راشد الغنوشي في حوار مع البلاد الجزائرية: لهذا .. فشل الاخوان في مصر ونجحنا في تونس
الشيخ راشد الغنوشي في “لقاء خاص” مع قناة البلاد : بوتفليقة رفض طلب السيسي بإدراج الاخوان كجماعة إرهابية
“ليس لدينا “فيتو” ومستعدون للتحالف حتى مع انصار بن علي”..
الجزائر الشقيقة الكبرى لتونس ولن نسمح بالوقيعة بيننا
لهذا .. فشل الاخوان في مصر ونجحنا في تونس
اتفقت مع بوتفليقة على أن يشمل الحوار في الجزائر جميع الليبيين
يؤكد الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية،في “لقاء خاص” خصّ به قناة البلاد أنّ تونس تجاوزت المرحلة الحرجة وهي الآن على مشارف تتويج تجربتها بنجاح، معتبرا أن تخليهم عن الحكم وانسحابهم من المنافسة على منصب الرئاسة كان من أجل مصلحة البلاد.
وخاض الشيخ راشد الغنوشي في العديد من القضايا تتعلق بتطورات الوضع في تونس، والتطورات الأمنية والانتخابات المقبلة. والعلاقات مع الجزائر وعلاقته الخاصة مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بالاضافة إلى الوضع في ليبيا و مصر والعراق وسوريا.
البلاد : لنبدأ من المشهد العام في تونس التي كانت مهد الثورات العربية والشرارة الأولى، وبالرغم من النتائج الوخيمة التي حلت على العديد من البلدان التي أصابتها رياح الربيع العربي، إلاّ أن تونس كانت استثاء في الحالة الثورية العربية. برأيكم لماذا اجتازت تونس هذه الظروف الصعبة بأقل الأضرار مقارنة بدول عربية أخرى؟.
راشد الغنوشي: بداءً أحييك وأحيي قناة البلاد الناشئة، وعبرها أشقائنا واخوانا وأخواتنا في الجزائر، اذن الثورات ليست جيوش تتقدم وفق خطة مرسومة سلفا، وإنما هي حركات فيها مد وجزر، حركات شعبية تتقدم تتأخر وأحيانا قد لا تحقق أهدافها إلا بعد عشرات السنين وأكثر من ذلك، وهذا ما مرت به الثورات المعروفة في التاريخ، فالثورة الفرنسية قضت 100 سنة حتى استقر وضعها، على ما هو عليه الحال الآن، والانتقال من نظام ديكتاتوري فردي حيث الثروات محتجنة عند فئة قليلة من الناس، والإعلام كذاك، الانتقال من هذه الحالة إلى حالة من الحرية يعتبر انتقال كبير جدا، يحتاج إلى وقت وإلى جهود وثقافة وتربية حتى يتعود الناس على الانتظام في الحرية بدون رعب. فالشعوب تقطع الطريق نحو الحرية بحسب نظجها وثقافتها ووعيها.
وكلما تعقدت أوضاع الشعوب كلما كان التغيير فيها صعبا، فالأوضاع في مصر وسوريا وليبيا أكثر تعقيدا من الوضع في تونس.
