) لمختلف بلدان العالم للفقر والمجاعة والغباء والحرب والعسف. مشكلتنا ان الناس طوعياَ لا يعترضون على امتلاء السجون بلصوص صغار بينما كبار اللصوص يديرون البلاد. هذه مشكلتنا.”
طبعاً يقصد هاوارد زن رفض إطاعة الدولة الفاسدة والتي يتحكم بها كبار اللصوص ، وربما يقصد راس المال الاحتكاري في المركز والكمبرادور في المحيط.
لنلاحظ الفارق بين هاوارد زن وبين ما يقوله ماكس فيبر عالم الاجتماع المعروف والذي تُنصِّبه البرجوازية في مواجهة ماركس.
فيبر ضد مسألة الطبقات والصراع الطبقي طبعا، وأفكاره ذات ميول سياسية قومية. ومما كتبه: الافراد الفاعلون الناشطون وحدهم الذين يشكلون حقيقة/واقعا اجتماعيا حقيقة اجتماعية ولذا هو ضد استخدام مفاهيم عامة جماعية (الدولة المجتمع…الخ) ما لم تتعلق هذه بافعال الأفراد. عن:
(Sociology, the Harber Collins Dictionary by Davif Jary and Julis Jary , Harper , 1991, p. 550)
من الطريف أن مارجريت تاتشر وهي شريكة رونالد ريجان في نقل المركز الراسمالي من اللبرالية المتوحشة بغطاء إلى اللبرالية الجديدة المتوحشة بلا قيود قطعاً، هي ايضا لا تؤمن حتى بالشعب وطبعا لا تؤمن بالطبقات بل بالأفراد.
ماكس فيبر والذي يطرحه الغرب في مواجهة ماركس يؤكد:
” … دعمه الايديولوجي لدولة المانية قوية وعدم ثقته التامة بالديمقراطية الجماهيرية وهذا مرتبط جدا بدراساته السوسيولوجية للبيروقراطية، كشكل قانوني-عقلاني للسيطرة موصوف بانه يشطب كل العناصر الشخصية وغير العقلانية والعاطفية من الادارة.”
لقد اخذ عن تروتسكي مقولة تروتسكي: ” تتأسس كل دولة بالقوة” واعاد صياغتها “… ان الدولة الحديثة ليست ابدا وبتبسيط جهازا قمعيا ولكن كجماعة تزعم بنجاح الاحتكار المشروع للعنف” عن:
(A Short History of Sociological Thought, by Alan Swingewood, Macmillan, 1984. P. 194)
هذا الاحتكار للعنف هو الذي يرفضه هاوارد زن، ويدعو بالمقابل إلى العصيان المدني.
وهذا مأ أؤكد عليه بوجوب تفكيك مفاصل الدولة/السلطة القطرية التابعة. وهذا التفكيك هو عصيان مدني.
تحضرني هنا مقولة ماو: “الحقيقة الوحيدة هي أن تثور” و “تجرَّأ على النصر”
وهذا جميعه يردنا إلى مسألة أو موضوعة الدولة بشكل عام. ففي حين تصر الإيديولوجيا البرجوازية على وجود وسيطرة دولتها، يرى ماركس أن الدولة هي جهاز طبقي لخدمة طبقة في المجتمع الطبقي أي أداة ديكتاتورية طبقة، ولذا، يرى أن الدولة سوف تذوي كما تختفي معها العملة وطبعا الملكية الخاصة تدريجيا خلال الحقبة الاشتراكية كمرحلة انتقالية وصولاً إلى الشيوعية حيث تختفي الدولة والعملة والملكية الخاصة طبعا.
الآراء الواردة في المقالات تعبر عن رأي أصحابها ومواقفهم ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع.