دولة المؤمن الفاسد والمنافق ” وفرار محافظ البصرة مجرد غيض من فيض !!! – د.عامر صالح
اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي قبل ايام وبعض القنوات الفضائية بنقل اخبار حادث فرار محافظ البصرة المدعو ماجد النصراوي الى ايران, والمنتمي الى الاسلام السياسي ـ تنظيم المجلس الاسلامي الاعلى, على خلفية تهم وجهت له بالفساد المالي والاداري. وقد تصدر العراق دول العالم في الفساد المالي والاداري, وصلت التقديرات المالية للفساد والاهدار المالي فيه الى ما يقارب الألف مليار دولار, يقابل ذلك دمار هائل في البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ويشكل نظام المحاصصة السياسي الطائفي والاثني الحاضنة والمتلازمة الرئيسية لهذا الفساد بكل ابعاده. ولم يستغرب العراقيون من فساد ماجد النصراوي بل من سيناريو هزيمته وغيره كذلك من الفاسدين, وعجز الدولة الكامل عن وضع حد لذلك ومحاسبة الفاسدين في الوقت المناسب قبل الافلات من وجه العدالة !!!.
استشرى النفاق وازدواجية الأخلاق في ظل نظام المحاصصة الطائفية السياسية في التعامل اليومي في المجتمع العراقي وشكل بدوره عائقا كبيرا يهدد صفاء العلاقات الاجتماعية وحسن المعاملة والصدق مع الناس, كما ينخر بجسد المجتمع أفرادا ومؤسسات ودوائر ومنظمات حكومية ومنظمات شعبية ليلقي بظلاله السيئ على كل المنظومة القيمية مهددا مجتمعاتنا بمزيد من التدهور الأخلاقي والاجتماعي, حيث يضيق هامش الممارسة الصادقة الذي يبعث على الأمل في المستقبل, ويشد الناس إلى الإخاء والمودة ودماثة الخلق وحسن المعاشرة, ويرسخ منطق العدالة الاجتماعية في التعامل اليومي.
وإذ نشير هنا إلى مفهوم “المؤمن الفاسد” فلا نعني به حصرا فقط على المؤمن الذي يعتنق إحدى الديانات السماوية أو غير السماوية ويبتعد عنها في الممارسة العملية, بل تشمل أيضا كل ما يعتنقه الفرد من أفكار ومعتقدات وإيديولوجيات سياسية ذات طبيعة أخلاقية واجتماعية واقتصادية ايجابية إلى حد ما استنادا إلى معاييرها المعلنة في الخطاب النظري, ولكنه في الممارسة العملية والحياتية يتصرف ويصوغ سلوكياته الفردية وحتى السياسية بالضد من هذا الخطاب, فيتحول هذا الفرد إلى ” مؤمن فاسد ” يعث في الأرض فسادا وظلما وجورا, متسلحا بتفسيرات ذاتية ومصلحيه للخطاب المعلن لإشباع رغباته الشخصية بما فيها القتل وفساد الأخلاق وحرمان الآخرين من حقوقهم, مستندا إلى سلطة ما ” دينية, أو سياسية, أو اجتماعية أو مالية وغيرها ” كغطاء تسمح له بذلك, ولذلك فأن المؤمن الفاسد ليست فقط من خرج عن دينه, وان كان الخروج عن الدين هو الفساد الأعظم كما هو شائع شعبيا, وبهذا قد يكون المؤمن الفاسد هو من المتدينين بلباس الدين وطوائفه, أو من دعاة القومية أو الوطنية وغيرها من الانتماءات !!!!.