البلاد : اذن .. لهذا كانت تونس استثناءً في الخارطة العربية الجديدة؟
راشد الغنوشي: الشعب التونسي شعب موحد، لغة واحدة وعرق واحد ومذهب واحد ودين واحد، وأيضا تونس تتمتع بوجود مجتمع مدني نشط، فمثلا عندما اشتدت الأزمة السنة الماضية، بين السلطة والمعارضة، وكاد الوضع أن ينهار، تدخل المجتمع المدني التونسي ممثلا في منظمة اتحاد الشغل واتحاد العمال واتحاد المحامين والحقوقيين ودعوا الجميع إلى التلاقي و وضعوا خارطة طريق للخروج من الأزمة تثملت في انسحاب النهضة من الحكم لتترك المجال أمام حكومة محايدة حتى تشرف على الانتخابات والمعارضة التي كانت منسحبة من المجلس التأشسيسي طُلب منها العودة إلى مقاعدها وهكذا أعيد القطار التونسي إلى السكة، بينما في مصر لما وقع تجاذب شديد بين السلطة والمعارضة، تدخل طرف ثالث هو الجيش وأبعد الطرفين فإذن تركيبة المجتمع التونسي غير تركيبة المجتمع المصري
ولكن تقديرنا أن المسألة هي مسألة وقت فشعوبنا متجهة نحو الحرية ولن يبقى العالم العربي ثقبا أسود في عالم الكل فيه يتجه نحو الانفتاح
البلاد : طيب، الآن ما هو الوضع في تونس؟، هل تجاوزت البلاد المرحلة الحرجة التي وقعت فيها الدول العربية الأخرى؟
راشد الغنوشي: تقديري بأن تونس الآن على مشارف تتويج تجربتها بنجاح من خلال المرور بمحطة الانتخابات القادمة، وهي على الأبواب، وربما ستحاول جهات سواء كانت داخلية أو خارجية لإعاقة هذا المسار ولكن ما أظن انها ستنجح، فالتونسيون مجمعون على برنامج سياسي وعلى دستور وعلى هيئة انتخابية مستقلة وعلى مواعيد انتخابية نحن ماضون إليها، قد يأتوا قطاع طرق ليقطعوا الطريق على التونسيين ولكن لن ينجحوا في ذلك.
البلاد : على ذكر الانتخابات، تونس حاليا مقبلة على انتخابات مصيرية والجميع يعتبر حركة النهضة هي الرقم الصعب في هذا الموعد الانتخابي، ما هو المشروع الذي تقدمه الحركة للتونسيين خاصة وأن خصومكم السياسيين يتنبأون لكم بنتائج سلبية عكس ما تحصلتم عليه في الانتخابات السابقة؟
راشد العنوشي: تقديري أن حركة النهضة ما تزال طرفا رئيسيا في الساحة، ولكن الساحة ساحة متعددة، ليس فيها النهضة فقط وفيها أحزاب كثيرة، ولكن النهضة ما تزال تمثل العمود الفقري للمجتمع التونسي، والمجتمعات لا تعطي ثقتها بسرعة ولا تسحبها بسرعة، فالنهضة أخذت ثقة من الشعب التونسي بعد عشرات السنين من التجربة ومن المحن التي مرت بها، واختبرت النهضة في الحكم لمدة سنتين وتركت الحكم من أجل ما هو أهم من الحكم والذي هو سلامة البنيان التونسي واستقرار تونس و ونجاح المسار الانتقالي، لهذا تركنا الحكم إلى حين وكذبنا بذلك كل ما يقال عن الإسلاميين بأنهم لا يؤمنون بالديمقراطية واذا آمنوا بها فلمرة واحدة هي التي توصلهم إلى السلطة. النهضة برهنت على أن الإسلاميين يمكن أن يتركوا السلطة ولو بدون انتخابات اذا كان في ذلك مصلحة وطنية.
برنامج النهضة جوهره التوافق، كلمة التوافق هي المفتاح الرئيسي لبرنامج النهضة، باعتبار أن البلاد ما تزال تمر بمرحلة انتقالية، لا يمكن أن تحكم بمنطق الحزب الواحد، 51 في المائة كافية للحكم في في ديمقراطية مستقرة، أما في ديمقراطية ناشئة عمرها 3 سنوات فواحد وخمسون في المائة غير كافية وإنما مطلوب حكم التوافق او الاقتراب من الاجماع وأقل الاجتماع الثلثين يعني أن يستند الحكم إلى عصبية بلغة ابن خلدون وإلى قاعدة اجتماعية وسياسية واسعة لأن البلد مقبل على تحولات كبيرة وأمامه خيارات اقتصادية صعبة لا يمكن أن ينجح معها منطق سلطة 51 في المائة ومعارضة 49 في المائة. لأن هذا سيشل الحركة وهذا الذي حصل السنة الماضية في تونس وكاد الوضع ينهار، وهو ما يدل أن ثنائية السلطة معارضة لا تصلح مع المراحل الانتقالية وتصلح فقط مع الديمقراطيات المستقرة
نحن نسعى ليكون في تونس حكم تشاركي وديمقراطية تشاركية ولهذا كبحنا شهواتنا وكبحنا جماح أنفسنا ولم ننافس على المنصب الرئاسي لأننا نرى من الخطر على هذه التجرية النائشة أن حزبا يحصل على أغلبية في البرلمان والرئاسة والحكومة.
