رحيل رفيق العمر عامر خليل – أبو رامي – نضال حمد
قبل أسابيع كنا في زيارة لمقبرة الشهداء
زرنا الأصدقاء
زرنا الأقارب
قمنا بتنظيف القبور
سقينا الأزهار
تلونا الفاتحة على أرواحهم
وتمازحنا كما في كل لحظة
قلت له ربما أنا سأموت قبلك
وسوف تأتي برفقك ابنك
وتغسل قبري من الغبار
وتسقي الورود والأشجار
وتنشد لي بعض الأغاني
بعد أن تتلو قليلا من آيات الذكر الحكيم
قال لي :
لا أنا من سيموت قبلك
وفي زيارتك القادمة
ستجدني هنا بين هؤلاء الأموات
وستقرأ على شاهد قبري
عامر خليل عاد الى الجليل
بعد قليل يوارى الثرى في مقبرة مخيم عين الحلوة رفيق العمر أبو رامي – عامر خليل – لطالما عشنا يا صديقي في تعب وشقاء وبدون راحة وهناء .. منذ البدايات كنا معاً وحتى النهايات بقينا معاً .. من كان يعتقد أن الأيام التي قضيناها معاً في لبنان الشهر الفائت هي آخر أيام اللقاء، آخر أيام عمرك يا عمري .. آخر مشاورينا المنوعة بين مدن ومخيمات لبنان..ما اصعب الفراق، أنه أصعب من الشقاء ومن العناء ووجع القلب، لأن فراق الذين نحبهم يشطر القلب ويبدله تبديلاً، يجعله مكسورا وحزينا.
معاً جبنا الشوارع في المخيم وكان مخيمنا عين الحلوة هادئاً وديعاً وكم اسعدنا ذلك الهدوء الذي افتقده المخيم طويلا.
معاً زرنا مقبرة درب السيم ومقبرة سيروب وتلونا الفاتحة على أرواح الذين رحلوا قبلك، واليوم في سيروب يا صاحبي جاء دورك.. في رحلتنا التفقدية كان يرافقك ابنك، هذا الصغير المولع بك بشكل جنوني، ترى كيف هو الآن بعد فراقك الأبدي؟
قلت لي أنه لا يفارقك ويرافقك في كل مشاويرك القريبة والبعيدة. إلا مشوارنا الى صور حيث رافقنا رفيقنا وصديقنا المناضل عبد القادر السيد. في صور توقفنا على الكورنيش مقابل مخيم البص، حيث عرفناه في بداياتنا الفدائية أنا وأنت وطارق والعبدين الراحلين الشهيدين ونبيل شقيقك ..
هناك توقفنا قبل أن نتوجه الى مسرح اسطنبولي لتوقيع كتابي ( سأصبح نجماً ) .. وهو كتاب عن الشهداء والراحلين وفي الوفاء لهم. كان عامر رفيقي في التوقيع والرحلة.
عند الكورنيش أخرج عامر قصبة صيد وكرسي صغير قدمه لي كي استريح ريثما هو يباشر صيد السمك. وقف على الصخور برفقة بعض الأطفال الذين كانوا يصطادون السمك. العجيب أنه كان كلما رمى سنارته في المياه خرجت معها سمكة بحجم صغير او متوسط. كان يقدمها للأطفال، وكانوا يفرحون ويقدمون له المزيد من عجينة الصيد.
هذه بضع كلمات عن ذكريات وحياة جمعتني وعامر منذ الولادة وحتى المغادرة. ومنذ البداية حتى النهاية .. وللحكاية الطويلة تتمات كثيرة يا صاحبي المغادر مبكرا .. مبكرا جداً يا ( عروة ) الحبيب.
لروحك السلام يا صديق العمر وسلم على الشهيد الرمز رفيقنا طلعت يعقوب، الذي لنا معه محطات وذكريات سوف آتي بعد أيام على ذكرها.
نضال حمد