النفاق في اللغة هو ضرب من ضروب الكذب والخداع والمكر والغش والرياء, وفيه يظهر المرء خلاف ما يبطن, أي إظهار المرء خلافا لما هو عليه في داخله, فهو يكتم أو يخفي شيئا ويظهر شيئا آخر, فينطوي موقفه على شيء من النفاق, والعمل ألنفاقي المتسم بالنفاق والدال عليه حين يقف المرء موقف نفاقي, فالمنافق يظهر خلافا لما يضمر أو خلافا لما هو عليه في واقع الحال, ويجب الحذر من المنافق وعدم تصديقه, والمنافق في الدين هو من يخفي الكفر ويظهر الإيمان ويتظاهر بالتقوى والورع والتدين, ولعل غزارة النصوص القرآنية حول النفاق والمنافقين ما يشير إلى خطورة هذه الظاهرة , فعلى سبيل المثال لا الحصر, وفي (سورة المنافقين: 4): ( وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإذا يقولوا نسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فأحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون ), وكما قال النبي محمد : ( آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب, وإذا وعد اخلف, وإذا اؤتمن خان), ولم يخلو دينا سماويا أو غير سماوي من إدانة للنفاق وممارسيه باعتباره سلوكا منبوذ اجتماعيا وأخلاقيا رفضته البشرية عبر مسيرتها الطويلة بعد إن ودع الفرد الغابة ودخل المجتمع الإنساني, والمنافق في الدين يظهر خلافا لما يبطن, كالسياسي المنافق, أو الشخص المرائي والمخادع والكاذب والذي يتظاهر على خلاف ما في باطنه.
ولعل ابرز ملامح الشخصية المنافقة هو: القدرة على المراوغة والتحايل والتقلب في المواقف, التشبث في الخطاب الديني أو السياسي أو الاجتماعي لإسناد تصرفاته المختلفة, الكذب المتواصل في الحديث وفي العلاقات الاجتماعية, خيانة الأمانة, الإخلاف في المواعيد, التحكم في الانفعالات وإظهار نقيضها بما يبعد عنه تهمة النفاق, يحاول المنافق الاهتمام بالمظهر الخارجي كجزء من سيكولوجيا الظهور لاختراق الوسط الاجتماعي الذي يتواجد فيه مقرونا بحلاوة اللسان وإجادة لغة الجسد كتعبيرات الوجه وحركات اليدين وغيرها من الصفات والصفات المضادة ذات الطابع التمويهي . وهناك الكثير من الإدانة للمنافق في الموروث الثقافي الشعبي وتأكيد خطورته, فعلى مستوى الإدانة, عندما تسأل شخصا, ما هو الفرق بين الكلب والمنافق فأن الجواب يكون : أن ذيل الكلب في أعلى ” مؤخرته “, وذيل المنافق في أعلى مقدمته “لسانه “, أما على مستوى خطورة المنافق فيقال : أن أفعى لسعت ” منافقا ” فتسممت…وماتت !!!!!.
أما النفاق في علم النفس فهو قد يكون صفة متلازمة من صفات شخصية الفرد وقد يطلق النفاق على حال ممارسته, وقد يشير إلى الفعل أو السلوك الذي يظهر فيه الفرد خلافا لما يبطن بداخله بمعنى التظاهر الكاذب بالفضيلة والتمسك في الدين, أو بأيديولوجية سياسية, أو بانتماء قومي أو وطني. وفي علم النفس هناك العديد من الحيل الدفاعية اللاشعورية يمارسها الإنسان لحماية نفسه من الشعور القاسي بالقلق والانزعاج, وهذه الحيل أو العمليات العقلية اللاشعورية كثيرة ومتعددة منها : الإسقاط والتبرير والتقمص أو التوحد والإزاحة العكسية والإبطال والإنكار والنسيان والإبدال والسلبية والرمزية والتقدير المثالي والتعميم والأحلام والعدوان والكبت والنكوص” أي العودة إلى الوراء إلى مراحل نمو سبق للإنسان إن تخطاها.
والنفاق هنا ينطبق على إحدى هذه العمليات العقلية أو الحيل الدفاعية اللاشعورية المسماة بتكوين ردة الفعل” التكوين العكسي ” حيث يظهر فيها الإنسان خلافا لما يبطن, حيث يتظاهر الشخص الملحد بالتدين الشديد, والرجل شديد البخل يتظاهر بالكرم الشديد, والموظف المرتشي يتظاهر بالأمانة المطلقة, والإفراط في الاحتشام كرد فعل لرغبات جنسية مكبوتة, ومهاجمة التفكير الخرافي كرد وتكوين عكسي للأيمان به, والإفراط في الحب كتكوين عكسي للكراهية الشديدة, والإفراط في الضحك نرد فعل عكسي لمصيبة ما, وان هذه الآليات تبدو منطقية بمقدار, ولكنها تشكل ابرز ملامح “شخصية المؤمن الفاسد ” عندما تشكل السمة الغالبة والطاغية في سلوكه اليومي !!!!.