البلاد : يعني جنبتم أنفسكم تكرار السيناريو المصري في تونس؟
راشد الغنوشي: نعم، هذا السيناريو المصري بالضبط، الذي تجنبنا الوقوع فيه، ونسأل الله أن يفرج كرب مصر وكرب كل المسلمين
البلاد : شيخ راشد، هل استفدتم مما وقع للاخوان المسلمين في مصر لما استأثروا بالحكم ما أدى ذلك إلى تدخل الجيش وخروج أطياف كبيرة من المعارضة ضدهم؟
راشد الغنوشي: تجارب عربية كثيرة منها تجربة مصر وتجربة تونس سنة 89، تجارب كثيرة تدل على أن العدد ليس كافيا أساسا لشرعية الحكم وإنما لابد من رعاية موازين القوة، فموازين القوة لا تتحدد فقط بالعدد كونك انتخبت من طرف 60 في المائة من الشعب، فريما يكون ال60 في المائة الذين انتخبوك عددهم كبير ولكن تأثيرهم قليل، فلا بد من البحث عن وزن أنصارك في الإعلام ورجال الأعمال والمال و القضاء والجيش والادارة والعلاقات الدولية وغيرها من القطاعات المؤثرة. فالاخوان في مصر كانوا كثرة وكانوا أغلبية، ولكن اللآخرين كانوا يمثلون قوة عددية وقوة كيفية وقوة معنوية هائلة
البلاد : أنتم تتحدثون دائما عن التوافق وأن البلاد يجب أن تسير بطريقة تشاريكية، هل لديكم شريك في الطرف الآخر يرافقكم في عملية التوافق؟
راشد الغنوشي: نحن نرى التوافق سياسة ضرورية في المرحلة المقبلة وهي المرحلة الانتقالية الثالثة وهي التي ستدخلها تونس بعد الانتخابات، فالبلاد ما تزال تحتاج إلى حكم ائتلافي وطني له قاعدة واسعة تتكون من السياسيين من الثلاث أو الأربع أحزاب الأولى وبالتالي نحن لا نتحكم مع من سنتحالف لأن صناديق الاقتراع هي التي ستفرز لك ذلك.
البلاد : هل فيه إمكانية للتحالف مع نداء تونس ؟
راشد الغنوشي: نتحالف مع كل من تفرزه صناديق الإقتراع ويبدي استعداده للتحالف معنا
البلاد : يعني لا توجد فيه أحزاب ممنوع التحالف معها؟
راشد الغنوشي: نحن لا نتعامل ب “الفيتو” وكل الأحزاب التي تعمل في نطاق الدستور هي أحزاب وطنية ونحن اعترفنا بها أصلا
البلاد : حتى لو كانت أحزابا محسوبة على النظام السابق؟
راشد الغنوشي: نحن منعنا عزل النظام السابق، منعنا صدور قانون تحصين الثورة الذي كان سيعزلهم، منعنا في قانون الانتخابات صدور الفصل 167 الذي يمنع مسؤولي الحزب السابق من الترشح، نحن تركنا الأمر للشعب، الشعب هو الذي سيختار وكل من دخل دار الدستور فهو وطني وكل من رضي بدستور الثورة فهو ابن الوطن وله كل الحقوق.
