رحيل المناضل محمد سعد الرازم (فتحي البحرية) – نضال حمد
غادرنا هذا اليوم الخامس من أيلول سبتمبر 2017 المناضل الوطني والقائد الفدائي الميداني فتحي البحرية، قائد قوات البحرية في فتح وأحد أهم المقربين للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، والملقب بصندوق عرفات الأسود. لشدة ما كان يثق به ابو عمار.
فتحي البحرية هو ابن القدس المحتلة وبدأ حياته فدائياً في حركة فتح ولأجل تحرير فلسطين كل فلسطين، أفنى سنوات عمره في النضال الوطني الفلسطيني وخاض كافة معارك الثورة الفلسطينية المعاصرة. وهو بلا شك من رعيل الفدائيين الأوائل في فتح والثورة. رعيل الثوار الذين أمنوا بالكفاح المسلح طريقاً لتحرير فلسطين الكاملة.
الشهيد فتحي هو محمد سعد الرازم من مواليد عام 1947 في مدينة القدس العربية المحتلة، وكان مسؤولاً عن الأعمال السرية الخاصة بحركة فتح في المواجهة مع العدو الصهيوني وكافة اعداء الثورة. نشط في كل الساحات الخارجية والداخلية، من فلسطين المحتلة و بيروت الى تونس والجزائر وليبيا والعراق والعالمين العربي والغربي. اتصف فتحي البحرية بالحذر والصمت فكان قليل الكلام وأمتلك سرعة بديهة. لذا أوكله ابو عمار بمعظم المهامات المعقدة والصعبة وبالذات السرية جدا منها.
في مرحلة ما بعد الخروج من بيروت المحاصرة سنة 1982 واصل نضاله في الساحات الجديدة، وبعد اغتيال العميد منذر ابوغزالة على يد الموساد الصهيوني في اليونان عُيِّن (فتحي البحرية) نائباً لقائد القوة البحرية نهاية عام 1986.
في المؤتمر الخامس لحركة فتح الذي عقد سنة 1989 في تونس انتخب فتحي البحرية عضواً في المجلس الثوري لفتح، وكذلك اعيد انتخابه في المؤتمر السادس الذي عقد في مدينة بيت لحم المحتلة عام 2009.
بقي المناضل فتحي يعيش حياته بحذر خوفاً من الصهاينة الذين لا ينسون شيئاً و يحاسبون كل من واجههم وألحق بهم الأذى والألم بأثر رجعي، تماماً كما فعلوا حين اغتالوا العديد من قادة وكوادر الثورة الفلسطينية بعد اتفاقية اوسلو، ثم توجوا ذلك باغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات رغم أنه كان شريكهم في سلام اوسلو.
كان الصهاينة خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية على علم ودراية بأن لفتحي البحرية عبر الرئيس عرفات يد في محاولة تهريب السلاح وايصال سفينة (كارين A)
المحملة بالاسلحة الثقيلة والصواريخ، بالتنسيق مع حزب الله والجبهة الشعبية القيادة العامة ممثلة بشخص الشهيد المناضل جهاد أحمد جبريل الذي اغتاله الموساد في بيروت على أثر ذلك. وبعد اكتشاف عملية السفينة واغتيال عرفات واعتقال الشوبكي وآخرين اصبح فتحي البحرية من جديد يتنقل بين البلدان العربية والعالمية.
وشاءت الصدف أنني كنت في العام الفائت برفقة وفد الأمانة العامة لاتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين في لبنان، وضم الوفد مراد السوداني ووليد ابو بكر ( فرع الداخل ) ورشاد ابوشاور وخالد ابوخالد وعلي عزيز ( فرع الخارج)، كنا نجلس في احد مقاهي بيروت، حين اتصل الأخ فتحي البحرية وطلب لقاءا معنا وتم ذلك بالفعل. يومها أسرى لنا الراحل أنه في بيروت للعلاج من مرض عضال ألم به. وبدى عليه التعب والارهاق وكان يمشي متكئاً على عكازته، وكنا معاً بعكازتينا نشكل مشهداً مؤلماً لثورة غُدرت وقضية تفعل وتطعن فيها سكانين الأعداء والاشقاء. بعد خروجنا من المقهى وانتهاء اللقاء سألناه أنا والرفيق علي عزيز ان اراد منا ان نوصله بسيارتنا فقال لا لأنه يقيم في مكان قريب من مكان لقاءنا وسيذهب سيراً على الأقدام.
فتحي البحرية مضى الى حيث سوف يمضي كل انسان … لكنه ترك خلفه سيرة عطرة وطيبة لا غبار عليها، ولا يتركها اي شخص إلا اذا كان فدائياً نبض قلبه بحب وطنه وبالعطاء.
وداعاً أخ فتحي.