أن “المؤمن الفاسد” فردا كان أم دولة أم كيان سياسي حين يفقد المرجعية بأهمية الخطاب الأخلاقي والديني والسياسي في العلاقات المحيطة بة وفي الأحداث الجارية يتحول إلى كيان مراوغ يفتقد إلى ابسط مقومات الأخلاق في السياسة وفي الدين وفي السلوك العملي ويتحول إلى كيان بهيمي ينشد المصلحة الذاتية والغريزية ويبتعد كل البعد عن منطق العقل وتكون صلته بعالم الغابة أكثر من صلته بعالم الإنسان وطموحاته ومستقبله, ويلهث وراء تبريرات لسلوكه, وهكذا يكون “المؤمن الفاسد” بمثابة القوة المدمرة لكل المنظومة الأخلاقية في السياسة والسلوك !!!.
وينخرط ” المؤمن الفاسد ” في منظومة الفساد المجتمعية: الاقتصادية, والإدارية والمالية, والاجتماعية, والأخلاقية, والثقافية وحتى الدينية وغيرها من منظومات الفساد المختلفة, عبر مختلف أعراض ومظاهر الفساد وأساليبه وألوانه المختلفة, من محسوبية ومنسوبيه, وبيروقراطية إدارية, واستغلال المنصب العام, والغش والتزوير, والنصب والتحايل وسرقة المال العام, والفساد الأخلاقي والقيمي وتغير معالم الثقافة الوطنية ورموزها والتجاوز على الرموز الدينية والإخلال بسمعتها.
وإذا كان ” المؤمن الفاسد ” ذو الأطر الإيديولوجية والسياسية غير الدينية يخضع بعض الشيء إلى عمليات تعديل السلوك الناتج من ضغوطات دوائر الانتماء الصغيرة المطابقة لعقيدته والاستجابة لضغوط القيم الوضعية والمتمثلة بقيم الحياة, من حياء واحترام للعلاقات الاجتماعية, فقد يبدو خجولا ومتئنبا في بعض من ممارساته, إلا إن ” المؤمن الفاسد ” والمتلبس بلباس الدين لا يعبه كثيرا بدائرة علاقاته القريبة, بل يسعى جاهدا لإضفاء الشرعية الدينية على فساده المالي والأخلاقي وغيره من مظاهر الفساد عبر البحث عن واسطة ” مطمئنة ” بينه وبين السماء, ويلجأ هنا إلى مرجعياته ومشايخه الدينية لانتزاع الفتاوى المبنية على تفسيرات تلوي عنق الحقيقة لمصلحة استمرار النفاق والفساد وإعادة توليده ونشره ” كقيمة عليا ” وكبديل عن قيم التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة, بل الكثير منهم يحصل بعد تزكية ماله الحرام ” دفع الزكاة ” لمرجعيته على اعتراف من سلطته الدينية بأنه من ” الخواص “, وبالتالي له الحق في العبث بالمال العام أينما وجد وسبي أعراض العوام وانتهاك حرمتهم.
أما دولة “المؤمن الفاسد” والمتوحدة مع مواطنها ” المؤمن الفاسد ” إن كانت بلباس ديني أو قومي أو وطني عام, فهي دولة المعتقلات والسجون والاستبداد ومصادرة الحريات الشخصية والعامة على طريق استعباد مواطنيها وتحطيم نفسيا تهم وإذلالهم, وتجري هذه الممارسات بواجهات مختلفة ومبررات وهمية, منها على سبيل المثال, إن هناك خطر خارجي قادم يهدد الأمن القومي والوطني مما يستدعي “تعبئة الجهود ومصادرة الحريات” لأنها عائق أمام ذلك, أو أن التنمية الاقتصادية والاجتماعية والحفاظ على اتجاهاتها لا يحتمل تعدد الآراء والتنوع السياسي وبالتالي فأن القمع والحد من المعارضة السياسية هو من مؤشرات نجاح التنمية وملازم لها وضمانتها الأكيدة !!!!.
