رحيل الممثل الأوسم وسيد الأدوار المركّبة- محمد حجازي
سريعاً صرعه المرض الخبيث في اللثّة، حاول تطويقه بعلاج جراحي في باريس فكانت النتيجة مضاعفات سلبية غير متوقعة، انهارت دفاعات جسم الفنان “محمود عبد العزيز”، وحجبه نجلاه “محمد” و”كريم” عن الإعلام وحتى عن الزوار الأقرب إلى قلبه، مات صاحب أخف دم بين النجوم بحيث كانت جلساته إحتفاليات فرح، لم يضبط خلالها ولا مرة متجهّماً، إلاّ إذا كان يؤدّي دوراً تمثيلياً.أَحب دائماً أن يُنادى بـ”الساحر” نسبة إلى الشريط الذي صوّره عام 2001 بإدارة الراحل رضوان الكاشف ومعه منة شلبي.
70 عاماً فقط عاشها محمود. لكن الممثلين النجوم أمثاله تخلّدهم الشاشات الكبيرة والصغيرة، لذا فمدى حضوره لا حدود له، في وقت قلبنا على مصر التي تخسر ومعها العرب مجموعة كبيرة من الأسماء الأولى، فها هو محمود لا ينتظر كثيراً بعد رفيق دربه ونجاحاته نور الشريف، وفي عين المراقب عن قرب آخرون رصدت الأنباء تدهور أحوالهم الصحية بحكم التقدم في السن، أو الأمراض التي تستقوي على الأجسام المتهالكة أمام السنوات الطوال في فوضى ومتاعب الحياة: نادية لطفي، مديحة يسري، يوسف شعبان، جميل راتب، وآخر من أضيف إلى اللائحة سمير غانم الذي يذرّف على الثمانين، وقد أمضى يومين مؤخراً في غرفة العناية الفائقة بعدما فاجأته نوبة قلبية حادة.
صوّر على مدى عمره الفني الذي يعادل النصف قرن 84 فيلماً سينمائياً، يتوقف النقاد عند مجموعة كبيرة منها على أنها تحف فنية: البريء، مع عاطف الطيب، العار، مع علي عبد الخالق، شفيقة ومتولي، والجوع (أمام الكبيرة سعاد حسني) مع علي بدرخان الصعاليك، مع داود عبد السيد الذي قدّم معه تحفته الفنية الرائعة: الكيت كات، وهو إستعان على الشخصية بمواصفات شخصية الموسيقار الكبير سيد مكاوي الذي “ضحك حتى كاد يغمى عليه من شدة الشبه بين الشخصية وأسلوب محمود في تقليد سيد في الكلام والتصرفات” وفق ما قاله محمود.. لكن بعد عتاب محبة للذهاب بالشخصية إلى أقصى ما تحمله من معاني.
وإذا كانت هذه حاله مع: الكيت كات، في السينما فإن ما إستطاعه في الحلقات التي لا تنسى، عن سيرة “رأفت الهجّان” عام 1994 بإدارة المخرج الكبير يحيى العلمي، خلّدت إسم “محمود” الذي كاد “الهجّان”يُنسي الناس إسمه الحقيقي، وربما لهذا السبب صور بعدها حلقات: محمود المصري، لكن كل هذا لا يلغي أو يقلل من أهمية أدوار لعبها للسينما في: القبطان، خلطبيطة، العذراء والشعر الأبيض، إعدام ميت، الكيف (سخر فيه من الغناء الهابط وتجرّأ على الغناء ولأول مرة للقفا: آه يا قفا)، وكالة البلح، شيطان الجزيرة، نص أرنب، درب الهوى، وسمك لبن تمر هندي.
محمود جرّب الإخراج مرة واحدة في: البنت الحلوة الكذابة، عام 77 ولم يُعد الكرّة، وكان طوال حياته محباً للنقاد لكنه يكره الأحاديث الصحفية ويفضّل عليها إنطباعات الكتّاب عن أعماله.
يرحل محمود عبد العزيز في مرحلة مفصلية للسينما المصرية تحاول معها استعادة توازنها بعد سنوات الثورة التي أوقفت عشرات المشاريع. يرحل الممثل الأوسم بين نجوم السينما والذي اعتبر منافساً حقيقياً لزميله حسين فهمي في الجاذبية، وحب الجنس اللطيف له.
* المصدر: الميادين نت