البلاد : يعني أنتم شيخ راشد لا تنظرون إلى الماضي ولستم مع سياسات دول أخرى مثل العراق مثلا الذي تبنى سياسة اجتثاث حزب البعث؟
راشد الغنوشي: رأينا أين وصلت سياسة الاجتثاث في العراق وأين وصلت سياسة العزل السياسي في ليبيا وصلت إلى حروب أهلية، ولكن نحن منعنا هذا .. الشعب هو الذي يختار ونحن لا نمارس وصاية على الشعب
البلاد : تونس الآن على بعد أسابيع من انتخابات تشريعية ومن ثم انتخابات رئاسية ألا تتخوفون من انزلاقات أمنية؟
راشد الغنوشي: فيه تهديد أمني جقيقي وفيه تهديد من المجموعات الإرهابية ولكن الشعب التونسي متوحد حول البرنامج السياسي وحول الدستور وحول مواعيد الانتخابات ولا يوحد حزب في تونس خارج هذا الاطار الا المجموعات الارهابية وبالتالي فهي مجموعات هامشية منبوذة لن تستطيع ان تحول مجتمع عن دستوره وما اجتمعت عليه كلمته
البلاد : الشيخ راشد ألا يتخوف من إمكانية حدوث تزوير ما في الانتخابات المقبلة، أم أن ثقتكم مطلقة في نزاهة وشفافية الانتخابات في تونس؟
راشد الغنوشي: الانتخابات ستكون نزيهة لأن الحكومة هي حكومة محايدة وليست حكومة حزبية ونحن من أجل اكساب الثقة في الحكومة حتى لا تتهم أنها متحيزة تركنا الحكومة لتحل محلها حكومة محايدة كضمانة من ضمانات نزاهة الانتخابات وعدم التشكيك فيها وأيضا الهيئة العليا للانتخابات انتخب أعضاؤها التسعة من ضمن 900 مترشح وتمت غربلتهم عن طريق لجان التصوبت والتنقيح في البرلمان ولذلك نحن مطمئنون.
البلاد: تونس مقبلة على انتخابات رئاسية وحركة النهضة أعلنت عدم تقديمها مرشحها الخاص بهذا الاستحقاق، ولكن احتاملا كبيرا يصب في خانة دعم أحد المرشحين الرسميين لرئاسة تونس؟
راشد الغنوشي: حتى الان لم تصدر بعد القائمة النهائية للمترشحين وعندما تصدر سنختار مرشحا من المرشحين الرسميين.
البلاد : الآن وحسب وسائل الاعلام التونسية الكل يخطب ود حركة النهضة من أجل الحصول على الدعم في الرئاسيات المقبلة؟ ما يعني ان حركة النهضة تملك حاليا ورقة تفاوض قوية قد تفاوض من خلالها من أجل السيطرة على الحكومة مقابل دعم احد المرشحين للرئاسة؟ ما مدى صحة هذه التحاليل؟
راشد الغنوشي: في الحقيقة النهضة حزب كبير وليس معهودا ان الحزب الاكبر في البلاد لا ينافس على منصب الرئاسة ولكن نحن عقلننا و أخضعنا شهواتنا ورغباتنا وحتى ما هو معتاد من الأحزاب أخضعناه لمنطق صارم واستخلصنا دروسا من تجاربنا وتجارب غيرنا بأن استقرار البلد أغلى بكثير من مصلحة حزب سياسي
البلاد : مما لا شك فيه أن الجزائر وتونس تواجهان تهديدات أمنية مشتركة، خصوصا على مستوى جبل الشعانبي، كيف ترى مستوى التنسيق الأمني بين الجزائر وتونس؟
راشد الغنوشي: أمن تونس مرتبط بلا شك بأمن الإقليم ومرتبط بالتحديد بأمن الجزائر، ولذلك التعاون بين تونس وشقيقتها الكبرى الجزائر، هو في أحسن أحواله، ليس فقط على المستوى الأمني ولكن على كافة المستويات، لأن الإرهاب في الحقيقة لا يعترف بالحدود وهو يدوس على الحدود كما يدوس على الكرامة. والإرهاب هو الاعتداء على الآمنين ولا علاقة له بالجهاد في الإسلام.