أن دولة ” المؤمن الفاسد ” هي الدولة القمعية والدكتاتورية والتي تعتمد على إيديولوجية قومية أو وطنية أو دينية تبرر فيها كل سياساتها وتصرفاتها, وتحاول بكل جهودها ترك الانطباع لدى الشعب أن ما يجري في داخلها من إرهاب, وقمع للحريات هو خدمة للأمن العام وإنقاذ البلد من التهديدات الخارجية والداخلية, إنها الدولة الكاريزمية التي يجسدها قائد الضرورة, أو الأب القائد, أو القائد الملهم, أو حجة الإسلام والمسلمين وآية الله العظمى أو حبيب الشعب, والتي تعكس في مجملها الزعيم الأوحد قائد الحزب والدولة والمؤسسة العسكرية والمؤسسة الإعلامية وراعي السلطة القضائية والتشريعية والتنفيذية بدون منافس, والذي تجتمع بيده كل هذه السلطات لاستخدامها في البطش والتنكيل والقسوة عندما يقتضي الأمر وفرض حالة الطوارئ عند الحاجة أو إطلاق شيء من الحريات العامة عند الضرورة !!!!!.
ومن الضروري الإشارة هنا أن دولة ” المؤمن الفاسد ” ذات الصبغة القومية أو الوطنية وبفعل تمرسها عبر عقود من الزمن, واستنادا إلى خلفية نشأتها الأولى القائمة على مقارعة الاستعمار وانجاز الاستقلال الوطني حافظت بهذا القدر أو ذاك على ما يسمى ” بمناطق العفة ” في بعض القطاعات الاجتماعية وعدم المساس بها كليا أو إفسادها, لأن التطاول على هذه القطاعات يعني ما يعنيه إدخال الدولة والمجتمع في عنق الزجاجة بما يمهد لانهيارها كليا, ومن هذه القطاعات: التعليم بمختلف مؤسساته وخاصة الجامعي منه, والصحة, والقضاء, والإعلام والثقافة, والشرطة والمؤسسة الدينية, وهناك اتفاقا أخلاقيا قد يكون غير مكتوب في إبعاد هذه القطاعات عن النفاق والفساد ومستنقع التلوث, على أساس أن هذه القطاعات صمام أمان لأي مجتمع وحصون أخيرة يلجا إليها الجميع في اليسر والعسر, ولهذا يصبح اقتراب الفساد من ” مواطن العفة” في المجتمع ظاهرة تثير الكثير من القلق بل قد تتحول إلى زلزال يهز أركان المجتمع وانهياره, ورغم أن الدولة القومية أو الوطنية أضفت على هذه القطاعات الصبغة العقائدية لمنتسيبيها, إلا إن معايير الجودة والكفاءة والأداء ظلت تتمتع بهذا القدر أو ذاك بشيء من عوامل البقاء باعتراف المنظمات الدولية ذات العلاقة وخاصة في بداية العقود الأولى من نشأة هذه النظم !!!!!.
أما دولة ” المؤمن الفاسد ” والمتلبسة بلباس الدين فليست لها ” مناطق عفة محصنة ” فهي تضرب كل القطاعات دون رحمة, وهي أشبه بفيروس في جسد بلا مناعة, وهذا الفيروس يتسلل إلى نواة الخلية ( نظام الحكم ومؤسساته وقطاعاته بدون استثناء) فيصيغ برامجها طبقا لاحتياجاته ثم يتسلل إلى المجتمع فينشر المرض وتتغير البرامج كلها طبقا للبرنامج الفيروسي. أن فيروس دولة ” المؤمن الفاسد ” يفسد عملية التقدم والتطور الاجتماعي المخطط , حيث يفتت المؤسسات اللازمة لذلك ويحولها إلى مؤسسات فئوية ترعى فئة معينة من المجتمع كما هو الحال في نظام المحاصصات الطائفية والعرقية ويعيق تشكيل مؤسسات بحثية وعلمية مستقلة خاصة بذلك؛ كما أن هذا الفيروس يعطل العملية السياسية ويعيق جهود التنمية والأعمار من خلال تعطيله لدور المعارضة الحقيقية باعتبارها تلعب دور الرقيب على الحكومة في الدول الديمقراطية المستقرة, إلا إن هذا الفيروس الذي يتكئ على خلفية نظام المحاصصة الطائفية أو التوافقية يلغي دور المعارضة الحقيقية, لأن هذه ” المعارضة ” لها يدا في الحكومة تحجم عن دورها الرقابي, وبالتالي يكون الصراع من اجل إفشال الحكومة وليست تقويم عملها, ويسعى الطرف الحاكم أيضا إلى التمادي وتعطيل العملية السياسية وعدم السماح للتداول السلس والسلمي للسلطة, ويدعي كل طرف هو الأفضل على خلفية التعصب والتعنت الديني والطائفي والعرقي !!!!.
