رفض كويتي للتطبيع – رشاد أبوشاور
في محادثة هاتفية مع الدكتور سلمان أبوستة الباحث والمؤرخ الكبير مدير عام مؤسسة أرض فلسطين، وهو مقيم في الكويت، وقد توقفنا عند الرفض الكويتي للتطبيع، ودعم القضية الفلسطينية، وبخاصة مواقف رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم المتكررة والواضحة والمنحازة للكفاح الفلسطيني، فأكد لي أن هذا هو الموقف الرسمي والشعبي الكويتي تماما.
بعدئذ تابعت، كما غيري، تطوّر الموقف الكويتي، وتباينه عن مواقف خليجية رسمية تطبيعية، معلنة أو شبه معلنة، وككثيرين سجّلت تقديرا صريحا لهذه المواقف، والتي برزت فيها مواقف شعبية على مواقع التواصل الاجتماعي، ورفض رياضيين كويتيين للعب مع رياضيين يحملون جنسية الكيان الصهيوني، وكتبات في الصحافة الكويتية…
يوم عيد الأضحى انفجرت المواجهات بين أهلنا في القدس، وكالعادة في ساحات المسجد الأقصى..وبين شرطة الاحتلال التي دفعت بعشرة آلاف منهم مدججين بالأسلحة وبقواذف قنابل الغاز، وبهدف حماية مستوطنين تهيأوا لاقتحام باحات المسجد بحجة إحياء ذكرى سقوط الهيكل، وقد سقط العشرات بالرصاص المطاطي والاختناق بالغاز. لم يرتفع صوت عربي رسمي مستنكرا وشاجبا،ومعلنا إدانته لهذا العدوان الذي يمهد عمليا بالاقتحامات المتتالية في الفترة الأخيرة لما هو أبعد من القمع..فهو يستهدف الأقصى، ويرمي إلى التقسيم المكاني والزماني، وفعل ما فعله في الحرم الإبراهيمي في الخليل!
تصريحات رئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم التي أطلقها مباشرة تعليقا على ما يحدث، المنحازة للفلسطينيين المقاومين العزّل في باحات الأقصى، والمدينة للصمت العربي الرسمي، والداعية للعمل حثيثا على المستويات السياسية والثقافية والحقوقية عربيا وإسلاميا ودوليا..هي فقط التي سمعناها من رسمي عربي، والتي أدانت وشجبت ممارسات الكيان الصهيوني ووحشيته، وهي ليست جديدة، بل هي تنضاف إلى مواقف معلنة سابقة، وهي جديرة بالاحترام في زمن يلوذ فيه الحكام العرب بالصمت الذي هو تواطؤ ضد فلسطين، وشعبها، وأقدس مقدسات العرب والمسلمين.
لاعب التايكواندو الكويتي انسحب من بطولة أوزبكستان رافضا لقاء مصارع من الكيان الصهيوني، وفضّل خسارة البطولة والانسحاب منها على لقاء من يحتل فلسطين…
هو ليس أول رياضي كويتي ينسحب من لقاءات رياضية رفضا للقاء مع من يحتل فلسطين..وهذا ينسجم مع الموقف السياسي الرسمي، ويعبّر عن موقف شعبي كويتي عام ينحاز لفلسطين، وشعبها، وقضيتها.
قبل أيام شاهدنا ذلك( الشخص) السعودي الذي أراد زيارة الأقصى، فعاقبه أطفال وشباب فلسطين بالطرد..والبصاق عليه، وصرخوا في وجهه: اذهب وصل في الكنيست يا..وهذا موقف شعبنا من كل المطبعين، رسميين، أو أشخاصا مضللين، أو مدفوع بهم…
عندما نرى شبابا عربا، من أي بلد عربي، يرفضون التطبيع، ويعبرون عن انحيازهم لفلسطين، ولعروبتهم، وعندما نسمع ونرى رسميا عربيا يرفع صوته مدينا الكيان الصهيوني، ومنحازا لمقاومة الشعب الفلسطيني، وأهلنا في القدس، فإننا بالتأكيد نعرف الفرق بين منحاز لفلسطين..ومطبّع مع العدو الصهيوني، وشعبنا يُعاقب..ويُثيب..وهو وفي للأوفياء.
تحية لمن يرفضون التطبيع، ويؤمنون بعروبة فلسطين..ويرون في الكيان الصهيوني عدوا وخطرا على الأمة كلها، في كل أقطارها.
وكلمة أخيرة: من ينحز لفلسطين سيكسب نفسه، وكرامته، وعروبته، وضميره إن كان فردا..وإن كان هذا موقف دولة عربية فهي تكسب مهما دفعت من ثمن..وما تكسبه هو الأبقى، فدولة عربية مستقلة لا يمكن أن تكون إلاّ مع فلسطين، لأنها بهذا تكون مع انتمائها العربي.
الموقف الكويتي الشعبي والرسمي يستحق التقدير..وهو الأفضل والأوضح شعبيا ورسميا بين بلدان الخليج العربي.