البلاد: وسائل إعلام تونسية وبعضها مقربة من حركة النهضة اتهمت الجزائر بالوقوف وراء بعض الأحداث التي شهدتها تونس، خاصة ما حدث بجبل الشعانبي؟ كيف ترد على هذه الاتهامات؟
راشد الغنوشي: جميع التونسيين يدركون أن هذه ترهات وأن استقرار تونس من مصلحة الجزائر، وتونس لما يسودها الإرهاب تتحول إلى خطر على الجزائر، اذن هذه لا تعدوا سوى أن تكون مجرد ترهات ومحاولات إيقاع بين الأشقاء والحمد لله مثل هذه المحاولات لا يصدقها التونسيون.
البلاد: أيّ دور لعبته الجزائر خلال المرحلة الماضية في تقريب وجهات النظر بين التونسيين، أو في تحقيق ما تسمونه أنتم التوافق والوفاق الوطني؟
راشد العنوشي: في الحقيقة الجزائر تسعى إلى خير تونس، وتسعى إلى تونس مستقرة، وإلى تونس آمنة وإلى تونس مزدهرة، وفعلت ما بوسعها للوصول إلى ذلك سواء عبر الحوار مع قادة تونس الذين حضروا إلى الجزائر بدعوة من الرئاسة الجزائرية بهدف تقريب وجهات النظر بينهم بما يحقق السلم والأمن في تونس.
البلاد : شيخ راشد كانت لكم عدة زيارات إلى الجزائر، بعضها جاءت بدعوة من رئاسة الجمهورية وبعضها الآخر بدعوة من أحزاب سياسية إسلامية، ولكن الملاحظ في جميع هذه الزيارات حرص الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على استقبالكم في كل مرة، البعض يتساءل عن سر العلاقة بين الرئيس بوتفليقة والشيخ راشد الغنوشي؟
راشد الغنوشي : أتشرف بصداقتي مع الأخ الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وهي صداقة تمتد إلى ما قبل أن يكون رئيسا، لما كان في المعارضة وأنا كنت مهاجرا إلى الجزائر، وكانت هجرتنا الأولى إلى الجزائر، وأكرمنا إكراما شديدا، وكان من بين القيادات الجزائرية التي تعرفت عليها كما تعرفت على معظم القيادات التاريخية خلال فترة إقامتي بالجزائر والتي امتدت من سنة 1989 إلى سنة 1992. وكان من بين هذه القيادات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي تواصلت العلاقة بيننا بعد ذلك،
البلاد: شيخ راشد، ألا تعتقد أن الرئيس بوتفليقة بمقدوره فهم واستيعاب الإسلاميين أكثر من نظرائه الرؤساء العرب الآخرين؟
راشد الغنوشي: علاقة الثورة الجزائرية بالإسلام هي علاقة صميمة، والحركة الإسلامية بقيادة جمعية العلماء المسلمين هي التي أوجدت الأرضية، أو أحيت الأرضية الأولى التي تفجرت منها ثورة الفاتح من نوفمبر، وبالتالي هذه الثورة هي ثورة إسلامية في الحقيقة، وقادتها ورموزها كانوا يسمون مجاهدين، والرئيس بوتفليقة مجاهد وقائد من القادة المجاهدين، وعلاقة بالمشايخ والعلماء، الشيخ القرضاوي والشيخ محمد الغزالي وغيره، فهذا أمر ليس غريبا عن الشعب الجزائري، حتى أنه وحسب ما بلغني أنا. حاول السيسي أن يقنع الرئيس بوتفليقة بإدراج الإخوان في الجزائر على أنهم جماعة إرهابية، فرد عليه بالقول إن هؤلاء يحكمون معنا، ويشاركوننا في الحكم.