أن دولة ” المؤمن الفاسد ” تشكل بيئة مواتية لفيروس الفساد بألوانه المختلفة وللمحسوبية والمنسوبية والولاء الحزبي الضيق, ففي دولة المحاصصة الطائفية والتوافقية كالعراق حيث يقف عالميا في قائمة الدول التي تعاني من الفساد الإداري والمالي, فأن هذا النظام هو أفضل وسيلة لترعرع ونمو الفساد, وان كان في ظاهره يبدو وكأنه ينصر أبناء طائفته ولكنه في الواقع يبقي أبناء الطائفة في فقر مدقع وتبقي الامتيازات حكرا على زعماء الطائفة وأبنائهم أو رؤساء أحزابها !!!.
أن نظام المحاصصة الطائفية والتوافقية باعتباره نموذجا لدولة ” المؤمن الفاسد ” يشكل عوامل طرد لاستبعاد الكفاءات العلمية والوطنية, حيث يستند في شكلياته إلى الطائفة كمعيار للانتقاء والولاء وليست معايير النزاهة والكفاءة العلمية بعيدا عن الانتماءات الضيقة, وبهذا يحرم المجتمع من الانتفاع بمواهب أفراده المختلفة والتي لا صلة لها بالانتماء الطائفي.كما يخل نظام المحاصصة بالسلم الأهلي والاجتماعي, ويخل بمبدأ المساواة بين المواطنين في الوظائف العامة ويضعف ثقة المواطن بمؤسسات الدولة من خلال تخندقه الطائفي في أطره الجغرافية, كما يضعف سياسة الدولة ووحدتها في الخارج كما يتعارض هذا النظام مع حقوق الإنسان وصيانتها والمنصوص عليها في المواثيق الدولية !!!!.
كما تزحف دولة ” المؤمن الفاسد” على رموز الثقافة الوطنية من أدب ومسرح وسينما وأكاديميات متخصصة ومنع مختلف الفعاليات الفنية في وسط وجنوب العراق في محاولة منها لخلق بيئة مواتية لفيروس اسود في مختلف الفنون وعلى طريقتها الخاصة وعلى نسق الجمهورية الإسلامية أو على هدى طالبان, ولعل آخرها ما تعرض له اتحاد الأدباء والكتاب العراقي من حملة افتراء وكذب مدعمة “بالفتاوى الغوغاء” في الضغط عليه لغلقه أسوة بالأندية الليلة بتهمة تعاطي المنكر ـ الخمور, ولا نعرف أيهما أكثر منكرا شرب الخمور أم أكل أموال الناس بالباطل, شرب الخمور أم المحاصصة الطائفية, شرب الخمور أم الفساد الأخلاقي, شرب الخمور أم الفتاوى بسرقة المال العام, شرب الخمور أم النصب والاحتيال, شرب الخمور أم تزوير الشهادات, شرب الخمور أم انتشار مزارع الحشيش والمخدرات بدلا من مزارع الفواكه, شرب الخمور أم المليشيات المسلحة, شرب الخمور أم المتاجرة بالمخدرات من قبل بعض فصائل الإسلام السياسي و و…… إنه استهتار ومصادرة للحريات العامة التي كفلها الدستور وتجاوز على القضاء صاحب اليد الطول بهذا الشأن, وهي سلوكيات منافقة ومنافية للدين وأضعاف لدور الدولة الديمقراطية والمدنية في العراق.
وفي الخاتمة اقول هنا ان هزيمة وفساد محافظ البصرة هو احدى من مئات الالوف من الامثلة التي تعبر عن فساد النظام السياسي الممحصصاتي والتوافقي حيث الاحزاب الطائفية السياسية والاثنية ورموزها القيادية هي التي تمارس الفساد المالي والاداري, وهي نفسها التي تشرع وتنفذ, وبالتالي اصبح الفساد قرينة النظام وتوأمه وان الخلاص من الفساد يعني الخلاص من النظام اولا واعادة بنائه من خلال تشريع قانون انتخابي عادل, وقانون احزاب واضح ومفوضية انتخابات نزيهة مستقلة لا محاصصاتية !!!.