رحل المحارب بصمت – ابراهيم فاودا – محمد العابد
رحل المحارب بصمت
غادرنا صباح اليوم الأخ البعيد في جنوب أفريقيا القريب إلى قلوب كل من عرفه، إبراهيم فاودا.
رحل الرجل المحبوب أينما حلّ، والمرحب به حيثما جلس، الطيب ذو النبرة الهادئة والمنطق السليم والحوار السلس، صاحب البشرة الأفريقية السمراء الجميلة.
عرفته منذ العام 2014 عاشقاً لفلسطين، باذلاً لها الوقت والجهد والمال، مناضلاً من أجل الحق، ساعياً وراء الحقيقة، داعماً للمستضعفين أينما وجدوا، من كشمير إلى ميانمار فالخرطوم وفلسطين أولاً وآخراً، فلم تقيده حدود بل كان الإنسان الإنسان.
نذر نفسه للعمل، فأفنى أيامه عاملاً لمبادئه وأمضى عمره بالتدريس والتثقيف، فكان الأستاذ والمعلم كما أحب تلامذته أن ينادوه دائماَ.
كان مناضلاً امتزجت هويته الإنسانية الأساس مع انتمائه الإسلامي الأصيل، فلن يستطيع الجالس معه تمييز مذهب ينتمي إليه هذا الرجل، نتيجة صفاء انتماءه، وأصرّ أن يكون كذلك خلال فتنة كادت أن تودي بما تبقى من عقل في هذه الأمة.
لازلت أذكر تلك الفرحة الغامرة في عينيه وهو يستفهم أكثر من الصديق العزيز “أبو جعفر” عن تجربة تأسيس المجلس الإسلامي الأسكتلندي الذي ضم كل الأطياف الإسلامية هناك، وكيف تعالوا عن انتماءاتهم لانتماء أوسع وأكمل وذابوا في فريق واحد، ولا زلت أذكر اعتصار قلبه حينها عندما حدثنا عن بعض ضيّقي الأفق ممن يدعون التمثيل الحصري للإله والدين في بيئات عرفها.
كان طاهراً صادقاً محباً، حين يتأثر يحتضنك برفق ليعبر عما في داخله من احترام أو تقدير. تتلاشي السنوات الـ45 التي يكبرك بها أمام روحه الشابة اليانعة، فيسمعك وكأنه يتعلم منك رغم تجاربه التي يضيق بها المقال لو ذُكرت ، ثم يضيف بلطفه ملاحظة هنا أو مقترحاً هناك ليكمل الفكرة.
مضى إبراهيم بعد معاناة مع أجهزة التنفس والمستشفى، وقد أمضى حياته في محاربة العنصرية والطائفية والظلم، هارباً من الأوسمة والنياشين إلى مكان يجمع فيه نتاج كل ذلك العمل الذي أنجزه بإخلاص.
فوداعاً إيها الصديق الأخ وشكراً على كل مابذلت.
محمد العابد