البلاد : الحديث يجرنا الآن شيخ راشد إلى الملف الليبي، معلومات تتحدث عن وجود وساطة تقودها الجزائر من أجل حل الأزمة الليبية ورعاية حوار بين الفرقاء الليبيين، وتونس لها دخل في هذه المساعي؟ ما مدى صحة هذا الكلام و ما هي تفاصيله؟
راشد الغنوشي: هذا كان موضوعا رئيسيا في الجلسة الأخيرة التي جرت مع فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، كان موضوعا رئيسيا باعتبار أهمية ما تمثله ليبيا للقطرين الجزائري والتونسي، فإنفراط الأمن في ليبيا يمثل خطرا حقيقيا.فعملية الاغتيال التي تمت في تونس والتي راح ضحيتها شكري بلعيد كانت بأسلحة مهربة من ليبيا وبتدريب تم في ليبيا، ولهذا جاءت الخطوة الجزائرية بدعوة الاطراف الفاعلة في ليبيا لترك السلاح والعنف جانبا والجلوس إلى طاولة الحوار.
البلاد : هذا الحوار هل سيشمل الجميع بما في ذلك فجر ليبيا؟
راشد الغنوشي: ينبغي أن يشمل الجميع، هؤلاء كلهم أبناء الوطن الواحد، يبنغي أن يتركوا السلاح جانبا، وأن يتركوا الإقصاء و الإنفراد، فهذا الوطن هو وطن للجميع. لأن الصراع الحالي يفتح أبوابا وشبابيك للتدخلات الخارجية ونحن في تونس متفقون كليا مع الجزائر في رفض التدخل الأجنبي في منطقتنا بما في ذلك ليبيا.
البلاد : في الأخير شيخ راشد، أود أن تحدثني كداعية ومفكر إسلامي أكثر من مسؤول حزبي أو سياسي، الأن نشاهد تنظيم “داعش” في سوريا وفي العراق، ومؤخرا تبنى التنظيم عملية قتل رعية فرنسي في الجزائر، هذا التنظيم يذكرنا في الجزائر بتنظيم “الجيا” وقد شهد اقبالا كبيرا من طرف الشباب الإسلامي، أنتم كداعية ومفكر كيف ترون هذا التنظيم وكيف تفسرون سرعة انتشاره وحتى وصوله إلى السيطرة تقريبا على دولة كاملة؟
راشد الغنوشي: بدء لا ينبغي أن يكون عندنا أي تردد في إدانة الأعمال التي تقوم بها هذه التنظيمات، وهي اعمال مخالفة للدين ومخالفة للانسانية.
ثانيا ينبغي أن نتساءل لماذا هؤلاء الآلاف من الشباب التونسيين الذين تركوا بلادهم للالتحاق بهذا التنظيم بينما تونس لا يوجد بها تاريخ ارهاب، هؤلاء الشباب في تونس نشأوا في ظل حكم بن علي، نشأوا في ظل القمع والجهل والتجهيل بالإسلام، نشأوا في وضع كانت فيه الصلاة جريمة، وكذلك حصل في سوريا وحصل في العراق، اذن هذه الأنظمة فرخت شبابا يجهل الإسلام، ولذلك جاءت الدعوات المتطرفة فاجتذبته. لأنه كان فارغا من التدين الحقيقي.
البلاد: ألا يتحمل علماء الدين جزءً من المسؤولية أيضا؟
راشد الغنوشي: وهل علماء الدين ترك لهم مجال للعمل؟ علماء الدين كانوا في السجن والاتحاد العالمي للعلماء المسلمين قام بواجبه وأصدر فتاوى، وبيانات وأعمال كثيرة جرمت ما تقوم به داعش وما تقوم به النصرة وما كانت تقوم به من قبل “الجيا”.
البلاد : وصلنا إلى نهاية الحوار .. نود منكم كلمة أخيرة توجهونها للمشاهد الجزائري؟
راشد الغنوشي: الجزائر جرى فيها الوئام الوطني، واستطاع أن يستنقذ آلاف من الشباب، وآلاف آخرين تم استنقاذهم من خلال الحوارات داخل السجون في أكثر من بلد ولذلك ينبغي ألا ننيأس من الحوار وأدعو الشباب الإسلامي من أن لا ينساق وراء دعوات التطرف، إلى عدم استسهال شأن الدماء لأن المسلم دمه حرام وعرضه وماله ولا مجال لحل مشكلاتنا داخل الأمة باستخدام العنف وإنما الحلول تأتي فقط بالحوار والتفاهم والوفاق.